q

بين أوراق الشجيرات الواطئة وعطر الزهور، كنت ولا زلت أستمع لأجمل الألحان والتراتيل في العالم، أوتار تجيد لحن الطمأنينة والهدوء والجمال، عشاق الزهور واخضرار الأشجار، فقط سيفهمون كلامي، حيث يسافرون في مملكة الزهور والفراشات والطيور والشجيرات الى عالم ما وراء الطبيعة، إنه عالم هادئ بعيد عن تلوث البيئة، وجفاف الحياة، حيث تجد نفسك للحظات تفكر بنقاء هذا العالم البريء الأخضر....

هناك مقولة تقول: أن تزرع حديقة فأنت إذاً تؤمن بالغد.

يكمن في روحي حب كبير تجاه اللون الأخضر، لذلك عندما أضيع في دوامة الحياة وترهقني المصاعب، أرجع الى شجيرتي لأضع حملي الثقيل على جانب، وأستعيد نشاطي وانا انظر الى الأغصان المتشابكة مع بعضها، كأنها أذرع تحتضن بعضها، منظر يشعرني بالأمن والسلام والتعاون ودفع الحياة الى أمام، بالاضافة الى جمال هذا العالم المتفرد بنقائه، ولكن لقلة معلوماتي هناك دافع يجبرني أن أبحث باستمرار في الكتب والشبكات المعلوماتية ومواقع التواصل، كي أزيد معلوماتي في هذا المجال، ومن أجمل ما تطرقت إليه هي:

غصن يبتسم للحياة

عندما تزرع بذرة تزرع الأمل، وعندما تصبح البذرة غصنا أخضر يبتسم الأمل.. وعندما يزهر الغصن الأخضر تضحك الحياة.. تخيلت الجنين النائم في البذرة، كلاهما نائمان في رحم الأرض، قطرة ماء واهتمام وتبدأ مسيرتها.. كالحياة الزوجية بالضبط، تبدأ من بذرة صغيرة ثم تنمو مع الاهتمام من الطرفين، ثم تكبر وتشق الأرض وتصبح شجرة وتعلو شامخة في سماء الكبرياء.

إذاً من الخطأ أن نبادر في الزراعة قبل أن نتعلم زرع البذور،هناك من يدفع الكثير ليحصل على معلومات حول (الطبخ والتجارة وووو)، ولكن قليل من يبحث عن معلومات حول الحياة الزوجية، لأن الجميع يظنون انهم يعلمون كل شيء حول هذا العالم، عالم الزوجية، وهو في الحقيقة عالم له خصوصية واسرار وعقبات ومصاعب، لذلك للأسف الشديد، يوجد الكثير منا ليس لديهم معلومات كافية ووافية في هذا الجانب الحياتي الحيوي.!

فالذكر لا يعرف كيف يتعامل مع شريكة حياته !

والأنثى لا تعرف كيف تتعامل مع شريك حياتها!

وكلاهما قد ينسى الآية الكريمة:

(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) صدق الله العلي العظيم.

وهناك مشكلة اجتماعية تتعلق بهذا الموضوع، هذه المشكلة عبارة عن عادة تعلمها الناس (الرجال والنساء)، يمتنعون عن النقاش حول عام الزواج ومستلزماته العاطفية وما شابه، وقد يعتبرون مناقشة هذه الأمور غير مسموح بها؟!، ومن العيب أن يتكلم أي منهما (الزوج والزوجة)، عن هكذا أمور، لهذا يدخلان الحياة الزوجية ويؤسسان (مملكة الصبر والحلم) وهما لا يعرفان ما هو المطلوب منهما!.

هذه الحالة شبيهة بإجبار شخص ما على الجلوس في كرسي قيادة السيارة، وتطلب منه أن يمسك بالمقود، ليباشر عملية السياقة وهو لا يمتلك أي معلومة او معرفة مسبقة بها، ولا يعرف أدنى فكرة عن القيادة السيارة في الشارع، وقد يتخلل ذلك حوادث، بعضها ربما يكون خطيرا، وهذا ما يوصله الى الفشل، نفس الشيء يحدث في عالم الزواج، اذا كنا بلا معرفة بهذا العالم، فإن قلة المعرفة بهذا العالم، توصلنا الى الظاهرة التي كثرت في مجتمعنا في الوقت الحالي، ونعني بها ظاهرة (الطلاق).

المرأة تزرع الأمل

الحياة الزوجية كالبذرة الصغيرة، تبدأ نشاطها وهي صغيرة جدا، ثم تنمو بمرور الأيام، في الزراعة تتعلم كيف تكون صبورا، تنتظر أياما، كي ترى بذرتك الصغيرة، تُخرج رأسها من التراب ..نحو الهواء الطلق، نحو عالم النماء والوجود...

كذلك الحياة الزوجية تحتاج الى كثير من الصبر والحلم.

في الزراعة يجب أن ترعى النباتات وتهتم بالزرع، ويجب أن تسقيه بشكل مستمر، وأحيانا عليك أن تجدد التربة، وتضيف الأسمدة، وتستعمل المبيدات، حتى تحمي الزرع من الآفات والأمراض، الأمر ليس سهلا، هناك جهود تبذلها، وهناك خسائر مادية، لكنك بالنتيجة سوف تحصد أثمار وفيرة ومفيدة، هي نتيجة طبيعية للتعب الذي بذلته من اجل زرعك، كذلك الحياة الزوجية، مطلوب أن تبذل أقصى الجهود كي تجعلها ناجحة، إنها تشبة عملية الزراعة، فاذا لا ترعاها جيدا وتهتم بها، ستموت بلا شك!.

الإفراط والتفريط ممنوع، فكما أن الماء القليل يقتل الزرع، فإن الكثير منه سوف يقتل الزرع أيضا، هنا يجب أن تكون معتدلا في علاقتك مع زرعك (زوجك).

كما قال أمير الكلام، الامام علي (ع): لا تكن يابسا فتكسر ولا تكن لينا فتعصر.

عندما تزرع البذرة تزرع الأمل.. كم هو جميل أن يصبح للرجل أمل في الحياة، يسعى لأجله، والأجمل أن تكون هي من تزرع الأمل في قلبه ..وتحافظ على هذه البذرة لتصبح غصنا أخضر يبتسم بالأمل.

مطلوب أن يهتمّا معا في بذرة زرعاها معا، منذ زواجهما لتصبح تلك البذرة شجرة، وتعلو شامخة في السماء بكبرياء، فتثمر فاكهة تكون قرة أعينهم في الدنيا قبل الآخرة، وكم هو جميل، فيما لو تعرضت للضياع في دوامة الحياة، تجد نفسك تمتلك مكانا تلجأ إليه، لتضع حملك الثقيل على جانب وتبدأ من جديد.

فالعائلة (الزوج/ الزوجة/ الأولاد والبنات)، هي المكان الدافئ الذي يلجأ إليه الغارق في محيط الحياة ومشاكلها. العائلة هي تلك البذرة الصغيرة، ولكن باهتمام شخصين ناضجين صبورين واعيين، وصلت الى ما وصلت من تقدم وازدهار واستقرار ونجاح.

اضف تعليق