إن الرهاب يتحول من قلق إلى اضطراب نفسي يُوجِب التدخل حينما تتأثر حياة الفرد به سلبا ويتوقّف عن أداء وظيفته المتعلقة بمخاوفه، فحينما يصل الأمر إلى حدٍّ تتعرقل عنده حياة المرء ويفقد معه القدرة على الارتباط والالتزام بالفعل، يجب عليه طلب المساعدة من مختص...
كثيرا ما كان يمزح معنا بعض الاصدقاء عن سبب تأخر الزواج ونحن في ثلاثينيات اعمارنا، وكثيراً ما كنا نسمع منهم عبارة (شنو تخاف من الزواج)، كنا نضحك من هذه العبارة ونجيب بإستهزاء على اعتبار ان خوف الرجل من الارتباط هو مجرد مزحة، بعد سنوات بدت هذه المزحة حقيقة وتبين لي وانا اتصفح في بعض المواقع الالكترونية ان الامر موجود ويعاني منه بعض الشباب وهو ما يمنعهم من الارتباط او رهاب الزواج.
هذا الرهاب أصبح شائعاً بين اوساط الشباب سيما الرجال فالرجال يميلون إلى الخوف من الزواج بسبب المخاطر الشخصية والمالية والاجتماعية التي تأتي مع الزواج، ولا اعرف أصبح شائعاً في الفترة الاخيرة ام اننا انتبهنا لوجوده في الفترة الاخيرة مما جعله يشكل ظاهرة تستحق التعقب والبحث فيها وعن اسبابها ومن ثم نحاول ايجاد معالجات لها واقعية من شأنها تحد من هذه المخاوف وتمحيها.
ويعرف علم النفس رهاب الزواج بأنه الخوف الشديد من الارتباط او الزواج من الشخص الخطأ، ورهاب الزواج خلل نفسي يظهر بحالة رهاب خارج عن سيطرة الشخص، وغير مستند إلى أسباب منطقية.
حول هذا الرهاب تقول الاستاذة (إسراء عبد اللطيف)" إن الرهاب يتحول من قلق إلى اضطراب نفسي يُوجِب التدخل حينما تتأثر حياة الفرد به سلبا ويتوقّف عن أداء وظيفته المتعلقة بمخاوفه، فحينما يصل الأمر إلى حدٍّ تتعرقل عنده حياة المرء ويفقد معه القدرة على الارتباط والالتزام بالفعل، يجب عليه طلب المساعدة من مختص".
أسباب رهاب الزواج
كثيرة هي الدواعي التي يبرزها اؤلئك المتخوفون من الارتباط والمفضلون للوحدة في كنف العائلة الاصلية نذكر منها: زعمه بعدم امكانية ادارة العائلة وتحمل مسؤوليتها، وهذه واحدة من اهم الحجج للهروب من الالتزامات وقد تكون هذه الحجج والأعذار غير موجودة فعلياً أو يمكن معالجتها لكن الشخص المصاب بفوبيا الزواج يظل متمسكاً بها.
ويخشى الكثير من الشباب ان يتم مصادرتهم لصالح عوائلهم البديلة وبالتالي يفقدون التواصل مع اسرهم الاساسية وهو ما يظهر تمسك الشباب بأهلهم وعدم تصور انهم يصبحون في اسر مستقلة تتشعب مسؤولياتها واحتياجاتها التي كانت توفر من قبل الاهل، ولعل الاهل هم سبباً في ظهور هذا النوع من الخوف لكونهم يفاجئون ابنائهم بالتلويح به بدون مقدمات له مما يجعله يبدو صعباً.
والبطالة هي الاخرى سبباً من اسباب خوف الشباب من الارتباط، اذ انهم لا يجدون وظائف تمنحهم معيشة آمنة وهو ما يثير لديهم مشاعر القلق المتعلّقة بالمستقبل، وخصوصاً المستقبل الزواجي وبناء الأسرة، وهذا الخوف يشيع بين اوساط الشباب بصورة كبيرة وربما مبرر الى حد كبير كونه رغبة في الاعتماد الكلي على النفس بدلاً من الفشل في ذلك.
ويمكن أن ينشأ الخوف من الالتزام عن خبرة حياتية سابقة، مثل مشاهدة علاقة الوالدين المعقدة او الوصول الى مرحلة الطلاق، ومن هنا ربما ينشأ انطباع بأن الخلافات الزوجية أو العلاقة لا يمكن حلها ولا يريد الشاب أن يسير على خطى الوالدين.
كيف يعالج هذا الخوف؟
علاج رهاب الزواج او الارتباط او الحد منه على اقل تقدير يمكن في:
معرفة سبب المشاكلات التي واجهت الاخرين والتي ادت الى حدوث المشكلات وتجنبها بل والاستفادة منها كعبرة ودرس والابتعاد عن التعميم السلبي للحالات السلبية وهنا ستكون شجاعا في مواجهة خوفك من هذا الموضوع خصيصاً، ومن المفيد ان تعي حسنات الزواج واثاره الايجابية من الاستقرار العاطفي تكوين الاسرة وغيرها من الحسنات.
لابد ان يعي الشاب الذي يهرب من الزواج انه هارب من المسؤولية وهذا ليس حلاً بالمطلق بل الافضل مواجهة الامر وتحمل المسؤولية شيئاً فشيئاً، ويأتي العلاج المعرفي السلوكي ليمارس دوراً مهماً في تغيير قناعة الاشخاص الرافضين للزواج بتخلصيهم من الافكار والسلبية والصور الذهنية المشوهة التي تتقلل من رغبة الانسان بالزواج والارتباط وبالتالي يزول الخوف وتنتهي ازمة الابتعاد عن الزواج.
اضف تعليق