بالرغم من ذهاب الكثير من فلسفات الامن الجماعي لصالح انتعاش فكرة البرغماتية الجديدة والعولمة، الا ان المجتمع الدولي لازال يشكل عنصرا مهما من عناصر استقرار الكثير من البلدان التي تعيش في ظروف غير طبيعية بفعل تعرضها لموجات الفقر والتخلف والارهاب، ويعد العراق واحدا من بينها، بفعل ظاهرة عدم الاستقرار التي يعاني منها منذ عام 2003.
وعلى هذا الاساس سافر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على رأس وفد مهم ضم وزير الدفاع ووزير التخطيط واخرين لحضور مؤتمر ميونخ المقام في المانيا لمناقشة الوضع الامني العالمي، والغاية من الزيارة واضحة، فالعراق بأمس الحاجة لشرح اوضاعه الداخلية لقادة الدول والشخصيات الامنية والسياسية الكبيرة التي ستكون حاضرة في المؤتمر.
العبادي قد يكون من اقوى الساسة الحاضرين مقدرة على شرح معاناة بلده ومحاولة حث المجتمع الدولي على مساعدة العراق، فعاطفيا بمجرد عرض مشاهد التفجير الذي شهدته منطقة البياع في بغداد بالأمس قد يكون كافيا لإقناع الحاضرين بحجم الهجمة التي يتعرض لها العراق، ومنطقيا بمجرد ان يكشف العبادي عن ضعف الدولة العراقية وافلاسها، سيكون كافيا لإقناع الدول الكبرى بضرورة انعاش الجيب العراقي، لا حبا بالعراق ولا صدقة او زكاة على اهله، بل خوفا من ان يفشل هذا البلد في مكافحة الارهاب، والفشل سيعني من ضمن ما يعنيه ان الارهاب سيصل الى بلدانهم واحدا بعد الاخر عاجلا ام اجلا، كون العراق يقاتل نيابة عنهم.
بالتأكيد ان هذه النقاط لن تكون غائبة عن رئيس الوزراء العراقي ولا عن الوفد المرافق له، ولكن من المفروض ان يستغل العبادي هذا المؤتمر لبحث امور اخرى لا تقل اهمية عن الدعم المادي او العسكري، الا وهي الحصول على اجماع دولي تتعهد من خلاله الدول بعدم التعاون مع جهات اخرى تدعي تمثيل العراق، دون اذن من الحكومة العراقية، كما حدث قبل ايام عندما ذهب الى جنيف وفد سياسي قال بأنه يمثل سنة العراق لبحث موضوع الاقاليم وتشكيل جيوش لكل مذهب في العراق دون علم الحكومة العراقية ولا موافقتها.
على كل حال، مهما كانت الارباح التي سيجنيها العراق من مؤتمر ميونخ فهي في النهاية تعد نجاحا للدبلوماسية العراقية، على الاخص إذا ما تمكن الوفد العراقي من الحصول على موقف من المجتمع الدولي تتعهد فيه الدول المجتمعة بدعم مستقبل افضل للعراق.
اضف تعليق