الشباب هم الطاقة الكامنة في جميع المجتمعات، واستمرار اهمالهم لبعض الجوانب الضرورية في الحياة يعني ان هنالك ركن أساسي من اركان المجتمع يعاني من خلل لابد من إصلاحه وإعادته الى العمل بالشكل الجيد، وهو ما يحتم على الجهات ذات العلاقة خلق الأجواء المناسبة لإبعاد اغلبهم عن التأثيرات السلبية...
يتزاحم الشباب على مدخل احدى البنايات التي تضم في طابقها الأول مقهى (كوفي شوب)، وفي الطابق العلوي قاعة لبناء الاجسام، (gym)، لكن المفارقة الكبيرة هي ان اعداد الداخلين الى المقهى يفوقون اضعاف الذاهبين الى التمرين الرياضي الذي يعود بالفائدة على صحة الانسان النفسية والجسدية.
الاختلاف في طريقة التفكير لدى الشباب نابعة من البيئة التي احتضنتهم في السنوات الأولى من مراحل تكوين الشخصية، وبالتالي نتج عن ذلك صنفين أحدهما يفضل الطابق الأول، والآخر يذهب الى الطابق الثاني، وهو ما يفسر ظاهرة إهمال الشباب للأشياء النافعة لهم والتمسك بما يضرهم.
ظاهرة إهمال كل شيء التي تجذرت لدى بعض الشباب تستحق الحديث المطول عنها، وهنالك العديد من العوامل التي جعلتهم يلجئون الى هذه الأماكن التي لا يدخلها الا من ابتعد كثيرا عن الأشياء الإيجابية التي تصب في خدمة المجتمع فيما بعد، فمن أدمن دخول المقاهي والأماكن المشابهة سينعكس على شخصيته في المستقبل القريب.
ومن الانعكاسات هي انعدام الصحة وتراجعها بسبب ما يتناولون من أشياء غير خاضعة للمعايير الصحية، ومنها السجائر الالكترونية التي انتشرت بشكل غريب بين شريحة الشباب، الى جانب السكائر التي تعتبر المسبب الرئيس للكثير من الامراض الخطيرة التي تؤدي الى وفاتهم.
والأخطر من ذلك ان الشباب الذين يجلسون كثيرا في هذه المقاهي يستمعون الى كمية هائلة من الالفاظ والعبارات الخادشة للحياء، والتي عادة ما تنتقل الى الشارع وتصبح في المتناول وبالنتيجة تكون من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي تهدد المنظومة القيمية المشيدة في المجتمعات وتحرص الجماعات على الاحتفاظ بها.
ولا يقل أهمية عن النقطة السابقة هو الهدر المالي الذي يقوم به الشباب وبصورة يومية، فلا تقل مصاريف الفرد الواحد في الشهر عن مئات الآلاف، وبالتالي يدخل ضمن التبذير والاسراف الذي ينهى عنه الشرع وتنبذه التعاليم الإسلامية في الكثير من المواقف التي تريد للإنسان ان يعيش حالة من الوسطية وخلق التوازن في كل شيء.
المتواجدون في الطابق الأول لا يختلفون من حيث الخلق عن الصاعدين الى الطابق الثاني الذين فضلوا الانتظام في الكورسات الرياضية، وآثروا التواجد اليومي لإداء التمارين التي تبني وتعيد ترتيب الابدان وتُحسن الحالة الذهنية للمواظبين على التمرين دون انقطاع.
الرياضة لا يختلف اثنان على أهميتها وفوائدها المتعددة بالنسبة لمن يمارسها بصورة يومية، فتجد هؤلاء الافراد يعيشون حالة من الاستقرار النفسي، الذي جاء نتيجة تفريغ الشحنات السلبية التي تكدست من الضغوطات اليومية اثناء العمل والتي عادة ما تكون عامل مؤثر على المزاج الفردي وينسحب بعد ذلك على تعامله مع الآخرين.
لسنا بصدد اجراء نوع من المقارنة بين الفئتين من الشباب وهما المدمن على دخول المقاهي، والمعتادين على أداء الألعاب الرياضية الدورية، لكن نود التفريق بين الافراد المهملين لصحتهم النفسية والجسدية، وبين الذين يرغبون بان ينتهي يومهم وفق الضوابط الصحية والنشاطات الإيجابية على حياتهم.
توجه الشباب الى الأماكن غير المحمودة يعتبر واحد من التحديات الكبيرة التي تواجه هذه الشريحة الواسعة من شرائح المجتمع والتي تتطلب وقفة ودراسة مكثفة للحد من تأثيرها، وهنا تبرز الحاجة الى أهمية تفعيل دور الاسرة والمنظمات التي تعنى بالشؤون التربوية والإنسانية.
تفعيل هذا الدور وإعطاء هذه الجهات الفسحة الكاملة من الوقت والمساحة للعمل داخل المجتمع، يعمل على تشذيب العادات والسلوكيات غير المرغوبة والتي تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الحياتي وبالتالي يكون المجال مفتوح امام الفوضى والاعتداءات على الآخرين وشيوع ظواهر أكثر خطرا على البنية الاجتماعية.
الشباب هم الطاقة الكامنة في جميع المجتمعات، واستمرار اهمالهم لبعض الجوانب الضرورية في الحياة يعني ان هنالك ركن أساسي من اركان المجتمع يعاني من خلل لابد من إصلاحه وإعادته الى العمل بالشكل الجيد، وهو ما يحتم على الجهات ذات العلاقة خلق الأجواء المناسبة لإبعاد اغلبهم عن التأثيرات السلبية والشروع بخط التقدم عبر الاعتناء بالتنمية الفكرية والجسدية لديهم.
اضف تعليق