ان بناء دولة متحضرة قادرة على مواكبة التطور الحضاري المتسارع تحتاج الى حرص وشعور وطني ليس من الفئة التي تقود البلد فحسب وانما من كل فرد يعيش تحت مظلته، سواء كان ذلك في اطار تقوية ومعاضدة مسيرتها الصحيحة ام في اطار القدرة و الاستعداد لتقويم الاخطاء التي تعيق النهوض بالبلد وبناء مستقبله...
لا شك ان اولى الحضارات لم تكن لتنشأ لو لم يتوفر العامل الرئيس الذي يمهد لذلك النشوء وهو ايجاد نظام اجتماعي ينظم حياة الافراد والمجتمع، ويسهل عملية التبادل الفكري والاقتصادي والامني، وكل ذلك يحتاج الى توفر حالة من التعايش السلمي بين افراد ذلك المجتمع، وبسيادة السلم تجري عملية البحث عن توفير كل ما يسهم في تحقيق الرفاهية والعيش الكريم للأفراد.
ان حالة التعايش السلمي هي حاجة وضرورة من بين اهم ضرورات الحياة وديمومتها واستقرارها، فعملية التطور الحضاري لا يمكن ان تتم في ظل اجواء التناحر والتحارب وسيادة الفوضى. كما ان التبادل المعرفي والاقتصادي يحتاج الى توافق يسهم في فتح الممرات الآمنة لعمليات التفاعل والتبادل. ومن نافلة القول ان الفرد لا يمكنه ان يوفر كامل احتياجاته وانما يحتاج الى الآخرين ليسهموا في توفير الجزء الذي يعجز عن توفيره لذاته.
واذا تفحصنا مجريات التاريخ سنجد ان كل عمليات التطور الفكري والعلمي والاقتصادي قد تمت في ظل مجتمعات يسودها السلام والامن ويسير حياتها القانون.
وسنجد الى جانب ذلك ان الكثير من الحضارات العظيمة قد تحطمت وتدمرت بفعل التحارب والتناحر الذي كانت تؤججه الانانية والرغبات الفردية و التطرف الفكري والعنصري.
ولعل من بين اهم ركائز السلم المجتمعي هو تنمية روح الانتماء للوطن باعتباره واحدا من اهم المشتركات التي يلتقي عليها جميع افراد المجتمع بكل معتقداتهم وانتماءاتهم القومية والفكرية. ومن بين اهم ما ينمي احساس الفرد بانتمائه للوطن هو شعوره بقيمته الانسانية باعتباره جزءا فاعلا في المجتمع له من الحقوق ما يمكنه من اداء واجباته على اكمل وجه، تحت ظل قوانين وانظمة تضمن له العيش الكريم وممارسة حرياته الفكرية والعقائدية.
ان اعتماد مبدأ الديمقراطية نظاما لقيادة المجتمع يتطلب ان يكون هناك وعي تام بأهمية ادراك الحدود الفاصلة بين النظام والفوضى، فالديمقراطية نظام يسمح للفرد ان يمارس حياته ضمن نطاق لا يتعدى فيه على حقوق الاخرين ولا يشكل عبئا او تهديدا للمجتمع.
ومن بين اهم ركائز السلم المجتمعي هو اعتماد مبدأ التسامح والتخلص من تبعات الماضي وتجاوز كل ما من شأنه ان يصنع الفرقة وينميها بين افراد المجتمع وربما كان هذا هو الاساس الذي يمكّن حالة السلم والتعايش من الرسوخ والثبات سواء بين الافراد ام بين المكونات باعتبارها اطارا جامعا لجماعة ذات توجه مشترك.
ان بناء دولة متحضرة قادرة على مواكبة التطور الحضاري المتسارع تحتاج الى حرص وشعور وطني ليس من الفئة التي تقود البلد فحسب وانما من كل فرد يعيش تحت مظلته، سواء كان ذلك في اطار تقوية ومعاضدة مسيرتها الصحيحة ام في اطار القدرة و الاستعداد لتقويم الاخطاء التي تعيق النهوض بالبلد وبناء مستقبله.
اضف تعليق