q

مؤلمة ومؤسفة، تلك الإحصاءات التي تجري في العراق، لقياس مدى تدني الوضع الأمني والخدمي والاجتماعي والإنساني، وهو ما بات يزاحم بلاد العرب والعالم في ضرب الأرقام القياسية في المآسي والويلات، فتشير آخر الإحصاءات في الدول العربية الى تصدر العراق بعد مصر في فئات الدول الأكثر عنفا ضد المرأة.

وعلى الرغم من التطورات التي حصلت بعد سقوط الصنم وان كانت بطيئة وخجولة، لكن لا تزال مشكلة العنف ضد المرأة وطريقة التعامل معها والنظرة لها؛ حبيسة المواريث الاجتماعية والعادات العشائرية التي ما انزل الله بها من سلطان، بالإضافة الى الفهم الخاطئ في حق الرجل ازاء المرأة، وصلاحياته التي تعسف في استخدامها وعلى أساس اعتماده على بعض النصوص الدينية التي فسرها على هواه.

وعلى الرغم من تحمل معظم النساء في وقتنا الحالي أعباءً أخرى غير التي تقع ضمن مسؤوليتها، وتحمل المرأة أدوارا اجتماعية وعملية، إلا أنها تقاسم الرجل المسؤوليات داخل البيت وخارجه بسبب صعوبة الحياة والظروف المادية القاسية، وما زاد الطين بلة طبيعة الأوضاع الامنية المتردية، والحروب والصراعات التي تعصف بالبلاد، وفوق كل هذا لم تلق الكثير منهن إلا التعنيف والتحقير وسوء المعاملة والإهانة.

ومن المعيب حقا ان يبقي بعض الرجال على اسلوب الخطاب المتبع مع زوجاتهن او بناتهن، فيتخذ العنف وسيلة في التعامل معهن، عندما لم تجدي معهن لغة الحوار نفعا على حد زعمهم. فسرعان ما يجد بديلا عندما يلجأ الى العنف، مفضلا ذلك على الحوار والاقناع وما شابه من اساليب الاحترام التي اوجبها الدين والاعراف والاخلاق.

هذا ونحن أمة ذات عقيدة وفي بلد الانبياء والمرسلين والأئمة عليهم السلام، كذلك تعد أرضنا مهد الحضارات والدين والتاريخ وتقطنه غالبية مسلمة وموالون لأهل البيت الذين تنتشر مراقدهم المطهرة في هذا البلد.. لذلك على الرجال توظيف مبادئ اهل البيت عليهم السلام، في جميع مقاييسهم وطريقة حياتهم ومفاهيمهم الاجتماعية والانسانية، ومنها كيفية التعامل مع المرأة !! وهم يدعون محبتهم لهم والمحب لمن أحب مطيع!!.

فرسول الله صلى الله عليه وآله، أوصى بالنساء خيرا.. وقال: (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).. و(رفقا بالقوارير). فهل الرفق بهن يكون بالضرب والمعاملة الدونية وكأن المرأة تابع للرجل وملكية شخصية له!! وهل من الصحيح إهانتها نفسيا او جسديا بدعوى تأديبها وتباهيا برجولته. لذلك يجدر بمثل هؤلاء ان يطلعوا على سيرة وحياة أئمتنا عليهم السلام، وليتأملوا كيف كانوا يتعاملون مع أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم بل وحتى مع جواريهم.

ولهم في ذلك أسوة وقدوة

كما أن المرأة مقصرة ايضا في الحالات التي يتوجب عليها الخروج من صمتها، لما تتعرض له من إساءات فـ (الساكت عن الحق شيطان أخرس). وهي تفضل في اغلب الأحيان الكتمان حفاظا على سمعتها وسمعة عائلتها، ولتعلم المرأة ان الاسلام كرمها ولا يرضى لها ان تكون عرضة للإهانات المستمرة.

ومن المهم جدا دور الاسرة التي يجب عليها مساندة البنت وحمايتها واحتضانها، والوقوف ضد من سولت له نفسه بضربها لسبب تافه واحيانا من دون سبب. ولعلنا لا نغالي اذا قلنا أن الكثير من الاسر تعاقب المرأة بدلا من معاقبة الرجل، ولا يستقبلونها بعد الفرار اليهم من ظلم زوجها، ويتغنون في ذلك ببعض المفاهيم المغلوطة، عن ضرورة سكوت المرأة وتحملها لظلم زوجها، وهم يلقنون بناتهن بذلك على مبدأ (نار زوجي ولا جنة اهلي).

وان كان الامل مفقودا في دور الدولة ومن الكثير من العشائر التي تتباهى ببعض فصولها التي تكون المرأة فيها الضحية الاولى وبامتياز. وفي ظل تقصير القوانين وغياب العقوبات التي يجب ان تسن لمن يعتدي على المرأة بالضرب؛ فالأمل معقود على الجمعيات والمنظمات الحقوقية، وعلى اصحاب المنابر ورجال الدين عن طريق خطبهم ومحاضراتهم، للمساعدة في نشر ثقافة الاحترام والحوار، بدلا من العنف الذي لا يجني إلا شوكا، ولابد من الضغط على مؤسسات الدولة المعنية وتوظيف وتفعيل بنود القانون، لمعاقبة المسيئين فـ (مَن أمن العقاب أساء الأدب) كما في القول المعروف.

وأخيرا علينا جميعا ان نعير هذه المشكلة كل الاهتمام ومكافحتها، ومناشدة السلطات بدور أكبر وأكثر فاعلية، ولابد من المطالبة بوجود آليات قانونية يكون لها دورا كبيرا في معالجة هذه المشكلة، وضرورة نشر حملات التوعية من قبل وسائل الاعلام، لاسيما وانها أصبحت عادة يتوارثها الابناء من الآباء، فهم يقلدون اباءهم ليصبحوا على سيرتهم في المستقبل.!

وهكذا أصبحت مشكلة العنف ضد المرأة كابوسا يخيم على الكثير من النساء، في هذا البلد المنكوب، وقد تنمو وتستمر هذه الظاهرة المشكلة، في ظل تقصير الدولة والقانون والأهل والمرأة نفسها.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق


التعليقات

محمد عبد الكريم
كربلاء
تحية للكاتبة رقية، مقال منطقي يضع الحروف فوق نقاطها.. ارجو لك النجاح والتطور2015-04-22
سرور العبادي
كربلاء
احسنت يا يا صحفيتنا الناجحة2015-04-28