فضائح الشذوذ والاستغلال الجنسي للأطفال داخل الكنيسة، أصبحت من اهم القضايا في العديد من دول العالم، خصوصا بعد ان كشفت بعض التقارير وجود قساوسة في كنائس كبرى \"احترفوا\" استغلال الأطفال جنسيا منذ مايقارب نصف قرن من الزمن، واخفت الكنيسة عمليات تحرش جنسي ارتكبها كهنة بحق مئات الاطفال في منطقة مختلفة من العالم...
فضائح الشذوذ والاستغلال الجنسي للأطفال داخل الكنيسة، أصبحت من اهم القضايا في العديد من دول العالم، خصوصا بعد ان كشفت بعض التقارير وجود قساوسة في كنائس كبرى "احترفوا" استغلال الأطفال جنسيا منذ مايقارب نصف قرن من الزمن، واخفت الكنيسة عمليات تحرش جنسي ارتكبها كهنة بحق مئات الاطفال في منطقة مختلفة من العالم. بدأ اهتمام الرأي العام كما نقلت الموسوعة الحرة، بهذا الموضوع وعلى نطاق واسع في العقدين الأخيرين من القرن العشرين. على الرغم من الوعي الذي انتشر وعلى نطاق مدى واسع النطاق لهذه التجاوزات، كانت أول الدول المهتمة بهذه الانتهاكات الخطيرة وتلقى الموضوع اهتماما واسعا في وسائل الإعلام هي كندا وأيرلندا والولايات المتحدة، وبدأت بعدها حالات أخرى يتم التبيلغ عنها بلدًا بعد اخر وحصلت الانتهاكات حتى في قارات مختلفة وفي بلدان عديدة.
ما وراء الانتهاكات الفعلية، إن الكثير من الفضائح تركزت حول تصرفات بعض الأفراد من رجال الدين الكاثوليك الذين لم يتم الإبلاغ عن الجرائم الجنسية التي ارتكبوها إلى السلطات القانونية، في حين على العكس من ذلك فقد تم التستر عليهم ونقل الجناة إلى أماكن أخرى، في خطوة من شأنها التغطية على الفضائح وضمان عدم وصولها للسلطات القضائية وبالتالي الإعلام، في حين أن ذلك تركهم على اتصال مع الأطفال، وبالتالي إتاحة الفرصة لهم لمواصلة الاعتداء الجنسي على هؤلاء الأطفال.
وعلى ألرغم من أن الفضائح الجنسية والاعتداءات على الأطفال والقصر حدثت في كثير من الكنائس لكن وقعها كان ألأكبر على الكنيسة الكاثوليكية فقد كانت الأكثر تضررا من الفضائح التي تنطوي على البالغين من العاملين فيها الذين يمارسون الجنس مع الأطفال. في الولايات المتحدة على سبيل ألمثال، دفعت الكنائس أكثر من 2 مليار دولار على سبيل تعويض مادي للضحايا. أما في أيرلندا مثلا، فقد هزت تقارير إلى الاعتداءات الجنسية رجال الدين الكاثوليك في أعلى قمة التسلسل الهرمي والدولة على حد سواء مما أدى لاحقا إلى استقالة الحكومة. كما قد كشفت دراسة حكومية دامت لمدة تسع سنوات، تقرير ريان، الذي نشر في مايو عام 2009، كشفت عن أن عمليات الضرب والإهانة من قبل الراهبات والقساوسة أو الكهنة كانت حالة عامة في المؤسسات التي كانت ترعى ما يصل إلى 30000 طفل. وكشف التحقيق أن القساوسة الكاثوليك والراهبات وعلى مدى عقود قاموا ب "ترويع الآلاف من الفتيان والفتيات، في حين أن مفتشي الحكومة فشلوا في وقف مثل هذه الانتهاكات".
تشيلي
وفي هذا الشأن وعد البابا فرنسيس مواطنين كاثوليك في تشيلي كانوا ضحية انتهاكات جنسية على يد قساوسة بألّا تتجاهلهم الكنيسة ”مرة أخرى مطلقا“ وألا يتم التستر على الانتهاكات في بلادهم حيث قوضت فضيحة كبرى مصداقية الكنيسة. وأصدر البابا تلك التصريحات في خطاب وجهه لكل الكاثوليك في تشيلي في حين أعلن الفاتيكان أن البابا سيعيد إرسال اثنين من أبرز المحققين في الانتهاكات الجنسية إلى تشيلي لجمع معلومات عن الأزمة هناك. وكان المحققان قد زارا تشيلي في وقت سابق هذا العام.
وأشاد البابا في الخطاب الذي نشره أساقفة في تشيلي بضحايا الانتهاكات الجنسية في البلاد لإصرارهم على إظهار الحقيقة على الرغم من محاولات مسؤولين في الكنيسة الطعن في مصداقيتهم. وقال البابا في الخطاب المؤلف من ثماني صفحات ”نقول إن ثقافة الانتهاكات لن تعود مطلقا وكذلك نظام التستر عليها الذي سمح باستمرارها وذلك بأن ندعو الجميع للعمل لبناء ثقافة الحرص في علاقاتنا“. ووصف فضيحة تشيلي بأنها ”جرح مفتوح مؤلم“.بحسب رويترز.
وأعلنت الكنيسة الكاثوليكية في تشيلي عن تجريد 14 كاهنا ينتمون اليها من واجباتهم الكهنوتية على خلفية فضيحة اساءات جنسية داخل الكنيسة التشيلية هزت الفاتيكان. وقال مكتب أسقفية مدينة رانكاغوا انه "لم يعد مسموحا ل14 كاهنا بعد الآن القيام بواجباتهم (...) هؤلاء الكهنة شاركوا في ممارسات قد تشكل جرائم مدنية وكذلك ضمن الكنيسة".
ويتهم الضحايا العديد من كبار مسؤولي الكنيسة التشيلية بالتستر على اعتداءات جنسية على اطفال من جانب الكاهن التشيلي فرناندو كاراديما في فترة الثمانينات والتسعينات الماضية. وكان البابا فرنسيس قد أعلن عن سلسلة "تغييرات" على المدى القصير والمتوسط والطويل لإعادة "العدالة" إلى الكنيسة الكاثوليكية التشيلية، في اعقاب لقاءات مغلقة مع وفد الاساقفة. لكن وفق وثيقة سرية من عشر صفحات سربتها الجمعة قناة "تي 13" التشيلية فان البابا يذهب بعيدا في اتهاماته للكنيسة في تشيلي.
فالرسالة التي سلمت للأساقفة مع بدء اجتماعهم مع البابا تستحضر "جرائم" و"اساءات جنسية مؤلمة ومشينة لقاصرين، واساءة للسلطة والضمير من قبل مسؤولي الكنيسة". وهي تعتبر ابعاد أساقفة عن مسؤولياتهم أمرا ضروريا لكنه "غير كاف"، وتدعو الى النظر في "الجذور" التي سمحت لاساءات كهذه ضمن "كنيسة "نخبوية وسلطوية" في تشيلي. ويشير محللون الى ان تقاليد تشيلي القديمة بعدم اخضاع الكنيسة للقوانين المدنية أعطاها الحصانة وامكانية التستر على ما يحدث.
وتكشف الرسالة ان التحقيق الذي أمر به البابا فرنسيس توصل الى ان مسؤولي الكنيسة اتلفوا دلائل في قضايا اساءات جنسية، وان رجال دين أظهروا تصرفات غير اخلاقية تم نقلهم الى أبرشيات اخرى بعد محاولات "للتقليل" من سوء أفعالهم. وتقول الرسالة ان هذه الاتهامات الخطيرة "اعتبرت امرا مستبعدا بطريقة سطحية"، كما وتدين الاساقفة "لاهمالهم الرهيب في حماية الاطفال".
وكان البابا فرنسيس دافع بشدة خلال زيارته الى تشيلي في كانون الثاني/يناير عن باروس المتهم بانه تكتّم وفي بعض الاحيان كان شاهدا على استغلال الكاهن فرناندو كاراديما للاطفال جنسيا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وقال البابا في حينه انه مقتنع ببراءة باروس وطالب بـ"دليل" على حصول الاستغلال الجنسي قبل اتهام الكاهن. الا ان البابا فرنسيس اعتذر لاحقا من الضحايا وأوفد رئيس الاساقفة تشارلز سيكلونا، وهو محقّق مشهور في الفاتيكان، الى تشيلي لجمع الادلة. وقد عاد سيكلونا من مهمته اواخر شباط/فبراير.
الولايات المتحدة
الى جانب ذلك توصلت أسقفية تابعة للكنيسة الكاثوليكية في ولاية مينيسوتا الى اتفاق يقضي بدفع 210 ملايين دولار لمئات من ضحايا تعديات جنسية من قبل أفراد من الكنيسة لتحلّ بذلك خلافا يعود الى سنوات عدة. واعلنت أسقفية سانت بول التي أشهرت افلاسها في العام 2015، ان الاتفاق سيشمل كل الدعاوى وسيتيح انهاء عملية الافلاس وتشكيل صندوق مالي خاص ل450 ضحية.
وصرح رئيس الاساقفة برنارد هيبدا في مؤتمر صحافي "ستبدأ عملية التسديد للناجين من التعديات بمجرد ان توافق المحكمة على الاتفاق". واضاف "أنا ممتن لكل الضحايا الذين تقدموا بشجاعة (...) وأقر بان التعديات سرقت منكم الكثير (...) والكنيسة خذلتكم وانا آسف فعلا". ومع ان الضحايا رحبوا بالاتفاق الا انهم اشاروا الى ان جروحهم النفسية لا تزال كما هي. وقال جيمي هوتميكر في مؤتمر صحافي آخر "أنه يوم عظيم لنا ولكل الناجين". بحسب فرانس برس.
وتم التوصل الى الاتفاق بفضل قانون تم تبنيه في مينيسوتا في 2013 يجيز ملاحقة المعتدين المفترضين في حالات كانت أعتبرت متقادمة قبلا. ويضع الاتفاق حدا لاحدى أقدم قضايا التعديات المرتبطة بالكنيسة الكاثوليكية في اللاويات المتحدة. وفي العام 2012، أشار خبراء الى وجود مئة الف ضحية لالاف الكهنة في الولايات المتحدة وبعضها يعود الى خمسينات القرن الماضي.
الى جانب ذلك صدر حكم بحبس كبير أساقفة استرالي لمدة عام بعد إدانته بالتستر على اعتداءات جنسية على أطفال في الكنيسة. وسيظل كبير الأساقفة فيليب ويلسون (67 عاما) خارج السجن بكفالة لحين تقييم سلطات السجن مدى إمكانية قضاء العقوبة في المنزل بدلا من السجن. وستبت المحكمة الشهر المقبل في الأمر. وويلسون هو أرفع رجال الدين الكاثوليك مقاما على مستوى العالم يدان بالتستر على اعتداءات جنسية على أطفال في الكنيسة.
وقال القاضي روبرت ستون في تصريحات أرسلت عبر البريد الإلكتروني ”لم يبد المذنب أي ندم أو توبة“. وتابع ”المذنب شخصية كبيرة في إحدى أكثر المؤسسات تبجيلا في مجتمعنا... تعرض أبناء الأبرشية للخيانة بقسوة وبلا رحمة... ليس فقط من قبل الجاني ولكن من قبل أولئك الذين كانوا يعرفون وتستروا على الأمر“. وأدين ويلسون في مايو أيار لأنه لم يبلغ الشرطة باعتداء جنسي ارتكبه قس يدعى جيمس فلتشر وذلك بعدما علمه بالأمر عام 1976 من ضحيتين إحداهما فتى يخدم بالكنيسة وأقر له بما حدث في غرفة الاعتراف. وأدين فلتشر عام 2004 بتسعة اتهامات بالاعتداء الجنسي على أطفال وتوفي في السجن عام 2006 بعد إصابته بسكتة. وقال محامون لويلسون الذي تمسك ببراءته طوال فترة المحاكمة إنه لم يكن على علم بأن فلتشر اعتدى على فتى.
مواد إباحية
من جانب اخر قال الفاتيكان إن الشرطة اعتقلت قسا كان يعمل في سفارته بواشنطن للاشتباه بحيازته ونشره مواد إباحية بها أطفال أثناء وجوده في الولايات المتحدة وكندا. وأضاف بيان أصدره الفاتيكان أن الدبلوماسي السابق يدعى كارلو ألبرتو كابيلا وأن الشرطة ألقت القبض عليه بناء على أمر من رئيس قضاة تحقيقات الفاتيكان بعد انتهاء تحقيق في الأمر.
وذكر البيان أن كابيلا، الذي استُدعي من سفارة الفاتيكان في واشنطن في وقت سابق، اعتقل بموجب بنود قانون سن في 2013 ووقعه البابا فرنسيس. والبنود المشار إليها تتعلق باستغلال الأطفال في أعمال إباحية. وإذا تم توجيه اتهامات رسمية للقس فسيحاكم في الفاتيكان، وسيواجه في حالة إدانته عقوبة تصل إلى السجن 12 عاما. وذكر الفاتيكان أن وزارة الخارجية الأمريكية أبلغته بأن فردا من بعثته الدبلوماسية في واشنطن ربما انتهك القوانين فيما يتعلق بحيازة صور لأطفال في أوضاع مخلة بالآداب. بحسب رويترز.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية وقتها إن الولايات المتحدة طلبت رفع الحصانة الدبلوماسية عن القس لتتسنى ملاحقته قضائيا فيها لكن الفاتيكان رفض. وبعد استدعائه إلى روما قالت شرطة ويندسور في كندا إنها أصدرت مذكرة اعتقال بحقه للاشتباه في حيازته مواد إباحية بها أطفال ونشرها على الإنترنت. وجاء في بيان عن الشرطة الكندية وقتها أنها تشتبه في ارتكابه مخالفات قانونية أثناء زيارته ”مكانا للعبادة“ في كندا.
اضف تعليق