لايصعب على المرء استذكار الجمهورية الرومانية حينما يرى جموع البليونيرات والقادة العسكريين وهم يلتحقون بركب حكومة دونالد ترامب.
التشابه بين روما وامريكا كان قد حصل في الماضي، بول كندي في كتابه "صعود وسقوط القوى الكبرى" تحدّث عن التمدد الامبريالي والانفاق العسكري المفرط الذي اطاح في النهاية بهيبة الامبراطورية.
لكن التشابه الحالي يعود الى فترات أبعد في تاريخ روما. كيف تحوّل النظام الجمهوري في النهاية الى بلوتوكراس او حكم الاغنياء. في كتابها عن تاريخ روما القديمة "SPQR" (رمز باللاتينية لـ senates populous que Romanus) تذكر الكاتبة ماري بيرد التالي:
"المتطلبات الاولى للوصول للسلطة كانت الثروة بحجم كبير. لا احد يستطيع النجاح في الانتخابات بدون اجتياز الاختبار المالي الذي استبعد معظم المواطنين".
هذا لا يعني القول انه جرى تجاهل الفقراء. وتضيف السيدة بيرد "ان اصوات الفقراء كانت موضع اهتمام وجرى تمحيصها بعناية. الاغنياء في العادة لم يكونوا موحدين، والانتخابات كانت تنافسية".
ان طبيعة تلك المنافسة كانت تعتمد على كمية الطعام والشراب التي يستطيع المرشحون توفيرها لجمهور الناخبين، والشعارات السياسية في الحقيقة كانت عادة تُلصق في نهايات كؤوس الخمر، لذا فانت تعرف لمنْ تصوّت بعد ان تنتهي من الشرب.
ان قوة الجنرالات في روما القديمة جاءت من مصدرين اثنين. الاول هو ان صفة جنرال كانت من أسرع الطرق الى الثراء، الجيش الفاتح يستطيع الاستيلاء على غنائم الحرب (ويوزعها لكي يعزز قوة العسكر).
ثانيا، وكما اوضح يوليوس قيصر ان الجنرال يمكنه استخدام جيشه لتخويف القوى المدنية.
من حسن الحظ، لم ينطبق ذلك على الجنرالات المعاصرين. في العصور الحديثة، يُنظر الى القائد العسكري كـ "رجل مسيطر" يستطيع تحقيق اهدافه بإنجاز الاشياء. تجدر الاشارة الى ان 12 من بين 44 رئيس امريكي حتى الان كانوا جنرالات سابقين، بدءا من واشنطن حتى ايزنهاور.
لكن منْ هو الجنرال في روما القديمة الأكثر شبها بترامب؟ الشخصية التي تقفز الى الذهن هو ماركوس ليسينوس Marcus Licinius Crascus، الذي هو اغنى رجل في تاريخ روما. هو صنع ثروته من خلال المضاربة في العقارات. كان يتظاهر بكونه متحدثا رسميا جيدا وعانى من فضيحة جنسية حينما اتُهم بقربه الشديد من عذراء روما الطاهرة (vestal virgin ) حارسة النار المقدسة. التشابه ليس دقيقا جدا، طالما ان ماركوس كان قائدا عسكريا ورجلا ثريا ايضا. لكن من الملفت ان نجد في كتاب توم هولاند حول روما القديمة "Rubican"، كان ماركوس ينحدر من اب ثري وانه "سيرث من ابيه الاعتراف بان الثروة هي الاساس الحتمي للسلطة".
وفي ضوء نزعة ترامب في التراجع السريع في السياسة خاصة في قضايا مثل الاجهاض، نجد الجملة التالية في كتاب هولاند والتي ايضا تؤكد صحة ذلك
"المبادئ، بالنسبة لماركوس، كانت مجرد حركات في احجار الشطرنج ضمن لعبة واسعة ومعقدة، يجب تبنّيها والتضحية بها متى ما تطلبت الاستراتيجية ذلك"
ان ماركوس لم يحقق ابدا السلطة الكلية، كونه شكّل فقط رمزا من بين ثلاثة رموز اثنان منهما هما الاكثر شهرة وهما بومبي ويوليوس قيصر.
ان مؤامرات ودسائس هؤلاء الرجال لعبت دورا كبيرا في ضمان استبدال الجمهورية بامبراطورية تحت حكم الابن المتبنّى لماركوس، (اوكتافيان) وخليفته الاقل شهرة.
ولكن ماذا حدث لماركوس في نهاية المطاف؟ قُتل ماركوس وهو يقود المعارك في حرب خاسرة مع ما يسمى حاليا بـ ايران. فهل يحدث ذلك مرة اخرى؟
اضف تعليق