اجتماع مجلس الامن الأخير كان مثيرا هذه المرة، بعد ان اتخذ بالإجماع قرار ايد فيه "خطة دولية" لعملية سلام محتملة في سوريا، تقررها "المعارضة" و"النظام" بعد اجتماع مفترض على طاولة واحد للحوار، وصولا الى وقف إطلاق النار واختيار حكومة عن طريق الانتخابات المباشرة (بإشراف اممي) بعد فترة انتقالية (حكومة انتقالية) لمدها (6) أشهر.
عندما سئل وزير الخارجية البريطاني عن توقعاته بشأن تحركات وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، للتوصل الى اتفاق وقف إطلاق النار قبيل اجتماع الدول الكبرى في نيويورك، أجاب، هاموند... "صراحة سيكون هذا تحديا كبيرا. لكنني أحييه على طموحه".
اهم القرارات التي اتخذها مجلس الامن كانت:
- وقف لإطلاق النار ومحادثات رسمية لبدء الفترة الانتقالية في مطلع يناير /كانون الثاني.
- استبعاد الجماعات التي توصف بالإرهابية ومنها تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة".
- استمرار شن عمليات عسكرية هجومية ودفاعية ضد هذه الجماعات "الإرهابية" بما فيها الغارات الجوية للتحالف الأمريكي وروسيا.
- الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يقدم اقتراحا للمجلس بحلول الثامن عشر من الشهر المقبل حول كيفية مراقبة وقف إطلاق النار.
- يتم تشكيل حكومة ذات مصداقية وغير طائفية بغضون ستة أشهر.
- عقد انتخابات حرة بإشراف من الأمم المتحدة خلال 18 شهرا.
لكن اهم العقبات التي يمكن ان تعترض طريق "خارطة الطريق" الافتراضية هي:
- مستقبل الرئيس "بشار الأسد" بين المؤيدين له (باعتباره جزء من الحل)، والمعارضين وجوده (باعتباره سبب بما لحق بسوريا وشعبها من دمار).
- من هي "المعارضة المعتدلة" ومن سيمثلها في الحوار مع النظام او في التمثيل السياسي للفترة الانتقالية القادمة.
- كيف سيتم القضاء على تنظيم داعش وجبهة النصرة التي ستعيق تنفيذ أي عملية سلام مفترضة في سوريا.
- ما هي الضمانات الدولية التي تمنع "التدخلات الإقليمية والدولية" وربما "الحروب بالوكالة" التي ستحاول التأثير على الحكومة القادمة، والتي من المفترض ان تكون حكومة "ذات مصداقية وغير طائفية".
صحيح ان هذه الاستفهامات وغيرها هي من جعلت وزير الخارجية البريطاني يرى كيري بانه "طموح" بالنسبة لتعقيدات الازمة في سوريا، لكن هذا الامر لا يعني انه "مستحيل"، سيما وان اغلب هذه التعقيدات جاءت من الأساس بدعم واسناد من الحلفاء المقربين من الولايات المتحدة الامريكية، وان ضبط إيقاع تصرفاتهم اللاحقة لن يكون بالأمر العسير على إدارة البيت الأبيض، بعد ان توصلت للحلول المنصفة، من وجه نظرها، مع الدول الكبرى، وفي مقدمتهم روسيا الحليف الأقرب للرئيس السوري بشار الأسد.
من جانب اخر، كانت هناك تعقيدات كبيرة أيضا تتعلق بالملف النووي الإيراني، وبعد أكثر من (22) شهر من المباحثات الماراثونية، كانت نسبة نجاح المفاوضات من عدمها تساوي 50% لكل منهما... لكنها (الدول الكبرى) في نهاية المطاف تمكنت من التوصل مع إيران الى اتفاق وصف على انه "اتفاق تاريخي".
ربما يحسب نجاح مجلس الامن في اتخاذ قرار بالإجماع يبارك فيه مساعي السلام في سوريا ويوافق على اعتماد "خارطة الطريق"... الى نجاح روسيا والولايات المتحدة الامريكية في التوصل الى صيغة توافقية لإدارة الازمة في سوريا والشرق الأوسط، بعيدا عن الحلفاء او الأطراف الثانوية التي تمسكت بمواقف "خيالية" او "جامدة" بعيدا عن "الديناميكية" الامريكية او "الشراكة" الروسية.
ويبدو ان التوافق الروسي-الأمريكي حول الازمة في سوريا سيفتح الباب واسعا امام دخول أطراف جديدة في اللعبة الشرق أوسطية، وقد يخرج أطراف أخرى من الشباك... لان الوضع لم يعد يحتمل المزيد من التأزيم، خصوصا اذا لم ينسج الحلفاء مع خارطة الطريق الجديدة.
اضف تعليق