حين تسافر الى خارج بلدك ترى ان اغلب ان لم يكن جميع الناس يعتزون ببلدانهم وهوياتهم وثقافتاهم ولغاتهم ولهجاتهم، ويمنعون من يحاول المساس بها ويمتنعون عن التحدث بغيرها رغم معرفتهم للغات ولهجات كثيرة، كل ذلك يحصل بفعل احساسهم بالانتماء الى بلدانهم وما يخصها، الا نحن العرب والعراقيين خصوصاً فسرعان ما نحاول ان نجامل الاخرين...
حين تسافر الى خارج بلدك ترى ان اغلب ان لم يكن جميع الناس يعتزون ببلدانهم وهوياتهم وثقافتاهم ولغاتهم ولهجاتهم، ويمنعون من يحاول المساس بها ويمتنعون عن التحدث بغيرها رغم معرفتهم للغات ولهجات كثيرة، كل ذلك يحصل بفعل احساسهم بالانتماء الى بلدانهم وما يخصها، الا نحن العرب والعراقيين خصوصاً فسرعان ما نحاول ان نجامل الاخرين على حساب عاداتنا وتقاليدنا ولغتنا ولهجتنا وهو ما يؤشر ضعف الانتماء لبلدنا وبصورة غير مقبولة ولا مبررة على الاطلاق.
ما هي اهمية للانتماء في حياة الانسان؟
الانتماء هو الجسر الذي يربط بين الانسان وبيئته وبين الانسان والانسان الآخر فالانتماء يمكننا ان نعتبره وظيفة اجتماعية وذات اهمية كبيرة، فالانتماء يمنح الانسان دافعا كبيرا من اجل التعاون مع الاخرين، كما وانه يمنحه ايضا القيام باستثمار كافة الموارد المتاحة والمتوفرة لديه، وذلك سواء كانت هذه الموارد اخلاقية، فكرية، او غيرها من انواع الموارد الاخرى وبهدف التجاوز التام والكامل للمصالح الشخصية الضيقة، من اجل ما ذكرنا لا مناص من الانتماء والاحساس بأهميته ومردوداته الايجابية.
سلبيات غياب او ضعف الانتماء
من سلبيات ضعف انتماءنا اننا حين نغادر بلدنا الام اننا نتجه صوب تقليد كل ما نراه ونحاول ان نظهر بثوب ذاك المكان البديل في محاولة منا لمجاراة محددات ذلك البلد وهذا برأيي خطأ غير مبرر فلكل انسان لونه الخاص ولا يجب ان يمزج بلون آخر فيحدث تشوهاً وبالتالي يصبح ناشز وغير مقبول مجتمعياً.
ومن صور ضعف انتماءنا ترديد الكلمات الاجنبية وحتى العربية التي نراها في الافلام والمسلسلات ومواقع التواصل الاجتماعي، فما ن تصغي لمفردات اطفالنا وفي اعمار الدراسة الابتدائية حتى تجد كلمات دخيلة تردد والمثير للسخط والاستياء ان بعضها يحمل معان سيئة لكنها متداولة من غير فهم معانيها وهذا بحد ذات انحدار في الذوق والاخلاق والتربية وهو ما يهدد انهيار ملامح الشخصية العراقية والعربية اضمحلالها للأسف.
كما ان ضعف انتماءنا لبيئتنا جعل الكثير منا يقلد الاخرين في الملبس والشارع العراقي يعج بالمراهقين والشباب الذين يرتدون ملابس لا تمت الى ثقافتنا بصلة من قريب ولا من بعيد، وكل هذا دليل تخبط وانفصال عن الاصل والتشبث بفروع مشوهة لا تسمن ولا تغني من جوع ولكن لا يفقهون.
كما ان غياب انتمائنا جعلنا نبرر تمادي بلدان الجوار في التدخل في سياسة بلدنا ونعطيهم الحق في الوصايا علينا وكأننا ليس لدينا ما يمكن ان يسير امور البلد، والغالبية العظمى من العراقيين يؤيدون هذا التدخل ويدعمونه بدوافع واهية بعضها قومي واخر ديني مزيف وبعضها ميول الى الظهور بمظهر المدنية والى غير ذلك من الدوافع.
بعد ان تعرفنا على بعض ما ينتج من ضعف او غياب انتماء الانسان لبلده، كيف يمكن ان نغرس الانتماء في نفوس ابنائنا لكونهم أكثر استجابة وهم اصحاب الأدوار القادمة في الحياة؟
في طريق بناء داعمة وطنية للانسان تمنعه من الانزلاق في منزلقات التبعية وبعد ان فات الاوان لإعادة انتماء الطبقات العمرية الكبيرة والمتوسطة ارى من الضروري ان غرس الانتماء لدى الناشئة عبر عدة وسائل واولها الاسرة التي تغرس حب الوطن واللغة والثقافة المحلية لأبنائها والتشديد على اعتبارها الاصل وان حصل اكتساب شيء ما فهو ثانوي ولا يتقدم على الاصل مهما حصل ولاية دوافع كانت.
ثم يأتي دور المؤسسات التربوية والتعليمة للتأكيد على المحافظة انتماءنا لبيئتنا الاولى ولقيمنا وتقاليدنا لكن من المؤسف اننا في العراق أغفل الجانب الوطني المتمثل في مادة التربية الوطنية كما كنا نتعلمها في مناهجنا الدراسة وهو ما نطالب بإعادته ليتسنى للجيل الجديد معرفة حقوقه وواجباته تجاه بلده وابناءه.
كما يمكنا ان ننمي الانتماء والمواطنة عبر توفير كتب عن تاريخ وحضارة الوطن وسردها على أبنائنا، اضافة الى دعوتهم لقراءة قصص او مشاهدات افلام لاناس عاشوا بعيداً عن اوطانهم وكيف اثر ذلك عليهم نفسياً وجعلهم يقبعون تحت عقدة الحاجة الى وطن خاص بهم وبذا هم يشعرون بقيمة ما هم فيه ويحافظون عليه وهذا الذي يجب ان يعاد تقيمه والعمل عليه بجدية.
اضف تعليق