بات الانتحار من ابرز الظواهر الاجتماعية التي تعاني منها معظم المجتمعات سواء اكانت غنية ام فقيرة وبانتشار متصاعد خلال السنوات القليلة الماضية، مما يدل على ان تفاقم هذه الظاهرة جاء نتيجة لتزيد متطلبات الحياة وتعقديها مع ضمور القيم الاجتماعية والثقافة الدينية في الكثير من المجتمعات المعاصر فتعددت اسبابه واختلفت اساليب ضحايا الانتحار، إذ تختلف طريقة الانتحار باختلاف الأساليب وبحسب البلد أيضا، كما ترتبط جزئيًا بمدى توافر الوسائل، كالشنق أو التسمم أو القفز من مكان مرتفع ...الخ، لذا تباينت الآراء حول الدافع نحو الانتحار.. فهل يعكس شجاعة الشخص المنتحر أم جبنه وانعكاس لفشله وعدم الحاجة لاستمرار حياته.
يرى الخبراء في الشأن الاجتماعي إن هناك ما بين 800.000 إلى مليون شخص تقريبًا يموتون كل عام عن طريق الانتحار، مما يجعله عاشر الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، والمعدلات أعلى في الرجال عنه في النساء، حيث أن الذكور أكثر عرضة لقتل أنفسهم من الإناث بمقدار 3-4 مرات، فهناك ما يقدر بنحو من 10 إلى 20 مليون محاولة انتحار فاشلة كل عام، وهذه المحاولات أكثر شيوعًا بين الشباب والإناث، والانتحار حاليا ثاني أسباب الموت بين الفئة العمرية التي تتراوح بين 15 و29 عاما، وأن 75% من حالات الانتحار تسجل ما بين متوسطي الدخل وسكان الدول الفقيرة. بحسب منظمة الصحة العالمية.
ويوجد عدة أسباب للانتحار أهمها ضعف الوازع الديني لدى الإنسان، الجهل والجزع وعدم الصبر، الانفتاح الإعلامي والثقافي غير المنضبط الذي نعيشه في مجتمعنا المعاصر، كثرة المشكلات الأسرية، التأثر الشديد ولاسيما عند صغار السن ومحدودي الثقافة بما تبثه القنوات الفضائية من أفكار وموضوعات تحث على الانتحار بصورة مباشرة، بالإضافة إلى اليأس، والذي كثيرًا ما يُعزى إلى اضطراب نفسي مثل الاكتئاب أو الهوس الاكتئابي أو الفصام أو إدمان الكحول أو تعاطي المخدرات، وغالبًا ما تلعب عوامل الإجهاد مثل الصعوبات المالية أو المشكلات في العلاقات الشخصية دوراً في ذلك، كذلك بسبب البطالة والتقشف وانتشار الأسلحة النارية والتعرض للمضايقات بأماكن العمل.
وفي هذا الشأن أظهرت دراسة إن البطالة تتسبب بنحو 45 ألف حالة انتحار سنويا في 63 بلدا، وأشار الباحثون إلى ضرورة وضع سياسات وقائية محددة إزاء العاطلين عن العمل، بدل الاكتفاء بالتركيز على الآثار السلبية للازمات الاقتصادية، وارتكزت هذه الدراسة على معطيات حول الوفيات بين العامين 2000 و2011، في 63 بلدا حول العالم من بينها كل الدول الغربية ذات الاقتصاد المتطور، واستثنيت من الدراسة البلدان ذات الأعداد الكبيرة جدا من السكان مثل الصين والهند.
في حين أفادت نتائج دراسة أخرى بأن المراهقين في الولايات المتحدة يحصلون على الأسلحة النارية دون أدنى مشقة حتى وإن كانوا يعانون من مشاكل تتعلق بالصحة العقلية الأمر الذي يضاعف من مخاطر الانتحار، وإجمالا فان 41 في المئة من المراهقين الذين يقطنون في منزل به سلاح ناري قالوا إنهم كانوا يصلون إليه بسهولة، وتوصل الباحثون إلى إن النسبة ذاتها تنطبق على مراهقين لهم تاريخ في الإصابة بالأمراض العقلية أو محاولات الانتحار.
بينما أوضحت دراسة أن الموظفين الذين يعانون من التنمر والمضايقات في أماكن عملهم يكونون أكثر عرضة للتفكير في الانتحار ممن لا يعملون في مناخ عدائي، وأجرى الباحثون دراسة على عينة من نحو 1850 عاملا وتابعوهم من عام 2005 حتى عام 2010، وبينما تحدث أقل من خمسة بالمئة عن التفكير في الانتحار خلال فترة الدراسة إلا أنهم كانوا أكثر عرضة للانتحار بنحو المثلين بعد أن أصبحوا ضحايا للمضايقات أو سوء المعاملة في أماكن عملهم.
ونظرا لتفاقم ظاهرة الانتحار فلابد من التمسك بقيم ومبادئ وتعاليم الدين الإسلامي والتربية الإسلامية الصحيحة، إضافة إلى محاولة تفهم الظروف والأسباب التي تدفع بعض أفراد المجتمع إلى الانتحار ، والتأكيد على توعية الأفراد عن طريق معظم الوسائل الإعلامية والتعليمية للحد من خطر تلك الجرائم البشعة بحق النفس البشرية.
البطالة
في السياق ذاته اظهرت دراسة اعدها باحثون سويسريون ونشرتها مجلة "ذي لانسيت" ان البطالة تتسبب بنحو 45 الف حالة انتحار سنويا في 63 بلدا، واشار معدو الدراسة وهم باحثون في جامعة زيوريخ الى ضرورة وضع سياسات وقائية محددة ازاء العاطلين عن العمل، بدل الاكتفاء بالتركيز على الاثار السلبية للازمات الاقتصادية، وارتكزت هذه الدراسة على معطيات حول الوفيات بين العامين 2000 و2011، في 63 بلدا حول العالم من بينها كل الدول الغربية ذات الاقتصاد المتطور، واستثنيت من الدراسة البلدان ذات الاعداد الكبيرة جدا من السكان مثل الصين والهند. بحسب فرانس برس.
وشهدت المرحلة بين العامين 2000 و2011 ازدهارا نسبيا، ثم اضطرابا اقتصاديا كبيرا مع الازمة المالية التي ضربت العالم في العام 2008، وفي تلك المرحلة، سجلت 233 الف حالة انتحار كمعدل سنوي في الدول المشمولة بالدراسة، منها حالة واحدة من خمس متصلة بالبطالة، اي حوالى 45 الف حالة انتحار، اما ازمة العام 2008 وحدها، فيبدو انها كانت مسؤولة عن انتحار خمسة الاف شخص، واشار الباحثون الى ان الرجال والنساء، ومن كافة الاعمار، معرضون على حد سواء للمخاطر التي قد تنتج عن البطالة، ويرتفع تأثير البطالة على الانتحار في البلدان التي تنخفض فيها اساسا نسبة البطالة، بحسب الباحثين.
التقشف
في حين أظهرت دراسة ان معدل الانتحار في اليونان زاد بنسبة الثلث منذ بدأت اثينا بتطبيق اجراءات التقشف الصارمة في حزيران/يونيو 2011 اثر ازمة الديون، وبحسب الاحصاءات التي أعلن عنها مفتشو الصحة في اليونان فان عدد المنتحرين شهريا في البلاد قفز اثر تطبيق اجراءات التقشف بنسبة 35,7% مقارنة بما كان عليه في الاشهر السابقة. بحسب فرانس برس.
وظلت هذه الزيادة الشهرية على حالها حتى نهاية العام 2011، وفي 2012، آخر سنة شملتها الدراسة، ارتفعت اعداد المنتحرين اكثر وبلغت مستوى قياسيا غير مسبوق، وذلك استنادا الى الاحصاءات المجمعة منذ مطلع 1983 وحتى نهاية 2012، وخلال هذه السنوات الثلاثين بلغ عدد الوفيات الناجمة عن عمليات انتحار 11505 وفيات، موزعة على 9079 رجلا و2426 امرأة.
وعمد الباحثون، وهم اميركيون ويونانيون، الى مقارنة معدلات المنتحرين بابرز 12 محطة اقتصادية شهدتها البلاد في العقود الثلاثة، فتبين لهم ان معدلات الانتحار انخفضت في كل مرة كان فيها الحدث الاقتصادي ايجابيا وبالمقابل ارتفعت معدلات الانتحار في كل مرة كان فيها الحدث الاقتصادي سيئا، وعلى سبيل المثال، حين بدأت اليونان باعتماد اليورو في كانون الثاني/يناير 2002 هبط معدل الانتحار الشهري بين الذكور بنسبة كبيرة بلغت 27,1%.
وبدأت معدلات الانتحار ترتفع بنسبة ملحوظة في تشرين الاول/اكتوبر 2008 في فترة اندلاع الازمة المالية وقد بلغت نسبة الزيادة في ذلك الشهر 13% بين الرجال، وزادت معدلات الانتحار اكثر في العام 2011 حين طبقت الحكومة اجراءات تقشفية صارمة مقابل حصولها على حزمة مساعدات دولية، وفي 2013 أظهرت دراسة ان معدل الانتحار في اسبانيا زاد بنسبة 8% إثر بدء الازمة المالية في هذا البلد في 2008.
الاسلحة النارية
بينما أفادت نتائج دراسة حديثة بأن المراهقين في الولايات المتحدة يحصلون على الأسلحة النارية دون أدنى مشقة حتى وإن كانوا يعانون من مشاكل تتعلق بالصحة العقلية الأمر الذي يضاعف من مخاطر الانتحار، واجمالا فان 41 في المئة من المراهقين الذين يقطنون في منزل به سلاح ناري قالوا إنهم كانوا يصلون اليه بسهولة، وتوصل الباحثون الى ان النسبة ذاتها تنطبق على مراهقين لهم تاريخ في الاصابة بالامراض العقلية او محاولات الانتحار. بحسب رويترز.
وتنصح الجمعية الامريكية للصحة النفسية والاكاديمية الامريكية للاطفال الجهات التي تقدم الرعاية الصحية بان تتحدث الى الوالدين عن ضرورة حفظ الاسلحة النارية بصورة آمنة لاسيما في المنازل التي يعيش بها شبان ينتمون لهذه الشريحة، وقال الدكتور جوزيف سيمونيتي كبير المشرفين على هذه الدراسة بمركز هاربرفيو الطبي التابع لكلية الطب بجامعة واشنطن في سياتل "هدفنا من هذه الدراسة هو التأكد مما اذا كانت هذه التوصيات يجري تنفيذها على نحو فعال في المجتمع".
وكتب سيمونيتي وزملاؤه في دورية (جاما) للطب النفسي يقولون إن الانتحار هو ثاني أكبر سبب للوفاة بين المراهقين بالولايات المتحدة، واضافوا ان وجود سلاح ناري في المنزل أحد عناصر الخطر المرتبطة بالانتحار، وأفادت نتائج دراسات سابقة بتراجع خطر الانتحار بين من يقطنون في منازل تراعي تخزين الاسلحة النارية بصورة آمنة.
وفي هذه الدراسة الحديثة استعان القائمون عليها ببيانات جمعت خلال الفترة بين عامي 2001 و2004 وشملت 10123 مراهقا أمريكيا بين سن 13 و18 عاما، وأفادت التقارير بأن ثلث المراهقين كانوا يعيشون في منزل به سلاح ناري. ومن بين هؤلاء قال نحو 41 في المئة إنهم حصلوا بسهولة على هذا السلاح وبات بمقدورهم استخدامه، وكان الذكور الأكبر سنا من المراهقين ممن ليسوا من أصل اسباني أكثر ترجيحا للحصول على سلاح ناري كما كان الحصول على هذه الاسلحة يسيرا بالنسبة لمن يعيشون في مناطق ريفية او في بيوت مترفة، ونبه سيمونيتي من ان البيانات المتاحة في الدراسة قديمة، وقال "أحد قيود هذه الدراسة هو استخدامنا لبيانات جمعت بين عامي 2001 و2004"، وأضاف انه ليس بمقدوره هو أو فريقه البحثي تحديد مقدار التغير في الممارسات منذئذ.
التعرض للمضايقات بأماكن العمل
من جهة أخرى أوضحت دراسة نرويجية أن الموظفين الذين يعانون من التنمر والمضايقات في أماكن عملهم يكونون أكثر عرضة للتفكير في الانتحار ممن لا يعملون في مناخ عدائي، وأجرى الباحثون دراسة على عينة من نحو 1850 عاملا وتابعوهم من عام 2005 حتى عام 2010، وبينما تحدث أقل من خمسة بالمئة عن التفكير في الانتحار خلال فترة الدراسة إلا أنهم كانوا أكثر عرضة للانتحار بنحو المثلين بعد أن أصبحوا ضحايا للمضايقات أو سوء المعاملة في أماكن عملهم. بحسب رويترز.
وقال مورتن بيركلاند نيلسن من المعهد الوطني للصحة المهنية وجامعة بيرجن وهو قائد فريق البحث "تساعد دراستنا في فهم الصلة بين التنمر والأفكار المتعلقة بالانتحار بتوضيح أن الاعتقاد بالتعرض للتنمر في العمل يكون مقدمة للتفكير في الانتحار وليس نتيجة"، وكتب نيلسن وزملاؤه في دورية أمريكان جورنال أوف بابليك هيلث أن 800 ألف شخص على مستوى العالم ينتحرون سنويا مما يجعل الانتحار سببا أساسيا للوفاة.
وأشار الباحثون إلى أنه رغم أن الاضطراب النفسي يكون عاملا في أغلب محاولات الانتحار إلا أن معظم من يعانون من هذا النوع من الاضطرابات لا يقدمون على الانتحار، وقال نيلسن لرويترز هيلث عبر البريد الالكتروني إن العلاقة بين التنمر والتفكير في الانتحار تشبه مشكلة "الدجاجة والبيضة" اذ يصعب تحديد أيهما يأتي أولا، وفي محاولة لحل هذا اللغز قام نيلسن وزملاؤه بدراسة على موظفين في أعوام 2005 و2007 و2010 وسألوهم عن مناخ العمل وصحتهم العقلية.
وحدد الباحثون ثلاث خصائص رئيسية للتعرض للمضايقات في العمل هي أن يكون الموظف مستهدفا بسلوك اجتماعي غير مرغوب فيه بشكل ممنهج وأن يتعرض لذلك لفترة طويلة من الزمن بوتيرة وكثافة متزايدة وأن يشعر الموظف المستهدف بعدم القدرة على تجنب هذه المواقف أو منع هذه المعاملة، وخلال الفترة التي أجريت فيها الدراسة تراوح متوسط نسبة العاملين الذين تحدثوا عن التعرض للتنمر بين 4.2 و4.6 في المئة في حين تراوح متوسط نسبة من فكروا في الانتحار بين 3.9 و4.9 في المئة.
ولم تكن هناك اختلافات رئيسية في التقارير عن التنمر أو الأفكار الانتحارية على أساس العمر أو الجنس، وقال جاري نامي مدير معهد التنمر في أماكن العمل في إيداهو إنه مع التعرض لفترة طويلة للمضايقات ولأشكال أخرى من الضغوط يمكن أن تحدث تغيرات في المخ. وأضاف في رسالة بالبريد الالكتروني أن هرمونات التوتر قد تغمر المخ مما يقلص القدرة على التفكير العقلاني الواضح.
انتحار الأطفال
على صعيد مختلف أصبحت عناوين الصحف في تونس لا تخلو، تقريبا يوميا، من أخبار حوادث الانتحار والمخيف أن الأطفال أصبحوا أبطالها، فهل هي فعلا ظاهرة اجتماعية مفزعة أم أنه تهويل إعلامي لجلب اهتمام القراء للحوادث المتفرقة؟ شهدت تونس سنة 2014، 203 حالة انتحار أي بمعدل 17 حالة كل شهر، وفق المرصد الاجتماعي التونسي. وبين إجمالي حالات الانتحار 18 طفلا دون 15 عاما أقدموا على الانتحار، و52 حالة لمراهقين بين 16 و25 عاما وهي النسبة الأعلى والتي تمثل 26 بالمئة من إجمالي حوادث الانتحار في تونس سنة 2014، وقد أشارت أسماء سحبون، الناشطة في وحدة الرصد في المرصد الاجتماعي التونسي، أن هذه الإحصاءات جمعت من خلال وسائل الإعلام اليومية والأسبوعية المنشورة في تونس. بحسب فرانس برس.
ظاهرة منقوصة، قال معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل إنه لا يخلو مجتمع من حوادث انتحار الأطفال إلا أن الإحصاءات في تونس تبقى منقوصة حتى نسميها ظاهرة، وأوضح الشريف أن إحصاءات حوادث الانتحار في تونس تعتبر منقوصة لأنه لا يوجد مرصد رسمي تابع لوزارة الصحة يحصي عدد الأطفال المنتحرين في تونس لأنها المؤسسة الوطنية الوحيدة التي تملك الأرقام الدقيقة وهذا يعتبر تعتيما على هذا المشكل الاجتماعي.
وقد أشارت أسماء سحبون أيضا لنفس العائق قائلة إن وزارة الصحة وعدت بأن يتم إنشاء سجل وطني رسمي للانتحار في دسيمبر/ كانون الأول 2014 إلا أن المشروع بقي حبرا على ورق، من ناحية أخرى فإن مصدر المرصد الاجتماعي التونسي لإحصاء حوادث الانتحار في تونس هو فقط ما تنشره وسائل الإعلام وبالتالي يمكن أن يكون واقع الأرقام أضخم مما نشر.
وأضاف الشريف أيضا أن الإحصاءات في تونس لا تعطي أرقاما عن عدد الأطفال الذين أقدموا على الانتحار ونجوا، وبالتالي فإن واقع الإحصاءات في تونس فيما يخص الانتحار لا يصور الواقع الاجتماعي بدقة ويمكن أن يخفي ظاهرة اجتماعية مخيفة، كما يمكن أن تكون مجموعة أحداث متفرقة سلط الإعلام الضوء عليها.
تهويل إعلامي، أشار معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل أن حادثة الفتاة -16عاما- التي انتحرت شنقا في بيتها الجامعي بولاية جندوبة، والتي قامت قناة تلفزيونية تونسية خاصة بسرد تفصيلي لعملية انتحارها وظروف حياتها، تبعته سريعا 3 حالات انتحار أطفال في مناطق مختلفة وأعمار مختلفة والتنفيذ بنفس الطريقة، شنقا.
وقد أكد الشريف في هذا الخصوص أن الأخصائيين أجمعوا على أن وسائل الإعلام لها دور في تنامي وتفاقم هذه الحوادث قائلا: "كل ما تحدثنا عن هذه الحوادث كلما تفاقمت، فالأطفال سريعو التأثر"، ونقل معز الشريف أن أخصائيي علم نفس الطفل حذروا من كيفية التعامل مع هذه الأحداث وأكدوا على وجوب تفادي تعاطيها إعلاميا، من ناحية أخرى ركز الشريف على إدمان الأطفال اليوم على الفضاء الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي الذي يتشاركون فيه هذه الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام فيتأثرون بها.
فمفهوم الموت عند الأطفال يختلف عن مفهومه عند الكبار هذا إضافة إلى الإدمان على الألعاب الإلكترونية الافتراضية فيحسب الطفل أنه إذا مات سيعود إلى الحياة، وبالتالي فكما أن هذه الإحصاءات منقوصة، تهولها وسائل الإعلام، فإن تعامل الجهات الرسمية أيضا مع الأطفال الناجين من محاولة الانتحار منقوص، مثلما قال معز الشريف" لا تقع مرافقة الأطفال الناجين من محاولات الانتحار من قبل مندوبية حماية الطفل ومعرفة أسباب هذه المحاولة ومعالجتها" وهذا ما يمكن أن يحول هذه الأحداث المتفرقة يوما لظاهرة مرعبة.
من جهتهم أخرى قالت شرطة كونيتيكت إنها عثرت على جثة رضيع عمره سبعة أشهر تعتقد أن والده ربما القاه في نهر أثناء محاولته الانتحار، وقالت إدارة شرطة الولاية في بيان إن شرطة ميدلتاون استجابت لبلاغ عن العثور على جثة في النهر قرب ايست هادام في كونيتيكت حوالي الساعة الثامنة مساء، وأكد مخبرون وشرطة كونيتيكت أن الجثة هي للطفل آدن مورينو المختفى منذ وقت مبكر. بحسب رويترز.
وتعتقد الشرطة أن والد الطفل -توني مورينو (22 عاما)- كان يمسك ابنه او انه قذف به الي الماء بينما حاول الانتحار في وقت مبكر يوم الاثنين بالقفز من جسر اريجوني في ميدلتاون، وقال مسؤولون ان مورينو كان يرقد في حالة حرجة، وقالت الشرطة أن من المتوقع ان يواجه اتهامات جنائية، وأضافت أن أسرة مورينو اتصلت بالشرطة لتبلغ عن أن الأب هدد بالانتحار وانه اخذ الرضيع معه، ووصل ضابطا شرطة إلي الموقع وشاهدا مورينو وهو يقفز من الجسر البالغ ارتفاعه 120 قدما لكنهما لم يريا الطفل، وقالت الشرطة إن الأب تم انقاذه ونقل جوا الي مستشفى هارتفورد.
اجراءات أمان في مواقع الانتحار
الى ذلك أفاد بحث نشر بأن وضع حواجز وشباك أمان وقيود أخرى بالأماكن الشهيرة للانتحار مثل الجسور والمنحدرات وخطوط السكك الحديدية قد يحد من الانتحار في هذه المواقع بنسبة تتجاوز 90 بالمئة، وفي دراسة واسعة غطت النقاط الأشهر بأنحاء العالم وجد الباحثون ان اجراءات أخرى مثل وضع علامات تحذيرية وهواتف للحالات الطارئة لتشجيع الناس على طلب المساعدة قد تساهم أيضا في خفض عدد الوفيات. بحسب رويترز.
وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى ان الانتحار هو حاليا ثاني أسباب الموت بين الفئة العمرية التي تتراوح بين 15 و29 عاما، وعلى اختلاف الفئات العمرية بأنحاء العالم تقع نحو 800 ألف حالة انتحار سنويا، ومن أشهر مواقع الانتحار بالعالم نفق المترو (تيوب) في لندن وبرج ايفل في باريس وجسر البوابة الذهبية (جولدن جيت) في سان فرانسيسكو وجسر الأمير ادوارد في تورونتو.
وقالت جين بيركيس من جامعة ملبورن في استراليا -التي قادت هذا البحث ونشر في دورية لانسيت للطب النفسي- إنه تبين كيف ان اتخاذ اجراءات محددة يمكن ان "يمنح الوقت للأفراد لمراجعة تصرفاتهم وإتاحة الوقت للاخرين للتدخل"، وأجرى فريق بيركيس مراجعة منهجية وتحليلا احصائيا لكل الدراسات التي بحثت في فاعلية ثلاثة اجراءات لمنع الانتحار وهي حظر الحصول على الوسائل اللازمة والتشجيع على طلب المساعدة وزيادة فرص تدخل طرف ثالث.
وعمل الفريق بعد ذلك على تصميم نماذج لتقييم تأثير كل عامل من العوامل الثلاثة على حدة أو اقترانه مع عامل أو اثنين، وأظهرت النتائج -التي استخلصت من بيانات 18 دراسة- ان عوامل التدخل خفضت بشكل ملموس عدد حالات الانتحار بالمواقع المقصودة اذ انخفض متوسط حالات الوفاة من 5.8 سنويا قبل فرض الاجراءات المساعدة إلى 2.4 لاحقا، وأدت الاجراءات الهادفة لمنع الوصول إلى أماكن يستطيع الناس التخلص من حياتهم فيها لخفض حالات الانتحار بنسبة 91 بالمئة سنويا عند تطبيقها مع عوامل تدخل أخرى وإلى 93 بالمئة عند استخدامها بمفردها.
اضف تعليق