على اكتاف الرسول وفي اثناء صلاته، يلعب ابني بنته الزهراء البتول (عليهم السلام)، فلا يبعدهما ويأمر من حوله بأن يتركوهما وشأنهما.
لقد كان الرسول القدوة الحسنة في جميع الأمور، وها هنا يعلمنا منهجا جديدا ويضع لنا طريقا واضحا نتبعه لتقويم سلوكنا إتجاه الطفل وحركته ولَعِبهُ المستمر.
يعتقد العديد من الآباء والأمهات إن لعب أطفالهم هو مضيعة للوقت، ويسبب لحياتهم الفوضى والتفاهة، مؤديا بهم الى الوقوع في هاوية اللامبالاة والكسل والهروب من الواجب.
لكن هذا الاعتقاد يعتبر اعتقاد خاطئ، فلقد اثبتت الدراسات الحديثة ان اللعب لا ينفصل عن العمل بل يسيران معا الواحد مع الآخر من غير جدال فكما يقول افلاطون "يجب ان نعيش الحياة كلعبة".
لكن بالنسبة لطفل صغير ليس لديه أي عمل نقول: إن اللعب بالنسبة له يرتبط مع اكتساب الخبرات فكلما كان طفلك محب للعب كان أسرع في الاكتشاف وتلقي الخبرات من البيئة المحيطة.
كذلك اثبت علميا ان مخ الطفل بحاجة الى اللعب حيث تقل نسبة نمو المخ بالنسبة للأطفال عديمي اللعب لتصل الى 20- 30% أقل من مستوى النمو بالنسبة للأطفال الذين يمارسون اللعب، كما إن الاطفال الذين يلعبون مع الحركة سيصبحون اكثر سعادة ونجاحا في عملهم وواجبهم المدرسي، وأكثر قدرة لتنمية المهارات التي سيحتاجون إليها لاحقا في حياتهم، لأن الحركة مرتبطة مع اللعب في انبثاقها من نفس الجزء من المخ وهو الجزء المسؤول عن التعلم، لذا أعتبر النشاط البدني حافز مهم لتنشيط العقل والفكر، وهنا يجب أن نفرق بين الحركة الاعتيادية للطفل وبين فرط الحركة المؤدية الى قلة التركيز.
قد يختلف شكل اللعب فقد يكون بدني أي لعب مع الحركة، أو يكون لعب ذهني أي يستخدم الطفل فيه العقل، أو يكون لعب جامع للنوعين الحركة والفكر.
أما عن فوائد اللعب للأطفال:
أولا: تقوية العضلات واكتساب الجسم المرونة واللياقة.
ثانيا: يساهم في تقوية الدماغ وانفتاح العقل وبذلك تزداد المهارات العقلية.
ثالثا: اللعب يؤدي إلى تكوين الصداقات، لإن الأطفال المشتركين مع طفلك في اللعبة نفسها يكونون في الغالب لديهم نفس الاهتمام معه.
رابعا: للعب دور كبير في جعل طفلك اجتماعياً بسبب تحسن سلوكه ومزاجه من خلال اللعب.
خامسا: يعلم اللعب طفلك معنى النجاح والفشل، ففي اللعب الربح والخسارة فيصبح طفلك بذلك أكثر قوة وصلابة أمام الظروف في المستقبل.
أما كيف تسهم في تنمية مهارات طفلك من خلال اللعب..؟
قدم له الالعاب المفيدة أي الالعاب التي تحفز ذكاءه، واستغني عن الالعاب الروتينية الخالية من أي فكرة لتطوير العقل وصُمّمت فقط لتلفت انتباه طفلك، لتوقفه عن البكاء مثلا، أو لتشغل وقته دون أي اضافة لمهاراته أو عقله.
أربط التعلم مع اللعب مثلا من الأسرع في تكوين الكلمات، أو من يجد الحرف المفقود، أو من يكمل الجزء المفقود في الصورة، وحسب عمر الطفل.
استخدم الرياضيات كلعبة وعلمه لطفلك في مراحل عمره المبكرة لان الرياضيات أساس العقل العبقري المفكر.
دع طفلك يخرج للحدائق أو كما أسماها استاذ التنمية توني بوزان "الفردوس"، لأنها جنة مصغرة بالنسبة لطفلك يشاهد بها ما يحلو له ويمرح ويقفز مما يساعد على تنمية مهاراته العقلية وتوسعة أفكاره بأكثر من اتجاه، لإحتواء الطبيعة على كم هائل من الأمور التي يستحق أن يقف عندها الطفل ويستكشف، أو اجعل بيتك فردوس بالنسبة لطفلك وفر له الالعاب، اجلب له الطبيعة في داخل المنزل إذا كانت لديك مساحة واسعة في منزلك، أما حاليا وبسبب صغر مساحة المنازل، وعدم وجود الحدائق والمتنزهات القريبة أصبح طفلك بعيدا عن "الفردوس"، واخذ يلتجأ للألعاب الالكترونية التي شغلت مساحة واسعة من فكره دون أن تزيد من مهاراته وقدراته الذهنية.
عود طفلك على اللعب والعمل معا، مثلا: ليلعب لعبة يحبها واجعله يرتب دفاتره وكراساته وألعابه أثناء تلك اللعبة.
نتيجة لمثل هذه الانشطة سيتعود طفلك العمل واللعب معا ويمارس عمله بمرح.
كما يجب أن لا ننسى دور الوالدين في ارشاد وتوجيه الطفل نحو اللعب المناسب و مشاركته في اللعب، وكيف ينعكس ذلك بصورة ايجابية وملفتة في تطور مهارات طفلك وذكاءه.
فأُم سلمى التي كانت منزعجة من لعب ابنتها بالحديقة، قد غيرت فكرتها بعد أن سألت ابنتها "كيف استطعت تنسيق ملابسك بهذه الطريقة الجميلة" لتجيب سلمى ذات الأربعة اعوام بتردد: عندما كنت ألعب مع أخي في الحديقة شاهدت الزهور قد نسقت ألوانها بهذا الشكل فأحببت أن أرتدي ملابسي كزهرة، في تلك اللحظة عرفت الأم كيف اكتسبت طفلتها مهارة تنسيق ملابسها من اللعب وأحست بالندم لكل مرة عارضت فيها لعب اطفالها.
اضف تعليق