ضربات متبادلة بين الولايات المتحدة والحوثيين في اليمن وسواحلها، بدأت باخبار تتحدث عن اطلاق صواريخ من مناطق تسيطر عليها حركة انصار الله _ التي نفت هذه الاخبار _ ليرد الجانب الامريكي بضرب عدد من مواقع رادارات على السواحل الغربية لليمن.
الولايات المتحدة هددت الخميس 13 أكتوبر/تشرين الأول بتوجيه ضربات جديدة ضد الحوثيين في اليمن في حال واصلوا هجماتهم ضد السفن الأمريكية قبالة سواحل البلاد. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية "يجب أن يتوقفوا، لن نتردد في توجيه ضربات جديدة إذا لزم الأمر". وأوضح المسؤول أن القصف الأمريكي استهدف أمس ثلاثة مواقع رادارات على ساحل البحر الأحمر، بواسطة صواريخ "توماهوك" أطلقت من مدمرة "يو اس اس نيتز" بعدما أجاز الرئيس الأمريكي باراك أوباما هذه الضربات التي تندرج أمريكيا، في إطار الدفاع عن النفس.
لكن هل ستدخل الولايات المتحدة الامريكية في حرب اكثر شمولية في اليمن؟ وفق المعطيات الميدانية لا يمكن لواشنطن ان تدخل في اليمن لعدة الاسباب:
1- طالما اكد الرئيس الامريكي باراك اوباما على تجنب الحروب والتدخل المباشر في الدول الاخرى، وقد استمر في سياسته هذه منذ بداية انتخابه وحتى هذه الايام، وهو ما دفع بعض منتقديه من حلفائه في الشرق الاوسط تحديدا بانه اسهم في اضعاف امريكا وتراجعها امام التوسع الروسي في المنطقة والذي جاء لصالح ايران وسوريا تحديدا.
2- اليمن ليست اولوية امريكية، فلو قارنا اهميتها في الصراع العالمي على الشرق الاوسط نجد ان سوريا هي الاولوية في هذا المجال من اجل فرض الارادة الامريكية واظهار نفسها كدولة قادرة على فعل اي شيء من دون ان يعارضا احد حتى وان كانت روسيا، لكن ذلك لم يحدث لأسباب قد تتعلق بعضها في النقطة الاولى التي اشرنا اليها، اضافة الى ان هناك من يقاتل نيابة عن الولايات المتحدة في اليمن (السعودية)، في مواجهة الحلف الايراني وبالتالي لا يستدعي ذلك اي تدخل طالما يمكن للولايات المتحدة ان ترد على الحوثيين بطريقة غير مباشرة من خلال زيادة الدعم العسكري للسعودية.
3- الصورة القاتمة للسعودية في المحافل الدولية بسبب سجلها الحافل بالجرائم ضد الشعب اليمني _ اخرها مجزرة صنعاء _ يمنع الولايات المتحدة من تقديم مزيد من الدعم للرياض او الدخول في مواجهة مباشرة غير مضمونة النتائج، فذلك يوسع دائرة الانتقاد لواشنطن باعتبارها راعيا للدول المنتهكة لحقوق الانسان، اذا ما اخذنا بالحسبان ان الامم المتحدة والاتحاد الاوربي قد حذرا اكثر من مرة من دعم الرياض لانتهاكها حقوق الانسان في اليمن.
4- اقتراب موعد الانتخابات الامريكية يجعل من الاستحالة ان تقدم واشنطن على التدخل في اليمن، بل وحتى في الدول الاخرى، وهذه الحقيقة كانت الدافع الابرز لدخول روسيا بقوة في معركة حلب شمالي سوريا لمعرفتها المسبقة بعدم امكانية التدخل الامريكي في هذا الوقت الحساس في الداخل الامريكي والذي لا يحتمل اي تعكير لاجواء الانتخابات الحاسمة.
الازمة السورية هي ام الاولويات وابوها لدى الولايات المتحدة الامريكية، وما يثار حول اليمن هو كلام لا علاقة له بالواقع وربما تروج له السعودية كحرب نفسية ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن، وما يؤكد ذلك اكثر هو تلك التقارير الاعلامية التي تتحدث عن اجتماعات امريكية لبحث الازمة السورية وكان اخرها ما اطلق عليه بـ"لقاء حاسم" تعقده اركان الإدارة الأمريكية لإقرار الوضع النهائي بخصوص عمليات عسكرية تدرس ضد الحكومة السوري. اذ يفترض ان يجتمع الرئيس باراك أوباما بأركان وزارة الخارجية ومساعديه الأساسيين لتقرير مصير عمل عسكري مفترض ضد الحكومة السوري بالرغم من تهديدات وزارة الخارجية الروسية بالرد على اي عدوان يستهدف الجيش الروسي داخل سورية.
وحتى طبول الحرب التي تطرق في سوريا لا تتعدى شاشات التلفاز ووسائل الاعلام التي فقدت الكثير من الاثارة بسبب تقادم الازمات وركود اقتصاد اعلام الحرب والدمار، وبالتالي هي تبحث عن اي وسيلة توصلها الى ما يجذب الجمهور ويجعله منشدا الى واقع غير موجود والى مواجهة تحدث في وسائل الاعلام اكثر منها في ارض الميدان.
حروب الشرق الاوسط كثيرة ومتقادمة والولايات المتحدة تخسر هيبتها وقوتها لصالح دول اخرى، لكن اوباما تحديدا غير مستعد لإنهاء مدة حكمه بحرب جديدة سواء كانت في سوريا او اليمن او اي دولة اخرى.
اضف تعليق