q
اقتصاد - تنمية

الموارد المائية في العراق: المشكلات والحلول

المحور الرابع: قطاع الزراعة والري والمياه والثروة الحيوانية

لقد حذرت استراتيجية موارد المياه والأراضي في العراق 2015-2035 انه بحلول عام 2015 سيعاني العراق من انخفاض مطرد في قدرته على تلبية حاجاته المائية وانه بحلول عام 2020 فإن العراق سوف يصطدم بحقيقة انه لن يكون لديه الكمية الكافية والنوعية الجيدة من المياه العذبة لتلبية...
ورقة دراسة موجزة: د. حسن الجنابي/وزير الموارد المائية

 

المقدمة:

انجزت وزارة الموارد المائية أواخر عام 2014 استراتيجية موارد المياه والأراضي في العراق 2015-2035 والتي تلبي الحاجة إلى تعزيز الأمن المائي والغذائي والطاقة وتحافظ على البيئة. هذه القطاعات الماء والغذاء والطاقة والبيئة، ترتبط ارتباطا وثيقا ببعضها بحيث ان التأثير على أي منها سيكون له تداعيات لا مفر منها على القطاعات الأخرى. وان الربط أو العلاقة بين هذه القطاعات يسلط الضوء على الحاجة إلى التوازن الدقيق بين الاستخدامات المتنافسة للمياه وتسعى هذه الاستراتيجية إلى تحقيق مثل هذا التوازن.

لقد حذرت استراتيجية موارد المياه والأراضي في العراق 2015-2035 انه بحلول عام 2015 سيعاني العراق من انخفاض مطرد في قدرته على تلبية حاجاته المائية وانه بحلول عام 2020 فإن العراق سوف يصطدم بحقيقة انه لن يكون لديه الكمية الكافية والنوعية الجيدة من المياه العذبة لتلبية احتياجاته التنموية. يمكن تفادي هذا المسار المخيف فقط عن طريق عمل اصلاح كبير في استخدام المياه وتوزيعها وحلها بشكل كامل من خلال التوصل إلى اتفاق مع الدول المتشاطئة من دول أعالي النهرين ووجود استراتيجية لموارد المياه والأراضي في العراق يتم خلالها إنجاز إصلاح رئيسي لقطاع المياه في العراق. من ذلك يتضح ان هناك عجزا مائيا متوقعا وهناك تحديات رئيسة على العراق ان يتعامل معها على مختلف الأصعدة لوضع الحلول لها و تلافيها.

1 ــ الأمن المائي

تشمل رؤية العراق للأمن المائي ضمان إمدادات المياه لسكان العراق بشكل كاف من حيث الكم والنوع. إن السياسات والممارسات التي تساعد على تحقيق الأمن المائي في العراق تساعد في نفس الوقت على حماية وتعزيز مجالات أساسية أخرى مثل الصحة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وخدمات النظام البيئي فضلا عن السلام والأمن. ان التدهور المرتقب في نوعية وكمية المياه يخلق الحاجة الملحة للعراق لإدارة وضعه المائي بشكل شامل سواء من خلال الحوارات مع جيرانه من دول أعالي النهرين ومن خلال إدارة استهلاكه للمياه مما يوجب وضع الخطط لتحسين الاستفادة من إمدادات المياه المتوقعة في العراق بما في ذلك تحسين عمليات الخزن وزيادة كفاءة استهلاك المياه.

• النتائج الرئيسة للأمن المائي:

- التأكيد على إعادة تأهيل سد الموصل، وأن يتم حل مشاكل أساساته في أسرع وقت ممكن وفيما اذا لم يتم إعادة تأهيل هذا السد أو إذا لم يتم بناء سد بادوش فان العراق سوف لن يكون قادرا على تحقيق الأهداف الكاملة للاستراتيجية.

- لم تؤيد هذه الاستراتيجية انشاء سدود كبيرة في العراق ولكن بالمقابل شددت على انشاء سدود لأغراض الطاقة الكهرومائية اضافة الى سدود صغيرة لأغراض حصاد المياه وتغذية المياه الجوفية في مناطق الصحراء الغربية والشرقية.

- لقد اعتبرت تلبية احتياجات المياه في القطاعات البلدية والصناعية على أنها أولوية مطلقة.

- زيادة عدد منشآت معالجة المياه بحيث أنه بحلول عام 2035، تكون قادرة على تزويد ما يزيد عن 8 مليار متر مكعب سنويا لقطاع البلديات (هذه الكمية لا تتوقع أية مكاسب في كفاءة الاستهلاك). اضافة الى التوسع في عدد منشآت معالجة مياه الصرف الصحي فبحلول عام 2035 لا بد ان تكون المنشآت قادرة على معالجة 2 مليار متر مكعب لكل سنة ليتم اعادتها إلى الأنهار.

- تحسين وتوسيع شبكة أنابيب المياه وتحقيق تناقص مطرد في خسائر

- شبكة التوزيع اضافة الى استخدام العداد لمراقبة الاستهلاك.

2 ــ الأمن الغذائي

إن رؤية العراق هو تحقيق أمن غذائي مستقر للمواطن من خلال زراعة الأراضي الخصبة واستخدام العمال المهرة والمعدات المناسبة، والإدارة السليمة للمزارع. ان الحفاظ على الأراضي الزراعية الموجودة في العراق والتي تقدر بما يقارب 13 مليون دونما يتوقف على اعتماد كفاءات جديدة لاستخدام المياه في القطاع الزراعي مما يتطلب اعادة تأهيل ما يقرب من 5.5 مليون دونما واستصلاح 7.5 مليون دونما موزعة على عموم العراق.

ان الاستهلاك الحالي للمياه في قطاع الزراعة مرتفع جدا، وكفاءة الري الإجمالية الحالية منخفضة جدا. عليه يجب ان تنفذ تدابير المحافظة الفورية على المياه في القطاع الزراعي لتأمين كميات كافية من المياه تكون متاحة لدعم جميع مستخدمي المياه في العراق. ان حاجة العراق للغذاء تدعو الى بذل نشاط أكبر من المزارعين للمساهمة في تكاليف الاستثمار والحفاظ على الموارد الطبيعية فقد لوحظ ما يأتي:

- معظم الزراعة في العراق تمارس اليوم في المزارع الصغيرة التي تسير بنظام مدخلات منخفضة نسبيا وبالتالي تعطي مخرجات منخفضة، وهذا يعني انه يتم استخدام تقنية محدودة في المزارع وبالتالي تحقيق محاصيل زراعية ومكاسب اقتصادية منخفضة.

- استخدام الكيمياويات المتاحة جنبا إلى جنب مع سوء الاستخدام وندرة الأسمدة العضوية تجعل المحاصيل الزراعية قليلة نوعا ما وفقا لمعايير المقارنة.

- تقادم الآلات الزراعية وعدم كفاية المهارات التقنية لدى معظم المزارعين تساهم في إضعاف وتقليل الإنتاجية.

- إهمال الري داخل المزرعة بالإضافة إلى ان ممارسات الري الرديئة خفضت كفاءة الري الإجمالية ما بين 30 الى 40%، وهي تقريبا نفس النسبة مقارنة مع 1980.

- ان إنتاجية المياه المنخفضة التي لوحظت في معظم الزراعة المروية في العراق تعود الى أربعة مصادر رئيسية:

✓ المشاكل الاجتماعية والثقافية مثل انخفاض المهارات الزراعية، وانخفاض الدافع للاستثمار داخل المزرعة وفي إدارة الري وتحسين الأنشطة، وانخفاض الحافز للأعمال المشتركة.

✓ القيود من المزارعين أنفسهم كالسيطرة والسلطة على فترات الري والتقنين، ونقص المدخلات الزراعية.

✓ القيود والمشاكل التقنية والبنية التحتية مثل عدم ضمان وصول المياه المخصصة إلى الأراضي الزراعية بسبب سوء صيانة شبكات القنوات، وضعف توزيع المياه وادارتها داخل الحقل، وعدم كفاية تسوية الحقل، وممارسة الري بالاغمار.

✓ مشاكل إدارة الأراضي التي تؤثر على الري، على سبيل المثال، عوائق التدفق وأساليب الري وتجهيز الأرض، وسوء استخدام مرافق سحب المياه، وغيرها من العوامل التي يمكن التغلب عليها بسهولة ودون استثمارات كبيرة.

• النتائج الرئيسية للأمن الغذائي:

- إذا لم ينجح العراق بالتفاوض على اتفاق حول نوعية المياه مع الدول المتشاطئة واذا لم يستكمل شبكات البزل الرئيسة فسيؤدي ذلك الى تدهور نوعية المياه على طول الأنهار وسيسبب انخفاض بنسبة تصل إلى 20% في الإنتاج الغذائي مؤدياً الى خسارة أكثر من 2 مليون دونما من الأراضي الزراعية على مدى السنوات العشرين المقبلة.

- تحديث الزراعة في العراق بما في ذلك إدخال طرق الري المضغوط في جميع أنحاء البلاد والذي سيكلف 45 مليار دولار على مدى السنوات العشرين المقبلة. ومع ذلك فان فشل التحديث سيكون أعلى كلفة من ذلك بكثير. وإن الفشل في تحسين قطاع الزراعة سيكون بمثابة نهاية للزراعة في العراق وما يترتب عليها من البطالة والهجرة من الريف إلى المناطق الحضرية وانعدام الأمن الغذائي.

3 ــ الأمن البيئي

نظرا للنقص في إمدادات المياه فيما لو لم يتم التوصل الى اتفاق مع الدول المتشاطئة، فانه لن يتم تقديم خدمات كبيرة للبيئة وستعاني من خسائر كبيرة فالتدفقات البيئية الدنيا لا يمكن أن تكون مضمونة في كافة أنحاء البلاد. وفي السنة الهيدرولوجية المتوسطة سيتم إنعاش الأهوار في جنوب العراق جزئيا فقط.

• النتائج الرئيسة للأمن البيئي:

- تخصيص 5.3 مليار م3/سنة من المياه العذبة للأهوار من أجل منع الخسائر الاجتماعية والاقتصادية في أنحاء البلاد.

- إذا ما تم ضمان تدفق بمقدار لا يقل عن 50 م3/ثا على كامل طول نهر شط العرب، فان تسرب الأملاح من البحر يمكن تجنبه، وعليه ان بناء سدة على شط العرب يصبح غير ضروري أيضاً.

- وتحدد الاستراتيجية كذلك الحدود الدنيا للجريان البيئي و لمنسوب المياه في مواقع مختلفة من المحافظات و المدن العراقية لضمان تجهيز البلديات بالمياه.

4 ــ أمن الطاقة

إن تصور العراق للطاقة هو أن تكون مستقلة في مصادرها بما في ذلك الطاقة المتجددة بوصفها عنصراً أساسياً مع توسيع نطاق الحصول عليها. تفترض هذه الاستراتيجية أن سد الموصل سيتم إعادة تأهيله، وسيتم تشغيل الخزانات بأكثر كفاءة، كما ان 23 سدا صغيرا- متوسطة الحجم مخطط لها من الممكن ان تساعد في زيادة حصة الطاقة الكهرومائية في مزيج الطاقة اضافة الى قابليتها الخزنية لما يزيد عن 11 مليار م3.

• النتائج الرئيسة لأمن الطاقة:

- إن المشاريع النفطية تحتاج 1.7 مليار متر مكعب من المياه سنويا بحلول عام 2035، و ان 69% منها يجب أن تؤخذ من البحر.

- بافتراض أن بغداد وأربيل ستطور محطات الطاقة الكهرومائية كل على حدة، فان ذلك سيؤدي الى مساهمة الطاقة الكهرومائية بـ 3.3% من إجمالي توليد الطاقة في العراق بحلول عام 2035.

- ان ضمان التدفق الأدنى لمحطات الطاقة ومآخذ مياه الاستخدامات المنزلية سيكون تحديا. لذا تم وضع مقيدات لمناسيب المياه وعدم انخفاضها في مناطق مختلفة من العراق.

5 ــ التخصيصات والاستثمارات

لقاء مجمل الأعمال المذكورة آنفا على مستوى الأمن المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة والحفاظ على البيئة لحل المشكلات يتطلب تخصيص مبالغ سنوية بمعدل 4 مليار دولار/سنة خلال العشرين سنة القادمة موزعة على قطاعات المياه المختلفة كالسدود والسدات وتأهيل واستصلاح المشاريع الإروائية وشبكات البزل الى غير ذلك.

..................................
* تدعو الأمانة العامة للهيئة الاستشارية العراقية للإعمار والتطوير (ICADP)، التي تأسست عام 2010، الأخوات والإخوة الزملاء الأعزاء من الأكاديميين والخبراء العراقيين المختصين في مختلف المجالات والميادين العلمية والثقافية من داخل العراق وخارجه، لتقديم رؤيتهم لإصلاح الوضع في العراق، من خلال: تقييم تجربة الحكم والعملية السياسية وإدارة الدولة ما بعد عام 2003 وإيجاد الحلول الناجعة لإخفاقاتها، عِبرَ مشاركتهم بدراساتهم ومقترحاتهم العلمية كلٌ حسب اختصاصه، وتقييمها بالشكل التالي:
أولاً ـــ تحديد المشاكل والمعوقات فيما يتعلق بالموضوع الذي يتم إختياره.
ثانياً ـــ تقديم الحلول والمقترحات العلمية الواقعية لها دون الخوض في تفاصيلها.
وإرسالها عن طريق البريد الالكتروني: E- mail: [email protected]
د. رؤوف محمّد علي الأنصاري/الأمين العام

اضف تعليق