في اغلب البلدان ضاعت هوية هذه الاشارة فقد امست هجينة المواقف والشعور فتارة نراها منتشرة في صور اعياد الميلاد وصور الافراح وملتقى الاصدقاء وغيرها من المواقف دون ان تكون واضحة المعالم، الأسباب التي تقود مجتمع ما أو أمة الى هذا الحال، ليصبح ممسوخاً من الناحية الفكرية وفاقد للهوية، أسباب عديدة، منها...
في الآونة الأخيرة كَثُرَ مشاهدة اشارة النصر او السلام في اغلب صور الشباب والبنات وحتى صور مشاهير العالم التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل الانستغرام او الفيس بوك وغيرها من مواقع التواصل وهي الاكثر استخداماً في اغلب دول العالم.
وتتم برفع الاصبعان الوسطى والسبابة وتكون بشكل حرف الـ(V) وتستخدم كحركة لخفة الظل او لتضفي للصورة طابعاً للمرح او الابتعاد عن طابع الجمود لتعطي للناظر ايحاءً بالحركة وغيرها. مع ان اغلب هؤلاء لا يعرف معنى تلك الاشارة واصلها.
ان نشأة هذه العلامة واصلها كان لـِ (تيفون وابوفيس) اثنين من الاله اليونانية والرومانية وكان اول استخدام مسجل لها في (Macclesfield Psalter) كتار انكليزي قديم. وفقاً للاسطورة الشعبية المحبوبة تدرجت العلامة من الرماة في الجيش الانكليزي في (حرب المئة عام) تحديداً في معركة (اجينكورت) تدعي القصة ان الجنود الفرنسيين كانوا يريدون أن يقطعوا اصابع الرماة الانكليزيون عند اسرهم بعد المعركة.
ولكن خرج الانكليز من المعركة منتصرون وبدأوا يتباهون لان اصابعهم لاتزال سليمة، ولم تذكر هذه الحركة في تاريخ الفرنسيين حتى القرن السادس عشر ولكن البداية الفعلية لها كانت في القرن العشرين عندما تم تصوير عامل في انكلترا في عام 1901يستخدم هذه الحركة قاصداً بها انه لايريد ان يتم تصويره.
وكذلك (ونستون تشرشل) استخدم علامة الـ(V)بكلا الاصدارين قاصداً حرف الـ(V) بمعنى (Victory) اي النصر في الحرب العالمية الثانية وقد استخدمها وفي يده سيجار بين اصبعيه. لاحقاً استخدمها وراحة اليد الى الخارج بعد ان علم عن استخدامها المسيء وراحة اليد الى الداخل وقد ظهرت له الفكرة في حملة من الـ BBC. وكذلك في حرب فيتنام والنصر والسلام حيث ان الرئيس الامريكي (ريتشاردنيكسون)
استخدم الإشارة بمعنى النصر، واصبح شيئا يعرف به الرئيس واشتهر به. وقد استخدمها أيضا عند مغادرته مكتب الرئاسة في 1974 اخذ نيكسون العلامة من الرئيس ايزنهاور، الذي كان نيكسون نائبا له.
مظاهرة على الحرب، كانت هناك مجموعات تستخدمها بمعنى السلام لأن الهيبيين اليوم تومض في كثير من الأحيان هذا التوقيع (من أصل النخيل)، في حين يعلو صوته “سلام”، أصبح من المعروف شعبيا (من خلال الجمعيات) وعلامة السلام.
ولها معنى ايضا في الاسلام فان علامة النصر تكون برفع اصبعاً واحداً وهو السبابة ويدل على التوحيد بمعنى الله عز وجل واحداً لا شريك له.
والغالب يقول علامة النصر هي (علامة صمود حتى الحصول على احدى الحسنيين إما النصر او الشهادة) وتحدث برفع الاصبعان الوسطى والسبابة على هيئة رقم (7) او مشابهة لسيف ذو الفقار سيف الامام علي عليه السلام، ولها معان اخرى عديدة ذكرت في مصادر عديدة منها علامة للماسونية او علامة الشيطان وغيرها.
ففي اغلب البلدان ضاعت هوية هذه الاشارة فقد امست هجينة المواقف والشعور فتارة نراها منتشرة في صور اعياد الميلاد وصور الافراح وملتقى الاصدقاء وغيرها من المواقف دون ان تكون واضحة المعالم.
الأسباب التي تقود مجتمع ما أو أمة الى هذا الحال، ليصبح ممسوخاً من الناحية الفكرية وفاقد للهوية، أسباب عديدة، منها ما يدور بين الأمم من سباق مضطرد على التفوق الذي يأخذ مناحٍ عديدة، فالحروب التي قامت بها الإمبراطوريات العظمى على مر التاريخ أخذت شكل القوة العسكرية التي تهيمن من خلالها هذه الإمبراطوريات على سواها، ولكن مع استمرار الوجود البشري وتطور أشكال الهيمنة، ظهرت قوى أخرى للسيطرة على الآخر لا تلجأ الى استخدام القوة.
ومن هذه الأساليب الجديدة، تهجين الهوية والاستلاب الفكري، اساليب مجرَّبة وكفيلة بإيقاف حركة الأمة وجعل عقلها الجمعي كفيفا، وغير قادر على إنتاج الفكر الذي يمكنه وضع حد للفكر المهاجم، لأسباب كثيرة، منها الفقر المادي والثقافي والعلمي، وحالة الإبهار التي يُصاب بها الأفراد المستلَبون، فضلا عن الشعور بالدونية إزاء الآخرين، ومثالنا اليوم هو نموذج الفكر الغربي الذي يسعى بكل ما أوتي من أساليب لإصابة العقل الجمعي الآخر بالضمور ومن ثم التوقف عن المواجهة الفكرية، وهي معركة وإن لم تكن بقوة السلاح، لكنها لا تقل ضراوة عن تلك الآثار التي تخلفها الحروب.
اما في بلدي العراق باتت هذه العلامة ملازمة لنا وحتى الاطفال اثناء تجولهم عندما يروا اية الة تصوير يشيروا بالنصر ولا اعلم عن اي نصر يتحدثون وكأن ارواحهم البريئة الطاهرة منتصرة بالامل بغد اجمل على الرغم من كل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد وكان العراقيون جميعاً رجال ونساء شباب وشيوخ واطفال ياكدوا فكرة (الانتصار على النفس هو اعظم انتصار) فهم انتصروا على انفسهم بمقاومتهم للظروف القاسية واستمرارهم بالحياة وهم يحملون في قلوبهم ودواخلهم امل السلام بعراق افضل وارقى واسمى.
باختصار يحتاج مشروع التصدي للاستلاب الفكري، إعمال العقل العلمي المفكر والمخطط، ووضع إستراتيجية فكرية بعيدة المدى، على أن تشمل كل قطاعات الحياة الفاعلة في الأمة، فمثلا الثقافة يلزم أن تقوم على أسس ذاتية بحتة، تُستمَد من تاريخ الأمة الثقافي مع ملء جميع الثغرات التي يمكن أن تتسلل منها الثقافات الأخرى بقصد تدمير الثقافة الذاتية وتهجين الهوية.
اضف تعليق