وانا ادخل المنطقة الخضراء مع المتظاهرين لأوثق تلك اللحظات المهمة في تاريخ العراق تذكرت الفلم العربي (الفقراء لا يدخلون الجنة) بعد ان كانت هذه البقعة لا يدخلها الا السياسيون ومن يحمل باج خاص يسمح له بالدخول بينما الفقراء ينظرون من خارج الاسوار لعلهم يحظون بنظرة عطف من سياسي او متنفذ ما ليجدوا حلا لمشكلاتهم بعد ان أحيطت هذه البقعة واعداد لا تحصى من الحراس وكأن نزار القباني يخاطب هذه الخضراء من حاول ان يدنوا من سور حديقتها مفقود مفقود مفقود.

في لحظة واحدة انهارت كل تلك التحصينات والاسلاك والجدران الكونكريتية تحت ضغط الجماهير التي هي دائما اقوى من الطغاة ودخلت جموع المتظاهرين البرلمان وغايتهم التظاهر وليس لديهم مأرب اخرى كما يتصور البعض وفي لحظات اختفى جميع النواب امام هذه الجماهير الغاضبة التي دخلت من اجل تنفيذ مطالبها، وكان لها ما ارادت بدخول قاعة البرلمان والقاعة الكبرى والهتافات تصدح داخل هذه القاعات باسم العراق وشعبه، ان التظاهرة السلمية كان لها رد فعل ايجابي من قبل القوات الامنية ولم يكن هناك اي تدخل او تصادم بل العكس من ذلك كان التعاون كبير وملموس بين اللجان التنسيقة والقوات الامنية وهذا حافظ على سلمية التظاهرة ونجاحها وما اشيع عن وجود اطلاق نار عاري عن الصحة وبعيد كل البعد عن الحقيقة.

لعل من أبرز الأسباب لهذه التظاهرات والاعتصامات تأخير التصويت على الكابينة الوزارية والتي كان من المفترض ان يتم التصويت عليها الا انها اختزلت بخمس وزارات فقط وهذا الامر قد اثار غضب الجميع رغم التبريرات التي قدمها البرلمان ورمى الكرة بملعب الدكتور العبادي الذي قدم كابينته المغلفة ورغم مرور اكثر من عشرة ايام لم يتم التصويت عليها كاملة واهمل الباقي لأسباب اهمها انقسام البرلمان ومصالح الاحزاب والمحاصصة وغيرها.

واعتقد ان رئيس البرلمان ورئيس الوزراء يتحملون ما وصلت اليه الامور من تعقيد الاول من خلال تعنته وبقاءه برئاسة البرلمان والثاني لضعفه في قيادة العراق خلال هذه المرحلة الحرجة، وكان عليه ان يكون اكثر قوة ولا ينقاد لقادة الكتل ووضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار، وكان من الأجدر به ان يكون اكثر جدية في التعامل مع المعتصمين من النواب والوقوف على اسباب اعتصامهم ودراسة مطالبهم والتحقق من المحكمة الاتحادية عن شرعية جلسة اقالة الدكتور الجبوري ونائبيه قبل الذهاب الى البرلمان للتصويت على كابينته الوزارية غير المكتملة وبذلك يكون قد اخلى مسؤوليته امام الله والشعب.

سقوط بناية البرلمان ليس النهاية ويجب ان هناك تدخل للمرجعية وللعقلاء وأصحاب الرأي ولايتركوا الدول الاقليمية ودول الجوار تتدخل في هذه المرحلة، وعليهم دراسة اسباب عدم تنفيذ مطالب المتظاهرين والاسراع بتنفيذها واعتقد هذا الامر ليس صعبا ولكن الأزمة تعقدت بسبب مصالح الاحزاب، الحل برأيي لهذه الازمة هو حل البرلمان الذي انقسم على نفسه واعلان حكومة انقاذ وطني او طوارئ واجراء انتخابات خلال فترة لا تتعدى 6 اشهر وخلال هذه الفترة يتم تعديل بعض من مواد الدستور، واعادة النظر بعدد اعضاء مجلس النواب وليكن نائب واحد لكل خمسمائة الف او نائب واحد او نائبان عن كل محافظة باستثناء محافظة بغداد وكذلك ضرورة نواب ممثلين عن كل الديانات والاقليات وكذلك وجود تمثيل واضح للمرأة في البرلمان.

اود ان اشير هنا الى انضباط المتظاهرين والتزامهم بتعليمات السيد مقتدى الصدر وكانوا منتظمين بشكل كبير وواضح ولم يتطاولوا على الممتلكات ولم يخربوا شيء ووجدتهم يوصون بعضهم بعدم المساس والحفاظ على الأثاث وما موجود داخل البنايات وهذا الامر اعتبره دليل واضح على مدى الحرص والالتزام بكل ما يصدر من توجيهات وعدم مخالفتها.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق