الجرائم وأعمال العنف بمختلف أنواعها لا تزال هي السمة الأساسية التي تميز المجتمع الأمريكي، الذي يعاني اليوم وكما يقول بعض الخبراء من انعدام الأمن بسبب ازدياد جرائم القتل وعمليات الاختطاف والاغتصاب وجرائم التمييز العنصري والكراهية وغيرها من الجرائم الأخرى، فالمجتمع الأمريكي وبحسب بعض التقارير يشهد جريمة قتل كل 22 دقيقة في المتوسط، أما الخسائر المادية من وراء انتشار الجريمة في المجتمع الأمريكي، فإنها حسب نتائج البحوث والدراسات تصل إلى حوالي 675 بليون دولار سنويا، ويرى بعض الخبراء ان هناك عوامل كثيرة أسهمت بانتشار هذه الظاهرة الخطيرة، منها انتشار الأسلحة والعصابات وارتفاع اعداد العاطلين وتفاقم مشكلة الإدمان وتعاطي المخدرات، هذا بالإضافة الى المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وضعف القوانين الرقابية.
جرائم القتل تثير قلق المهاجرين
وفي هذا الشأن قال مسؤولون إن شرطة دالاس اعتقلت مراهقا في حادث قتل مهاجر عراقي بالرصاص عندما كان يلتقط صورا لتساقط الثلوج الذي شاهده لأول مرة. وقالت الشرطة إنها لا ترى ان القتل جريمة كراهية. وكان أحمد الجميلي (30 عاما) قد وصل إلى الولايات المتحدة قبل أسابيع لينضم الى زوجته عندما قتل بالرصاص. ووجه الاتهام الى نيكيريون نيلون (17 عاما) بالقتل العمد في موته. وقالت الشرطة إن نيلون كان يحاول فيما يبدو الانتقام لحادث إطلاق رصاص منفصل وقع في شقة صديقته. وعثر المحققون على 15 طلقة فارغة في مكان الحادث.
وقال المتحدث باسم الشرطة الميجر جيف كوتنر في مؤتمر صحفي "لا نعتقد أنه كان يعرف السيد الجميلي. ولا نعتقد أنه كان يعرف عرقية السيد الجميلي." وأظهر تسجيل فيديو أذاعته الشرطة أربعة رجال يركضون بعيدا عن مجمع سكني وكان أحدهم يحمل بندقية.
وقالت علياء سالم المديرة التنفيذية لمجلس العلاقات الامريكية الإسلامية في دالاس إن احتمال ان يكون الجميلي مستهدفا يثير قلق المسلمين. وعرض المجلس 12000 دولار مكافأة لم يدل بمعلومات تؤدي الى كشف هوية القاتل. وقال أفراد من أسرته إن الجميلي خرج ليلا لإنها كانت المرة الأولى التي يرى فيها تساقط الثلوج.
على صعيد متصل قال مسؤولون إن صبيا 11 عاما من ناشفيل يواجه اتهامات بالقتل بعد أن أطلق النار على صديق له 15 عاما متسببا في مقتله. وقالت الشرطة إن الصبي أبلغ محققي مترو ناشفيل أنه كان يعبث بمسدس عثر عليه عندما قتل الفتى الذي يكبره. وقالت الشرطة إن الحادث وقع في الرواق الأمامي لمنزل الضحية. وقالت الشرطة إن الضحية جرى إلى منزل مجاور طالبا المساعدة وتم نقله بعد ذلك إلى مركز جامعة فاندربيلت الطبي حيث لفظ انفاسه الاخيرة. وهرب الصبي من موقع الحادث لكن الشرطة تمكنت من القبض عليه. ومن المقرر أن يمثل امام محكمة الاحداث.
الى جانب ذلك قتل مسلح في ميزوري ثمانية اشخاص، اربعة منهم على الاقل من أقاربه، ثم انتحر، بحسب ما افادت شرطة الولاية الريفية الواقعة في وسط غرب الولايات المتحدة. وقالت الشرطة انه تم العثور على جثث القتلى السبعة في أربعة منازل مختلفة في بلدة تايرون الصغيرة الريفية في مقاطعة تكساس. وأضافت ان جثة رجل يدعى جوزف جيسي ألدريدج (36 عاما) عثر عليها لاحقا داخل سيارة في مقاطعة مجاورة، مشيرة الى انها ترجح ان يكون هو من قتل الضحايا السبعة ثم انتحر باطلاق النار على نفسه.
كما عثر عناصر الشرطة في منزل خامس على جثة والدة القاتل المفترض وتدعى اليس ألدريدج (74 عاما) لكنها لم تقتل بل توفيت "وفاة طبيعية". وقال المتحدث باسم الشرطة السرجنت جيف كيندر ان "المشتبه به هو رجل عمره 36 عاما من تايرون، عثر عليه ميتا في سيارته (...) في مقاطعة شانون المجاورة بعد ان اطلق النار على نفسه على ما يبدو". وأضاف ان "التحقيق يتواصل لفهم دوافع جرائم القتل هذه".
وبحسب المحققين فان اربعة من الضحايا، هم رجلان وامرأتان تتراوح اعمارهم بين 47 و52 عاما، هم انسباء للقاتل كون اسم عائلتهم جميعا هو نفسه اي ألدريدج. واضافة الى القتلى السبعة اصيب في الواقعة شخص ثامن الا ان حياته ليست في خطر. وبحسب شريف مقاطعة تكساس جيمس سيغمان فان القاتل كان مسلحا بمسدس فقط لا غير، وسجله القضائي نظيف الا من بعض السوابق البسيطة. بحسب فرانس برس.
من جهتها نقلت صحيفة "سانت لويس بوست-ديسباتش" عن الطبيب الشرعي في مقاطعة تكساس توم ويتيكر ان القاتل ارتكب جريمته بعدما اكتشف ان امه توفيت "فاصيب بنوبة جنون وراح يقتل الناس". وتلقت شرطة مقاطعة تكساس اتصالا من شابة تبلغ فيه عن اطلاق نار في منزل كانت موجودة بداخله. وتايرون هي قرية صغيرة تقع في ولاية ميزوري التي يشكل البيض 97% من سكانها ويعيش حوالى 20% منهم تحت خط الفقر.
جرائم الشرطة
في السياق ذاته قال مسؤولون إن شرطيين في سان فرانسيسكو قتلا بالرصاص رجلا كان ينوي الانتحار فيما يبدو خارج مركز شرطة يعملان به ظنا منهما أنه يحمل سلاحا ناريا. وتبين لاحقا أن السلاح الذي كان بحوزة الرجل كان مسدس رش ونشرت الشرطة رسالة قالت إنها كانت على هاتفه المحمول ويتضح منها أنه كان ينوي الانتحار ولكن برصاص الشرطة.
ويأتي الحادث وسط حالة من القلق بين ضباط الأمن في أرجاء الولايات المتحدة منذ مقتل ضابطي شرطة في نيويورك برصاص مسلح قال إنه كان يبغي الانتقام لمقتل سود عزل على أيدي ضباط من البيض. وقالت الشرطة في بيان إن الرجل شوهد وهو يتجول في ساحة انتظار السيارات بأحد أقسام الشرطة في سان فرانسيسكو وطلب منه المغادرة.
وأضافت أن الرجل الذي لم تكشف عن هويته وقف عند طريق الخروج من ساحة الانتظار وأعاق خروج سيارة رجلي الشرطة. وأوضحت الشرطة أن الاثنين خرجا من السيارة وطلبا من الرجل الانصراف فخرج من ساحة الانتظار ورفع طرف سترته فظهر ما بدا أنه عقب مسدس. وقالت إن الشرطيين أطلقا النار على الرجل ثلاث مرات واتضح بعد ذلك أن المسدس كان مسدس رش وليس سلاحا ناريا.
وبالبحث على هاتف الرجل وجدت الشرطة رسائل انتحار منها رسالة بعنوان "أعزائي الضباط". وقالت الشرطة إنها نشرت الرسالة بعد موافقة والد القتيل. وجاء في الرسالة وفقا لرواية الشرطة "أنتم لم ترتكبوا خطأ. أنهيتم حياة رجل كان أجبن كثيرا جدا من أن يفعل ذلك بنفسه. "أرجوكم لا تلوموا أنفسكم. قمت باستغلالكم.. استفدت منكم."
على صعيد متصل دافعت شرطة لوس انجليس عن نفسها بعد مقتل مشرد برصاص اطلقته قوات الامن التي باتت اساليبها تثير تساؤلات حول عنف الشرطة في الولايات المتحدة. واكد قائد الشرطة تشارلي بيك امام الصحافيين "تعاطفه" مع عائلة الضحية وكذلك مع الرجال "المتورطين في هذه المأساة"، ووعد باجراء "تحقيق مفصل". من جهته، وعد رئيس بلدية لوس انجليس ايريك غارسيتي باجراء "تحقيق دقيق" ودعا الى "عدم استخلاص اي نتائج" ان تعرف نتائج التحقيق. وحرص بيك على وصف ما حدث ببلاغة خطابية في المؤتمر الصحافي.
وقال "عندما كان على الارض ويتصارع مع العناصر، حاول الرجل الاستيلاء على مسدس احدهم مما ادى الى اطلاق النار الذي تورط فيه الشرطيون"، مؤكدا ان بعض رجال الشرطة كانوا مزودين بكاميرات. ولم تنشر الصور لكن بيك وعد بان يتم تحليلها خلال التحقيق. في المقابل نشر تسجيل فيديو صوره احد المارة، على شبكات التواصل الاجتماعي. ويبدو في التسجيل في وضح النهار على رصيف حي سكيد رو في وسط لوس انجليس ستة شرطيين يضربون رجلا مشردا قال رفاق له لصحيفة لوس انجليس تايمز انه يلقب ب"افريكا".
وكان الشرطيون تدخلوا على اثر عملية سطو. ونقلت صحيفة لوس انجليس تايمز عن شهود ان الرجل كان يتعارك مع شخص في خيمة يعيش فيها في الحي. لكن الشرطة قالت ان الرجل استهدف ثلاثة شرطيين بعدما حاول الاستيلاء على سلاح احدهم خلال مشاجرة. وفي المؤتمر الصحافي عرض قائد الشرطة صورا للسلاح تثبت ذلك مؤكدا انه "حدث عراك من اجل المسدس" بين الشرطيين والرجل المشرد.
وتابع ان رجال الشرطة استخدموا بعد ذلك التيزر "لكن تأثيره كان محدودا على الرجل الذي واصل العراك". ويسمع على تسجيل الفيديو صوت يقول "اترك السلاح" قبل صوت رصاصات وصرخات استغاثة. واكد متحدث باسم شرطة لوس انجليس ان الاسعاف لم يتمكن سوى من تأكيد وفاة الرجل. وقال تشارلي بيك "يبدو لي ان الرجال عملوا بتساهل حتى تبين لهم ان استخدام القوة ضروري".
وذكرت وسائل اعلام محلية ان الضحية كان يعيش في واحدة من خيام الحي الذي يعيش فيه عدة مشردين. وسيقود التحقيق مفتش عام مستقل، حسبما اعلن مدعي المنطقة وادارة التحقيقات في شرطة لوس انجليس. واصيب شرطيان بجروح طفيفة بينما استبعد الذين اطلقوا النار من العمل الميداني حاليا. وقالت محطات تلفزيونية ان التوتر ساد المنطقة لساعات بعد الحادث. ويأتي مقتل هذا المشرد بعد حوادث عديدة في مدن اميركية في الاونة الاخيرة وقتل فيها رجال سود برصاص رجال الشرطة مما اعاد الى الواجهة جدلا حول العنصرية في اوساط قوات الامن والمساواة في النظام القضائي في 2014. بحسب فرانس برس.
وفي 23 كانون الاول/ديسمبر قتل الشاب الاسود انتونيو مارتن (18 عاما) برصاص شرطي ابيض في محطة للمحروقات في بيركلي. وقبل ذلك، شهدت فرغسون المجاورة احتجاجات عنيفة اثر قرار هيئة محلفين عدم ملاحقة الشرطي الابيض الذي اردى في آب/اغسطس شابا اسود اعزل يدعى مايكل براون ويبلغ من العمر ايضا 18 عاما.
من جانب اخر أعلنت الشرطة ووسائل إعلام أمريكية أن شرطيا أبيض اعتقل ووجهت إليه تهمة القتل في نورث تشارلستون في ولاية كاليفورنيا الجنوبية (جنوب شرق) بعدما أطلق رصاصات عديدة في وضح النهار على رجل أسود أعزل كان على ما يبدو يحاول الفرار منه. وأظهر شريط فيديو للحادثة صوره شاهد عيان ونشرته صحيفة نيويورك تايمز على موقعها الإلكتروني أن الشرطي مايكل سلاغر أطلق ثماني رصاصات على ظهر الرجل حالما بدأ الأخير يركض محاولا الفرار من الشرطي أثناء عملية تحقق من الهوية.
ونقل الشرطي إلى سجن في مقاطعة تشارلستون وهو يواجه عقوبة تصل إلى حد الإعدام أو السجن لمدة 30 عاما، بحسب ما أعلنت الشرطة في بيان. وبحسب صحيفة بوست أند كوريير المحلية فإن الشرطي أوقف الضحية الذي كان يقود سيارته بسبب مشكلة مرور، مضيفة أن عراكا قصيرا بين الشرطي والضحية سبق على ما يبدو إطلاق النار. وأضافت أن الضحية يدعى والتر سكوت ويبلغ من العمر 50 عاما. ويظهر في الشريط الشرطي وهو يطلق ثماني رصاصات على ظهر سكوت ليسقط الأخير أرضا وكان لا يزال على قيد الحياة، قبل أن يدنو منه الشرطي ويطلب منه وضع يديه خلف ظهره ويقيده.
الأسلحة في المطارات
على صعيد متصل صادرت الوكالة الاميركية لسلامة النقل (تي اس ايه) عددا قياسيا من الاسلحة سنة 2014 بينها اكثر من 80 % كانت محشوة بالذخيرة في حقائب يد لركاب كانوا يهمون بالسفر من المطارات الاميركية. وأضافت الوكالة ان عددا قياسيا يبلغ 2212 سلاحا، اي بزيادة 22 % خلال عام، تم ضبطها و83 % منها كانت محشوة.
واجرت الوكالة الاميركية عمليات تفتيش العام الماضي لـ653,5 مليون مسافر و1,7 مليار حقيبة يد. وكانت لمطارات دالاس وهيوستن في تكساس (جنوب) واتلانتا في جورجيا (جنوب شرق) وفينيكس في اريزونا ودنفر في كولورادو (جنوب غرب)، الحصة الاكبر في عدد الاسلحة المضبوطة. وقد ضبطت خصوصا بندقية هجومية في مطار دالاس اضافة الى مسدس محشو بالرصاص عيار 9 ملم كان يضعه رجل في الرابعة والتسعين من عمره على خصره في مطار لا غوارديا في نيويورك.
كذلك ضبط مفتشو الوكالة الاميركية لسلامة النقل قنبلة يدوية في لوس انجليس -- وقد ادى اكتشافها الى تأخير خمس رحلات -- وست حشوات لمتفجرات في تامبا بولاية فلوريدا (جنوب شرق). كذلك شملت الاسلحة المضبوطة سكينا حادا بطول 20 سم مخبأ داخل طبق انتشيلادا المكسيكي في سانتا روزا بولاية كاليفورنيا (غرب) وشفرات حادة داخل بطاقة معايدة في نيوبورت نيوز بولاية فيرجينيا (شرق). بحسب فرانس برس.
وبموجب القانون الفدرالي، يواجه اي شخص يحاول ادخال سلاح محشو او غير محشو الى طائرة عقوبة الملاحقة القضائية ودفع غرامة قدرها 10 الاف دولار. ويمكن نقل الاسلحة في الحقائب المخصصة للشحن اذا ما كانت فارغة وموضبة وموضوعة داخل علبة مقفلة باحكام بالمفتاح.
الترويج للكراهية
من جانب آخر جاء في دراسة لمركز بحثي ان عدد الجماعات التي تروج للكراهية في الولايات المتحدة تراجع بنسبة 17 في المئة عام 2014 مقارنة بالعام الذي سبقه لكن أعمال العنف التي يقوم بها متطرفون في الداخل لم تتراجع. وقال مارك بوتوك وهو زميل في مركز ساذرن بوفرتي لو الذي نشر دراسته في وقت سابق ان اعضاء سابقين في الجماعات التي تروج للكراهية مثل النازيين الجدد والانفصاليين السود ومنظمات تستهدف المثليين والمسلمين والمهاجرين لهم مطلق الحرية في نشر ارائهم على الانترنت دون الكشف عن اسمائهم.
وقال بوتوك في بيان "الارهابيون المحليون ومتطرفون آخرون لهم نوايا اجرامية يتحركون بشكل متزايد وحدهم ويختارون القيام بهجمات قاتلة دون مساعدة من اي جماعة منظمة." وقال المركز انه رصد العشرات من حوادث "الارهاب المحلي" أسفرت عن مقتل 63 شخصا في الولايات المتحدة خلال الستة أعوام الماضية ونفذ غالبية هذه الهجمات شخص او اثنان لا جماعات منظمة. بحسب رويترز.
وأضاف المركز ان معدل أعمال العنف المتطرفة في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية متقاربة مع معدلات التسعينات في ذروة نشاط حركات الميليشيا. وقال المركز ان العدد الاجمالي للجماعات التي تروج للكراهية في الولايات المتحدة بلغ 784 جماعة في عام 2014 انخفاضا عن 939 في 2013 وكان العدد بلغ ذروته عام 2011 ووصل الى 1108 جماعات.
اضف تعليق