يعد العنف ضد النساء والفتيات انتهاك صارخ لحقوق الانسان ووباء عالمي مستفحل في المجتمعات وخاصة في دول العربية والدول الفقيرة بثقافتها ومادياتها، حيث تعاني أكثر من 70% من النساء من العنف في حياتهن، أي أن واحدة من كل ثلاث نساء في العالم يتعرضن لنوع من أنواع العنف...
يعد العنف ضد النساء والفتيات انتهاك صارخ لحقوق الانسان ووباء عالمي مستفحل في المجتمعات وخاصة في دول العربية والدول الفقيرة بثقافتها ومادياتها، حيث تعاني أكثر من 70% من النساء من العنف في حياتهن، أي أن واحدة من كل ثلاث نساء في العالم يتعرضن لنوع من أنواع العنف. بحسب احصائية نشرتها الأمم المتحدة، ينجم العنف ضد المرأة عن التمييز ضد المرأة قانونياً وعملياً وكذلك عن استمرار نهج اللامساواة بين الجنسين، مما يعيق تقدم المجتمعات الحضرية في كثير من المجالات.
ويحتفل العالم في 25 نوفمبر من كل عام بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ويهدف هذا اليوم لزيادة الوعي العالمي وحشد الجهود والطاقات من أجل التوعية لاحداث تغيير حقيقي لصالح النساء اللواتي يتعرضن للعنف في جميع أنحاء العالم، ومن أكبر التحديات التي تواجه و تعيق تقدم الجهود للقضاء على العنف ضد النساء هي الضعف في الامكانيات و آليات التوعية والتنفيذ الناتجة عن نقص التمويل الدولي وعدم الوعي الكافي بهذه الآفة.
من جهتها أطلقت الأمم المتحدة هذا العام حملة "لون العالم برتقالي" للتضامن مع أهداف هذا اليوم، من زيادة للوعي وجمع التبرعات وحملات للتضامن مع الناجيات من العنف الاجتماعي، وحث المجتمع الدولي على رفع الأصوات للمطالبة بمعاقبة ممارسي العنف ضد النساء، وتستمر هذه الحملة حتى العاشر من شهر ديسمبر.
كما يهدف هذا اليوم لتشجيع النساء اللواتي ما زلن يتعرضن لكافة أشكال العنف للمطالبة بحقوقهم في المساواة وتشجيعهم على عدم السكوت والرضى بما يتعرضن له وتوفير المساعدات والموارد اللازمة لهن للمضي قدماً في حياتهن، إذ يتعرض ثلث نساء العالم لشكل أو آخر من أشكال العنف البدني أو الجنسي، ووفقاً للإحصاءات فإن امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء تتعرض للعنف البدني أو الجنسي، وغالباً ما يكون ذلك على يد شريك حميم، وفي معظم البلدان، فإن أقل من 4 نساء من أصل 10 من الناجيات من هذا العنف تسعين إلى طلب المساعدة.
ويشمل العنف ضد النساء والفتيات العنف العائلي والعنف الجنسي، والاتجار بالبشر، وممارسات ضارة شتى، من قبيل زواج الأطفال القسري، والفتك بالمواليد الرضع على أساس جنساني، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
وعلى الصعيد العالمي، هناك ما يربو على 140 مليون من النساء والفتيات اللاتي تعرضن لشكل من أشكال تشويه أعضائهن التناسلية. وفي البلدان النامية، تتزوج فتاة من بين كل 3 فتيات قبل بلوغها سن الثامنة عشرة، وواحدة من بين كل 9 قبل بلوغها سن الخامسة عشرة.
ويتسبب العنف في حرمان النساء والفتيات من حقوقهن الإنسانية في الصحة والتعليم والمشاركة في شؤون مجتمعاتهن وأوطانهن. وتترتب على العنف آثار صحية جمَّة – بدءًا من حالات الحمل القسري إلى حالات الإجهاض غيرا لآمن، فضلاً عن الآلام والصدمات البدنية التي تلازم الضحايا مدى الحياة. وفي أحيان كثيرة تعيش الناجيات من العنف تحت وطأة الخوف الدائم والشعور بالوصم.
إن المجتمع الدولي على وشك الشروع في رحلة تمتد على مدى 15 عاماً تستهدف تحقيق التنمية المستدامة المنصفة والشاملة للجميع. ولكي تحقق خطة التنمية المستدامة الجديدة التي أعلنتها الأمم المتحدة أثراً إيجابياً وذا جدوى، لابد من اتخاذ إجراءات لكسر دائرة العنف ضد المرأة والتي تحرم ملايين النساء والفتيات من حقوق الإنسان الأساسية الخاصة بهن ومن قدرتهن على أن تسهمن في التقدم الاقتصادي والاجتماعي لبلدانهن.
وينبغي أن يكون إنهاء العنف ضد النساء والفتيات أولوية لكل بني البشر. فتلك ليست قضية تخص المرأة وحدها؛ لكنها تمسنا جميعاً. وما دامت كرامة ورفاه نصف البشر عرضة للخطر، فسيظل السلام والأمن والتنمية المستدامة أمراً بعيد المنال.
إن صندوق الأمم المتحدة للسكان يعمل من أجل منع العنف الجنساني ومجابهته في 135 بلداً، منها 43 بلداً متأثرة بالأزمات التي من شأنها أن تفاقم من أوجه الضعف التي تتعرض لها النساء والفتيات، وبمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، يجدد صندوق الأمم المتحدة للسكان التزامه بحماية صحة النساء والفتيات وحقوقهن.
ولقد قمنا بالتعاون مع الأمم المتحدة والشركاء الآخرين بوضع معايير عالمية للخدمات الأساسية من أجل النساء والفتيات المعرضات للعنف ومبادئ توجيهية تقنية شاملة لمساعدة البلدان على تنفيذها، ونواصل عملنا مع الرجال والفتيان وقادة المجتمع في البلدان حول العالم من أجل تغيير المواقف التمييزية والتقاليد الاجتماعية التي تسمح باستمرار هذه الانتهاكات.
ويقوم صندوق الأمم المتحدة للسكان باتخاذ إجراءات لمنع ومجابهة العنف ضد النساء والفتيات قبل نشوب النزاعات وأثناءها وبعدها، وخلال الأوقات التي يسود فيها السلام، وكجزء لا يتجزأ من إجراءاته الإنسانية الفعالة.
سيقوم المجتمع الدولي باستعراض التقدم المحرز على مدى العقدين الماضيين من أجل التخطيط المستقبلي في اجتماع دولي ينظمه صندوق الأمم المتحدة للسكان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في اسطنبول الشهر المقبل.
وفي ظل الأهداف العالمية الجديدة، تقع علينا مسؤولية جماعية بإنهاء العنف ضد النساء والفتيات وأمامنا موعد نهائي لبلوغ هذا الهدف بحلول عام 2030. ولذا، فإن علينا، جميعاً، أن نبذل المزيد من الجهود حتى لا يتخلف أحد عن الركب، فلكل امرأة وفتاة الحق في أن تعيش حرة دون أي تمييز أو عنف قائم على نوع الجنس.
وهذا أمر لا مناص منه، ليس فقط من أجل كرامة النساء والفتيات ورفاههن وحقوق الإنسان الخاصة بهن، ولكن أيضاً من أجل إنسانيتنا المشتركة ومستقبلنا المشترك".
وأطلقت “أوكسفام” حملة بعنوان: “كفى: معا بإمكاننا إنهاء العنف ضد النساء والفتيات”، مشيرة إلى أن ثلث نساء العالم تتعرض لأعمال عنف في مرحلة ما من حياتهم، وبدأت المنظمة حملتها في المغرب وإندونيسيا والهند وباكستان وغواتيمالا وجنوب إفريقيا وزامبيا، على أن تنضم أكثر من 30 بلدا إلى إليها لاحقا.
وتقول المنظمة إن العنف ضد النساء والفتيات لا يعرف حدودا جغرافية أو ثقافية، لكنها تشير إلى أن المهمشات بما في ذلك النساء والفتيات الفقيرات، هن الأكثر عرضة للعنف، وحسب “أوكسفام”، تواجه النساء والفتيات العنف في جميع مراحل حياتهم، فقد تم تزويج أكثر من 700 مليون امرأة وهن في مرحلة الطفولة، فيما خضع 200 مليون لعمليات تشويه الأعضاء التناسلية، أغلبهن بعمر أقل من 5 سنوات.
وخلصت دراسة تشرف عليها المنظمة، إلى أن 30 في المئة من النساء يتعرضن لعنف الزوج (أو الشريك)، ما دفع المديرة التنفيذية لـ”أوكسفام” ويني بيانيما تقول: “في كل دقيقة من كل يوم، يدمر العنف حياة الملايين من النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم”، واستعانت أوكسفام في حملتها بنماذج لنساء تعرضن لأنواع مختلفة من العنف الجسدي والنفسي والقانوني، من الدول التي بدأت بها الحملة، وأوضحت بيانيما: “كان لمنظمات وحركات حقوق المرأة الباع الطويل في تحدي قبول وانتشار العنف ضد النساء والفتيات”، مشيرة إلى “حاجة ملحة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة”.
على العالم أن ينهي العنف ضد المرأة
يحتفل العالم في الـ25 من تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام بـ"اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة"، للتذكير بأهمية حماية الحقوق الإنسانية للجنس اللطيف، فيما تخطت هذه الظاهرة كل التوقعات في العالم العربي، خصوصاً مع انعدام الاستقرار السياسي واستمرار الحروب، وكشفت "منظمة الصحة العالمية" عن آخر معدلات انتشار العنف في العالم العربي، والتي تشير إلى وجود نسبة 35 في المئة من النساء العربيات، اللواتي تعرّضن في حياتهن، للعنف على يد الأزواج، أو للعنف على يد الأقارب أو زملاء العمل. بحسب صحفية الحياة.
وتُرجع "منظمة الصحة العالمية" أسباب العنف إلى سجل سابق في العنف لدى الشخص المعتدي، أو عدم رضاه عن علاقته مع الطرف الثاني، كما يرتبط العنف في العالم العربي بجرائم الشرف، والسيطرة الذكورية على المرأة، وفق ما نشره موقع "سي أن أن".
وأصدرت مؤسسة "نظرة" للدراسات النسوية في مصر، الشهر الماضي، دليلاً إقليمياً للرصد والتوثيق في قضايا العنف القائم على أساس النوع، خصوصاً العنف الجنسي ضد النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق ما نشره موقع "بي بي سي" البريطاني.
وأوضحت المؤسسة أن العنف موجود سواء في حالة السلم أو الحرب، إذ تتعرّض النساء للجرائم كافة من اعتداءات واغتصابات، وسط انعدامٍ للأمن في بعض الدول.
وأشار آخر إحصاءات "المركز المصري لحقوق المرأة"، إلى أن عدد حالات الاغتصاب في مصر سنوياً، وصل إلى أكثر من 200 ألف امرأة، في حين سجّل "مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجرائم" في الأردن، ارتفاعاً كبيراً في حالات الاغتصاب، بنحو سيدتين من بين كل 100 ألف سيدة.
ويشهد الأردن وفق أرقام وإحصائيات محلية، نحو 14 جريمة سنوياً بداعي «الشرف»، إلا أنه شهد خلال الثلث الأول من العام الحالي وقوع 12 جريمة قتل بحق نساء وفتيات، إذ إن كانون الثاني (يناير) شهد أربع جرائم قتل، وشباط (فبراير) ثلاثاً، ولم يشهد آذار (مارس) أية جريمة قتل، بينما شهد نيسان (أبريل) خمس جرائم، وشروعاً بجريمة قتل واحدة.
أما في المغرب، فإن أكثر من أربعة ملايين امرأة يتعرّضن لعنف جسدي منذ بلوغهن الـ18، في حين احتلت المرأة المعنّفة على يد زوجها الصدارة في الترتيب، بنسبة تجاوزت الـ50 في المئة.
وفي تونس، بلغت نسبة النساء اللواتي يتعرّضن للعنف بأنواعه المختلفة، 47 في المئة، غالبيتهم من الأرياف، في وقت أصدر الدستور التونسي الجديد مادةً تنص على مسؤولية الدولة بأخذ التدابير اللازمة لحماية النساء من العنف، وأُقر في لبنان، قانوناً لحماية أفراد الأسرة من العنف، خصوصاً أن هذه الظاهرة أدت إلى مقتل أكثر من 12 امرأة سنوياً.
وتزامناً مع هذا اليوم، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فعالية «اليوم البرتقالي»، ضمن حملته "اتحدوا" لمواجهة العنف ضد المرأة، وستستمر فعالياته لمدة 16 يوماً، اعتباراً من اليوم، وحتى الـ10 من كانون الأول (ديسمبر)، والذي يُعد "اليوم العالمي لحقوق الإنسان"، بحسب ما نشره موقع "هيئة الأمم المتحدة للمرأة".
وتدعو الأمم المتحدة، منذ الـ17 من كانون الأول (ديسمبر) العام 1999، الحكومات والمنظمات الدولية وغير الحكومية، الى تنظيم نشاطات ترفع من وعي الناس حول مدى حجم المشكلة، وتعرّض النساء حول العالم للاغتصاب والعنف المنزلي وختان الإناث وغيرها.
وكانت منظمة «أوكسفام» البريطانية غير الحكومية، أعلنت أن ثلثي النساء في أنحاء العالم يتعرضن للعنف في مرحلة ما من حياتهن، وأن الفقيرات منهن الأكثر تعرضاً للعنف. ولا يقتصر العنف ضد المرأة على منطقة معينة أو ثقافة أو بلد، أو فئات معينة من النساء داخل المجتمع. فجذور العنف تكمن في استمرار التمييز ضد المرأة.
عقبة خطيرة أمام التنمية المستدامة
إن العنف ضد النساء والفتيات هو انتهاك لحقوق الإنسان ووباء يمس الصحة العامة وعقبة خطيرة أمام التنمية المستدامة، جاء ذلك في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي تحتفي به الأمم المتحدة في الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام. بحسب وكالة الانباء الامارتية، ونوّه إلى أن "العنف ضد النساء والفتيات يفرض تكاليف ضخمة على الأسر والمجتمعات المحلية والاقتصادات"، وحذر من أن العنف العائلي وعنف الشريك ما زالا مستشريين ويتفاقمان بفعل انتشار الإفلات من العقاب على تلك الجرائم، ليؤدي ذلك إلى قدر هائل من المعاناة واستبعاد للمرأة من النهوض بالأدوار الصحيحة والكاملة المنوطة بها في المجتمع.
ودعا الحكومات إلى إبداء التزامها من خلال زيادة الإنفاق الوطني بشكل كبير في جميع المجالات ذات الصلة، بما في ذلك دعم الحركات النسائية ومنظمات المجتمع المدني، وأشار بان إلى أن حملة "اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة"، التي قادها عام 2008، تدعو إلى اتخاذ إجراءات على الصعيد العالمي من أجل زيادة الموارد والتشجيع على إيجاد الحلول، وتضاء اليوم العديد من المعالم حول العالم باللون البرتقالي، لترمز بذلك إلى مستقبل مشرق ينتظر النساء والفتيات.
عالمٌ من الصمت
تنحو النساء لعدم التحدث عن العنف الذي يلمّ بهن إن لم تكن الحالة مستعصية، من هنا لا تزال الأمم المتحدة تعتبر المعنفات "عالماً من الصمت".. حالات في الأردن تعكس هذا الواقع المرير، تجلس آمال وحيدة في المنزل بعد خروج أطفالها إلى المدرسة، تتحسس أثر ضربات ألمّت بها بعد "نقاش حادّ" مع زوجها قبل يومين. كتفها الأيمن لا يزال ضعيفاً وبدأت بعض العلامات على يديها بالتحوّل لبقع زرقاء. بحسب D.W.
"النقاش ما كان ليتطور للضرب لولا أني سألته.. كان عليّ ألا أفعل فهو متعب من العمل"، قالت آمال لـ DW ذلك وهي تشكر ربّها على أنها "ضُرِبت دون أن تتأذى" كما حصل لجارة لها كسر زوجها أحد أضلعها قبل سنوات.
آمال، والاسم مستعار بطلب من صاحبته، تحيا مع زوجها منذ أكثر من 10 سنوات ولديها منه 3 أبناء، والضرب إحدى صيغ تعامله معها منذ فترة الزواج الأولى كما أنه في كثير من الأحيان لغته في التعامل مع الأطفال، إلا أنها تصرّ على التأكيد أنه "ليس سيئاً وطيب القلب" كلما حاول أحد انتقاده.
السيدة آمال ليست وحيدة بكل الأحوال، كما أن حالتها ما هي إلا حالة بسيطة مقارنة بحوادث هزّت المجتمع الأردني في الشهرين الأخيرين لعلّ أبشعها قتل ابن لوالدته بقطع رأسها وفقء عينيها مع بداية نوفمبر/ تشرين ثاني الجاري.
الحادثة الأخيرة أحدثت نوعاً من التحرك في المجتمع، وغطّاها الإعلام بشكل كبير، كما تفاعل معها المجتمع الأردني متعاطفاً مع السيدة، رغم أن التعاطف بالعادة لا تجده النساء.
وتنحو النساء لعدم التحدث عن العنف الذي يلمّ بهن إن لم تكن الحالة مستعصية، الأمر الذي تحدثت عنه لـ DW رئيسة الجمعية الأردنية لعلم الاجتماع الدكتورة عبلة وشاح باعتباره جزء من العنف الثقافي في المجتمع ضد المرأة.
"الرجل تتم تربيته منذ الطفولة بتمايز مع شقيقاته، ما يعود للذكورية في المجتمع، كما تربّيه والدته على أنه صاحب كلمة ومسؤول ما يجعله لاحقاً يتصرّف مع شقيقته وزوجته وأحياناً أمه ذاتها على ذات الأساس"، تقول الدكتورة وشاح.
قبيل حادثة قتل الشاب لوالدته بأيام، كان "معهد تضامن النساء الأردني"، وهو جمعية غير ربحية تعنى بحقوق المرأة وتمكينها، قد أصدر بياناً صريحاً استنكر فيه على الإعلام المحلي عدم التناول الجاد لأربعة جرائم حصلت في أسبوع واحد بحق نساء أردنيات، إحداهن زوجة ثلاثينية وأم لطفلين تعرضت للاعتداء من قبل زوجها ضرباً ورفساً بالأقدام مما سبب لها نزيف داخلي نقلت إثره إلى المستشفى إلا أنها فارقت الحياة.
خلال ثلاثة أيام لاحقة حصلت ثلاث جرائم كانت ضحاياها من النساء، إذ قتلت سيدة ثلاثينية وهي أم لثلاثة أطفال خنقاً في منزلها واكتشفت الشرطة وجود آثار كدمات وضرب على جسدها، ثم تناقل الإعلام أن منفذ الجريمة هو طليقها. في اليوم التالي، قتل شقيق شقيقته مطلقاً أربعة رصاصات على رأسها وهي نائمة، بسبب حيازتها لهاتف خلوي ورؤيتها تتحدث به، وأفاد الجاني بأنه أرتكب جريمته “تطهيراً لشرف العائلة”. في اليوم اللاحق مباشرة، أقدم شاب عشريني على قتل شقيقته العشرينية طعناً باستخدام سكين في الشارع العام.
كل الجرائم المذكورة، حدثت في الأردن خلال أقل من شهر، ما جعل عنوان الحملة السنوية لوقف العنف المبني على النوع الاجتماعي في الأردن تحمل عنوان "أوقفوا جرائم قتل النساء والفتيات"، والتي تبدأ الجمعة "25 تشرين ثاني/نوفمبر" وتستمر لـ 16 يوماً.
وأطلقت الحملة اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة وشبكة مناهضة العنف ضد المرأة "شمعة"، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، في مؤتمر صحفي حصلت DW على محضر فعالياته، وتتزامن الحملة التي حملت وسم 16DaysJo# مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي بدأ العالم بالاحتفال به منذ عام 1999.
وتقوم منظمات المجتمع المدني في الأردن بمجوعة أنشطة متزامنة من بينها نشر الملصقات التوعوية وإضاءة الأماكن الأثرية باللون البرتقالي الذي يرمز لمناهضة العنف ضد المرأة.
ولا يوجد أي احصاءات عن أرقام المعنفات في المنازل، تبعاً لقرار الأخيرات التزام الصمت في أغلب الأحيان، الأمر الذي لا يعود للثقافة وحسب، بل يتعدى ذلك لاشكالات قانونية واجرائية تتعرض لها المرأة في حال قررت اللجوء للسلطات في الدولة.
إذ تشكو النساء المعنفات من عدم وجود ملجأ حقيقي لهن، وأن دور الرعاية التي توفّرها الدولة، لا تتم المتابعة معهن بعد دخولها، الأمر الذي يجعل معظم المعنفات تتعرضن لعنفٍ مضاعف بمجرد توقيع "المعتدي" إقراراً بعدم تكرار الاعتداء.
وتجلس الثلاثينية مها حبيسة منزلها منذ عادت من دار الرعاية، إذ منعها شقيقها حتى من ارتياد عملها، باعتبار الذهاب للعمل هو ما وفّر لها فرصة لتقديم شكوى ضد عنفه معها، وتقول صديقة مها، أن شقيق السيدة الثلاثينية يصغرها بأربعة أعوام الأمر الذي لم يمنعه من الاعتداء عليها بالضرب، والسيطرة على دخلها والتحكم بها، مشيرة إلى أنه يمنعها حتى من استقبال صديقاتها في المنزل.
وتطالب المنظمات النسوية التي وحّدت جهودها هذه المرة خلال الحملة سالفة الذكر، بتعديل قانون الحماية من العنف الأسري، بحيث يتضمن تدابير إجرائية تكفل للضحايا الوصول الآمن والسريع لآلية طلب الحماية وتضمن لهنّ السلامة الكاملة بعد ذلك من خلال برامج المتابعة الحثيثة وفرض العقوبات الرادعة على كل فعل مبعثه الانتقام منهنّ بسبب طلبهنّ الحماية من مؤسسات الدولة.
14 دولة أوروبية لم تقر اتفاقية تتصدى للعنف ضد المرأة
أعرب البرلمان الأوروبي، عن أسفه لواقع أن نصف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبينها ألمانيا وبريطانيا، لم تصادق حتى الآن على اتفاقية دولية تهدف إلى تحسين التصدي للعنف بحق المرأة، داعياً المتخلفين إلى المصادقة "سريعاً" عليها.
ولاحظ النواب في قرار اعتمد بأغلبية ساحقة في ستراسبورغ "أن كافة الدول الأعضاء وقعت هذه الاتفاقية، لكن فقط 14 منها صادقت عليها"، وأكد النواب الأوروبيون أن النص المعني وهي اتفاقية للمجلس الأوروبي وقعت في 2011 باسطنبول، هو "أول أداة ملزمة قانونياً حول درء العنف ضد النساء والتصدي له على المستوى الدولي". بحسب فرانس برس.
والدول الـ14 التي لم تصادق على الاتفاقية هي ألمانيا وبريطانيا وإيرلندا واليونان وقبرص وبلغاريا وتشيكيا والمجر ولوكسمبورغ وسلوفاكيا وكرواتيا واستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وقال أعضاء البرلمان الأوروبي في قرارهم "إن العنف تجاه النساء يعتبر في كثير من الأحيان مسألة خاصة ويجري التساهل حيالها كثيراً".
وأضافوا: "يتعلق الأمر في الواقع بانتهاك للحقوق الأساسية وخرق خطير يجب أن يعاقب بصفته هذه"، وأشار البرلمان من جهة أخرى إلى أنه بصرف النظر عن عملية التصديق في كل دولة عضو، بإمكان الاتحاد الأوروبي بصفته هو أن ينضم إلى هذه الاتفاقية، وقال إنه "يدعم بشكل واسع وبلا تحفظ" هذا التوجه.
ولاحظوا أن هذا الانضمام سيكون له معنى لأن الاتحاد الأوروبي "لديه صلاحية في بعض المجالات، مثل حقوق الضحايا (..) واللجوء والهجرة إضافة إلى التعاون القضائي في المجال الجزائي"، وتابع نواب البرلمان الأوروبي أن "انضمام الاتحاد الأوروبي سيمارس ضغطاً سياسياً إضافياً على الدول الأعضاء حتى تصادق على هذه الأداة"/ وتتعرض اتفاقية اسطنبول لنقد بعض القوى السياسية والدينية في أوروبا التي تأخذ عليها ربط العنف بالدين والتقاليد أو الرغبة في فرض رؤية نسوية راديكالية.
أسباب العنف ضد المرأة
بحسب المتخصصين بشؤون المرأة يمكن إرجاع العنف إلى الأسباب التالية:
1- النظرة القيمية الخاطئة والتي لا ترى أهلية حقيقية وكاملة للمرأة كإنسانة كاملة الإنسانية حقاً وواجباً.. وهذا ما يُؤسّس لحياة تقوم على التهميش والاحتقار للمرأة.
2- التخلّف الثقافي العام وما يفرزه من جهل بمكونات الحضارة والتطوّر البشري الواجب أن ينهض على أكتاف المرأة والرجل على حدٍ سواء ضمن معادلة التكامل بينهما لصنع الحياة الهادفة والمتقدمة.
3- التوظيف السيء للسلطة سواء كان ذلك داخل الأسرة أو الطبقة الاجتماعية أو الدولة، إذ يقوم على التعالي والسحق لحقوق الأضعف داخل هذه الأُطر المجتمعية.
4- قيمومة التقاليد والعادات الاجتماعية الخاطئة التي تحول دون تنامي دور المرأة وإبداعها لإتحاف الحياة بمقومات النهضة.
5- ضعف المرأة نفسها في المطالبة بحقوقها الإنسانية والوطنية والعمل لتفعيل وتنامي دورها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
6- الاستبداد السياسي المانع من تطور المجتمع ككل والذي يقف حجر عثرة أمام البناء العصري للدولة والسلطة.
7- انتفاء الديمقراطية بما تعنيه من حكم القانون والمؤسسات والتعددية واحترام وقبول الآخر.. كثقافة وآلية تحكم المجتمع والدولة بحيث تكون قادرة على احترام مواطنيها وتنميتهم وحمايتهم.
8- ثقل الأزمات الاقتصادية الخانقة وما تفرزه من عنف عام بسبب التضخم والفقر والبطالة والحاجة، ويحتل العامل الاقتصادي 45% من حالات العنف ضد المرأة.
9- تداعيات الحروب الكارثية وما تخلقه من ثقافة للعنف وشيوع للقتل وتجاوز لحقوق الإنسان، وبما تفرزه من نتائج مدمرة للاقتصاد والأمن والتماسك والسلام الاجتماعي.
10- الآثار السلبية للتدهور التعليمي والتربوي والصحي والبيئي الذي يشل نمو وتطور المجتمع بكافة شرائحه.
نتائج العُنف ضد المرأة
إنَّ من أهم النتائج المُدمّرة لتبني العنف ضد المرأة، ما يأتي:
- تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها.
- فقدان الثقة بالنفس والقدرات الذاتية للمرأة كإنسانة.
- التدهور العام في الدور والوظيفة الإجتماعية والوطنية.
- عدم الشعور بالآمان اللازم للحياة والإبداع.
- عدم القدرة على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل تربوي سليم.
- التدهور الصحي الذي قد يصل إلى حد الإعاقة الدائمة.
- بغض الرجل من قِبَل المرأة مما يولّد تأزماً في بناء الحياة الواجب نهوضها على تعاونهما المشترك.
- كره الزواج وفشل المؤسسة الزوحية بالتبع من خلال تفشي حالات الطلاق والتفكك الأُسري، وهذا مما ينعكس سلبياً على الأطفال من خلال:
- التدهور الصحي للطفل.
- الحرمان من النوم وفقدان التركيز.
- الخوف، الغضب، عدم الثقة بالنفس، القلق.
- عدم احترام الذات.
- فقدان الإحساس بالطفولة.
- الاكتئاب، الاحباط، العزلة، فقدان الأصدقاء، ضعف الاتصال الحميمي بالأسرة.
- آثار سلوكية مدمّرة من قبيل استسهال العدوان وتبني العنف ضد الآخر، تقبّل الإساءة في المدرسة أو الشارع، بناء شخصية مهزوزة في التعامل مع الآخرين، التغيب عن المدرسة، نمو قابلية الانحراف.
التصدي للعنف ضد المرأة
إنَّ محاربة العنف- كحالة إنسانية وظاهرة اجتماعية - عملية متكاملة تتآزر فيها أنظمة التشريع القانوني والحماية القضائية والثقافة الإجتماعية النوعية والنمو الاقتصادي والاستقرار السياسي الديمقراطي، فعلى أجهزة الدولة والمجتمع المدني بمؤسساته الفاعلة العمل المتكامل لاستئصال العنف من خلال المشاريع التحديثية الفكرية والتربوية السياسية والاقتصادية، وهنا يجب إيجاد وحدة تصور موضوعي متقدم لوضع المرأة الإنساني والوطني، والعمل لضمان سيادة الاختيارات الإيجابية للمرأة في أدوارها الحياتية، وتنمية المكتسبات النوعية التي تكتسبها المرأة في ميادين الحياة وبالذات التعليمية والتربوية.
كما لابد من اعتماد سياسة التنمية البشرية الشاملة لصياغة إنسان نوعي قادر على الوعي والإنتاج والتناغم والتعايش والتطور المستمر، وهي مهمة مجتمعية وطنية تتطلب إبداع البرامج والمشاريع الشاملة التي تلحظ كافة عوامل التنمية على تنوع مصاديقها السياسية والإقتصادية والحضارية، إنَّ أي تطوّر تنموي سيُساعد في تخطي العقبات التي تواجه المرأة في مسيرتها الإنسانية والوطنية، كما أنَّ للتوعية النّسوية دور جوهري في التصدي للعنف، إذ لابد من معرفة المرأة لحقوقها الإنسانية والوطنية وكيفية الدفاع عنها وعدم التسامح والتهاون والسكوت على سلب هذه الحقوق، وصناعة كيان واع ومستقل لوجودها الإنساني وشخصيتها المعنوية، وعلى فاعليات المجتمع النّسوي مسؤولية إبداع مؤسسات مدنية جادة وهادفة للدفاع عن المرأة وصيانة وجودها وحقوقها.
كما أنَّ للنُخب الدينية والفكرية والسياسية الواعية أهمية حاسمة في صناعة حياة تقوم على قيم التسامح والأمن والسلام، وفي هذا الإطار يجب التنديد العلني بالعنف الذي تتعرض له المرأة والإصغاء للنساء والوقوف معهنَّ لنيل حقوقهنّ، ويجب أيضاً مواجهة المسؤولين إذا ما تقاعسوا عن منع أعمال العنف ضد المرأة ومعاقبة مرتكبيها وإنصاف ضحاياها، ورفض الأفكار والتقاليد التي تحط من شأن المرأة وتنتقص من آدميتها ودورها ووظيفتها.
وأيضاً لا مناص من العمل على توافر البنى التحتية لنمو المرأة وتطورها الذاتي كقيام المؤسسات التعليمية والتثقيفية والتأهيلية الحديثة التي تساعد على شرح وتبسيط الموضوعات سواء كانت موضوعات تربوية أو صحية أو اجتماعية أو سياسية لضمان تقدمها السريع.
كما لابد من فاعلية نسوية صوب تشكيل مؤسسات مدنية لحفظ كيانها الإنساني والوطني، ولابد وأن تقوم هذه المؤسسات على العمل الجمعي والمعتمد على نتائج البحث العلمي وعلى الدراسات الميدانية حتى تتمكن الجمعيات والمؤسسات النسوية من الانخراط الواقعي في بودقة المجتمع المدني الحارس للديمقراطية وحقوق الإنسان.
وللإعلام دور كبير في صناعة ثقافة متطورة تجاه المرأة كوجود ورسالة ودور إنساني ووطني، وعليه يقع مسؤولية مضاعفة لخلق ثقافة الرفق والرحمة في العلائق الإنسانية الخاصة والعامة، فعلى وسائل الإعلام المتنوعة اعتماد سياسة بنّاءة تجاه المرأة وإقصائية لثقافة العنف المُمارس ضدها، فعلى سبيل المثال يجب الابتعاد عن الصورة النمطية المُعطاة للمرأة إعلامياً بأنها ذات عقلية دونية أو كيدية تآمرية أو قشرية غير جادة، كما يتطلب الأمر الابتعاد عن البرامج الإعلامية التي تتعامل محتوياتها مع حل المشاكل الإنسانية والخلافات العائلية بالعنف والقسوة والقوة.. والتركيز على حل المسائل الخلافية داخل المحيط الإنساني والأسري بالتفاهم والمنطق والأسلوب العلمي والأخلاقي الرفيع.
اضف تعليق