خلف كل تفوّق ونجاح حكاية تشرح "كيف وصلت إلى القمة".
بعض الحكايات قصيرة مقتضبة مهذبة وساطعة، وبعضها مملوءة بالمغامرات والأوجاع وتنضح بالألم، وعندما نسمع تلك الحكايات نطأطئ الرؤوس، احتراماً لتلك الإرادات الجبارة، وربما نموت خجلا عندما نرى الإعاقات والمشاكل التي تحمَّلها الشخص الناجح للوصول إلى القمة، وقد لا نتوقع أن الكثير من هذه الحكايات مليئة بالإخفاقات والآمال والنجاحات، وبعضها مليئة بنصوص ومواقف قاسية من جانب الآخرين، فقد يهدم البعض بنيان السعادة وقواعد الرضا في قلوب الآخرين وينعتهم بأسوأ الألقاب.
وهناك من يسعى أو يعمل على زرع الإحساس بالحقارة وعدم الكفاءة في نفوس الآخرين، كما نُعتت (ليزي فيلا سكويز) بأقبح امرأة في العالم، حيث وجدت مصادفة فيديو لها على اليوتيوب كان عنوانه ”أقبح امرأة فى العالم” لم يتعدَّ وقت الفيديو ثمان ثوان، ولم يمر عليه الكثير حتى حصد الفيديو 4 مليون مشاهدة مع بضعة آلاف من التعليقات الوقحة والتي تسخر من ليزى.
ربما من يكون في مكانها يفكر بالانتحار، أو الاعتكاف والانطواء في أضعف التوقعات، لكن ليزي لم تستسلم أبدا وقالت: إن "أعظم نعمة في حياتي هي مرضي".
وُلدت ليزي بحالة مرضية نادرة جدًا؛ حيث يوجد ثلاثة أشخاص في العالم فقط يعانون من هذه الحالة المرضية. فقد كشفت التحليلات المختبرية المختصة أن جسمها يحتوي على نسبة 0% من الدهون، ولم تزن طيلة فترة حياتها أكثر من 64 باوند (ما يعادل 29 كيلو جرام).
فعلى الرغم من أنها (قَهَمِيّة)، أي أنها لا تستطيع أن تكتسب المزيد من الوزن، فهي بالإضافة إلى ذلك يتوجب عليها أن تأكل وجبات صغيرة وخفيفة مرارًا وعلى مدار اليوم، وتستهلك ليزي حوالي نصف كيلو كالوري من الطاقة يوميًا مقارنة باحتياج الشخص الأمريكي المتوسط الذي يُقدّر بحوالي 3.770 كيلو كالوري.
فقدت ليزي البصر في عينها اليمنى حيث بدأت في الضعف بداية من عامها الرابع، وبذلك قيدت مدى الرؤية في العين الأخرى، كذلك لديها جهاز مناعة ضعيف، وحالتها المرضية هذه نادرة ولا تشبه حالات أخرى، لكنها مع ذلك ليست المحطة النهائية ولا هي خاتمة المطاف بالنسبة لها.
فقد أعلن الباحثون الأطباء بالمركز الطبي الجنوبي الغربي لجامعة تكساس، عن رأي مفاده أن ليزي تعاني من شكل من أشكال متلازمة بروجي رويد لحديثي الولادة، والتي على الأقل بدا أثرها السلبي في نمو العظام غير الصحي لديها، بالإضافة إلى نفس الخلل في أجهزة الجسم والأسنان. ويُعتقد أنه بإمكانها الحمل بصورة طبيعية مع ضمان عدم نقل الحالة إلى أطفالها.
وفي بداية أعمالها كانت سيرتها الذاتية التي ساعدها فيها مجموعة من زملائها، ونشرتها هي عام 2010 باللغة الإنجليزية والإسبانية، أما كتابها الثاني الذي يحمل عنوان "كن جميلاً.. كن أنت" يهدف إلى تعليم الناس أن المظهر الخارجي لشخص ما ليس مُهمًا على الإطلاق، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة أن يعشق الإنسان ذاته فقط لما حققه لها وليس لهدف آخر.
ونتيجة لبعض حالات التلكؤ التي تطول مسيرة الإنسان وتقف في طريقه وتحد من طموحه ونشاطه، فقد يشك المرء في قدراته ويشك في نفسه وربما يصل به الأمر بأنه لا يستحق الحياة، والحب، والنجاح، وربما يمر بتجارب قاسية تجعله يفقد صوابه، ومن الممكن أن تتمكن أو تساعد تلك الأفكار على تحطيم حياته، وتدفعه إلى جحيم قاس من اليأس والتوقعات السيئة.
ولكن بما أن حياة الإنسان من صنع أفكاره، إذاً لابد وأن يتخلص المرء من هذا العدو الأول والذي هو "نفسه"، لأن البيت المهدَّم من الداخل سينقلب رأسا على عقب خلال لحظات، وأن المقاومة الخارجية لا تفيد ولا تجدي نفعاً، وعندما يُمْلَأ داخل الإنسان بآراء ومواقف مجموعة من الخونة والمنافقين، سوف يحقق ذلك هزيمة المرء بسهولة إذا خانته نفسه، فالمخلص الأقوى والأهم هنا هي ذات الإنسان ونفسه.
وربما لا نتمكن من معرفة بعض الأمور والعوائق في حياتنا، عندما نكون في صلب الموضوع، ولكن قد نشعر بالامتنان فيما بعد لخوضنا في هذا المعترك أو ذاك، وربما تتبدل الآلام في لمح البصر إلى آمال وحقائق لم نتوقع حصولها يوما، وقد تتغير أوجاعنا التي لطالما نظرنا إليها بعيون سوداوية إلى هالة ذهبية مضيئة، تشبه تلك الهالة التي تستدير حول أطراف الشمس وتنور طريقنا وتقف بقوة خلف كل نجاح يتحقق لنا، وربما تفوق أية حكاية تحكي عن سلسلة أوجاعنا، والمصادفات التي سندرك في يوم ما عمق معناها، فقط علينا أن نثق بالله الذي أعطانا هذه النفس والتي باستطاعتها فعل أي شيء إذا قمنا برعايتها وقيادتها كما يجب.
اضف تعليق