q
تشكل نظرة الانسان الى نفسه وفهمه لطبيعته ومركزه ودوره واهدافه في الحياة واحدا من اهم محددات السلوك وضوابطه ودوافعه. فالانسان لا يفعل ما يشعر انه لا يتناسب مع هذه النظرة، ويندفع الى ما يعززها ويبرهن على صحتها، وهو لا يترك القيام ما يعتقد انه...

تشكل نظرة الانسان الى نفسه وفهمه لطبيعته ومركزه ودوره واهدافه في الحياة واحدا من اهم محددات السلوك وضوابطه ودوافعه. فالانسان لا يفعل ما يشعر انه لا يتناسب مع هذه النظرة، ويندفع الى ما يعززها ويبرهن على صحتها، وهو لا يترك القيام ما يعتقد انه يحقق اهدافه في الحياة. وايضا لا يترك ما يثق انه قادر على القيام به.

وهذا الامر ينطبق على المجتمع وروحه العامة. فنظرة المجتمع الى نفسه وثقته بها ووعيه لذاته الجمعية وايمانه باستحقاقاته ومنزلته وايمانه بالمستقبل الذي يستحقه وقدرته على تحقيق هذا المستقبل كل ذلك يشكل ايضا محددات للسلوك المجتمعي العام ودافعا له ومحفزا اليه في الفعل والترك على حد سواء.

الكثير من مفردات العلاقات الدولية والسلوك الخارجي للدول كانت في الماضي كما هي في الحاضر و كما ستكون في المستقبل تجسيدا لطبيعة نظرة المجتمعات الى نفسها واحترامها لهذه النظرة.

ويتم تأسيس هذه النظرة من السوابق التاريخية للمجتمع و منجزات الواقع والتطلعات المستقبلية التي تمثل طموحات المجتمع واماله والقيم العليا التي امن بها وطريقة الحياة التي تترجم هذه القيم.

ويمكن ان نلاحظ ان القران الكريم يؤمن بهذه الفكرة حيث نجد انه يسعى الى بناء وعي جماعي وتصور خاص عن الذات لدى الجماعة البشرية التي تقبلت الاسلام في ذلك الوقت، كما في قوله تعالى: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ"، وقوله: "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا".

واليوم حين ندعو الى اقامة دولة حضارية حديثة فان هذا يتطلب ان ينظر المجتمع العراقي الى نفسه بطريقة تنسجم مع هذه الدعوة، من حيث اعتبار هذه الاطروحة تعبيرا عن ذات المجتمع وتجسيدا لمستواه الحضاري واستجابة لاستحقاقه الحياة الطيبة و تأكيدا لثقته العالية بقدرته الذاتية على تحقيق هذا التطلع المستقبلي.

لا تاتي هذه النظرة من الفراغ وانما من معطيات موضوعية موجودة، قد لا يشعر بها بعض افراد المجتمع، فيكون على الواعين من المواطنين من كتاب وفنانين واعلاميين ورجال دين متنورين وسياسيين وشخصيات اجتماعية ان يسلطوا الاضواء على النظرة الجماعية الايجابية الى الذات ويمدوها باسباب الحياة والعوامل بحيث تكون محفزا قويا للحركة والموقف الايجابي والاندفاع والعمل والحراك الاجتماعي البناء.

لا يخفى ان المجتمع العراقي تعرض لمختلف انواع الاحباطات والتشكيك بالقدرة الاجتماعية منذ عهود كثيرة مضت وخاصة بعد عام ١٩٦٨ وقيام نظام البعث الذي استخف بعقول الناس وتعمد اذلالهم واضطهادهم واشاعة الخوف بينهم ونزع ثقتهم بانفسهم وببعضهم البعض وزجهم بحروب ومغامرات خارجية، فاصبح بعض العراقيين خائفين غير واثقين من قدرتهم على المواجهة والعمل والتغيير يائسين من تحقيق اهدافهم.

واني اجد اشارات لهزيمة نفسية واحباط داخلي وفقدان للثقة في الذات في تعليقات بعض الناس على دعوتي الى اقامة د ح ح. وهذه حالة يجب ان يعالجها اصحاب الامل والثقة بالنفس من المواطنين الصالحين وكذلك الاعلام الوطني الحريص على دفع المجتمع العراقي الى الدرجات العليا في السلّم الحضاري.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق


التعليقات

الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
احبائي
الإنسان الفرد ينظر دائما الى ذاته على أنه افضل المخلوقات
وكذلك المجتمع ينظر ذات النظرة على انه افضل المجتمعات
لكن الفرد السوى والمجتمع الموضوعي هما من ينتقد الذات
ومن يفعل ذلك يصل الى الحالة السوية ويقوم بما يحتاجه من اصلاحات
احبائي
دعوة محبة
ادعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه....واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات....مركز ثقافة الألفية الثالثة2019-02-02