العراق سيبقى ممر مفتوح لسلاح الجو الإسرائيلي لا سيما مع وجود احتمال كبير بأن نشهد المزيد من الضربات الإسرائيلية على إيران في المستقبل القريب، وتحت غطاء أمريكي واضح ما يعطي رسالة واضحة أن العراق بات لايمتلك اوراقاً للتفاوض مع واشنطن الآن، وان المستقبل مرهون بقدرة العراقيين بقواهم السياسية...

شهدت الحرب الاخيرة بين إيران وإسرائيل حجم الخلل في المنظومة العسكرية وخصوصاً الدفاعية منها، خصوصاً بعد انتهاك الطائرات الإسرائيلية للمجال الجوي العراقي، والتي ابرزت المخاوف حول ضعف الدفاع الجوي العراقي باستثناء الخطابات البلاغية، ولم تبذل الجهات العسكرية العراقية جهداً في وقف التحليق المتكرر للطائرات المقاتلة الإسرائيلية ومنع أي طائرة تنتهك الاجواء العراقية.

تُطرح الكثير من التساؤلات حول وجود الإرادة السياسية لدى القيادات العراقية في استخدام الاسلحة التقليدية للدفاع الجوي فعليا لحماية سماء العراق من أي انتهاك لا سيما في ظل الصراع الخطير الذي تمر به المنطقة وخطر الانجرار إلى صراع إقليمي يُراد به إدخال العراق ليكون ساحة حرب للمتصارعين.

الواقع يتحدث أنه لا يوجد مايثبت استخدام العراق لقدرته الدفاعية وتفعيل الدفاعات الجوية العراقية، مما يشير إلى أن بغداد على الأرجح اختارت تقليص قدراتها العسكرية المحدودة من أجل تجنب الدخول والانجرار إلى حرب إقليمية واتهامها بأنها منحازة إلى أي طرف، وهذا ما تأكد بأن العراق لم يعلن سوى اسقاط طائرة مسيرة واحدة سقطت بالقرب من منطقة نفط خانة.

الحكومة العراقية قامت بتقليص عمل الدفاعات الجوية بشكل عام لوجود سيطرة تامة وكاملة من قبل الطيران الامريكي على الاجواء العراقية وهذا ما تسبب بوجود حالة من العجز لدى القدرة الدفاعية العراقية في صد أي طائرات تستخدم اجواءها، كما انها اتخذت موقف الحياد من أجل أبعاد نفسها عن أي مواجهة او استهداف من قبل الطيران الامريكي الذي يواصل متابعته للأجواء العراقية ويعطي احداثيات كاملة عن هذه الاجواء للطائرات الاسرائيلية التي تضرب طهران ومدن إيرانية اخرى.

الدفاعات الجوية العراقية بشكل عام تتكون حاليًا من أنظمة أمريكية وروسية قصيرة المدى، وتحاول بغداد استخدام أنظمة الدفاع الجوي الاستراتيجية وطلبت من كوريا الجنوبية ان تزودها بها، إذ كانت أنظمة الدفاع الجوي العراقية قبل 2003 تعمل على أنظمة تشكيل الطبقات المحمية، وقد دُمر هذا النظام بعد 2003، وخلال عشر سنوات لم تبذل الحكومات العراقية المتعاقبة جهود تذكر لإعادة بناء القدرات الدفاعية الجوية ومع ذلك، طلب المسؤولون العراقيون في عام 2013 نظام متكاملً بقيمة 2.4 مليار دولار أمريكي من واشنطن، ولم يستلم العراق سوى ثمانية أنظمة من هذا النوع.

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية أفادت التقارير أن العراق أبدى اهتمامه بتطوير قدراته الدفاعية لردع الغارات الجوية الإسرائيلية المحتملة على أراضيه، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة سعي بغداد إلى تعزيز دفاعاتها الجوية.

دول الجوار منحازة بشكل واضح الى الغرب وتعمل أنظمتها الجوية بشكل نشيط، اما العراق فإنه مقيد بالانقسامات الداخلية وتوازناته الهشة بين الولايات المتحدة وإيران للحفاظ على تماسكه الداخلي قدر الإمكان، فمن المحتمل ان يقتصر استخدام هذه الأنظمة على الردع غير الاستفزازي بدلًا من التدخل الفاعل، خصوصاً وان بغداد بحاجة الى ان تعلم انه اذا حاولت وقف إسرائيل، فسيتم تدمير نظام دفاعها الجوي وهذا سيجعل التكاليف أكبر من محاولة الوقوف ضد إسرائيل.

العراق سيبقى ممر مفتوح لسلاح الجو الإسرائيلي لا سيما مع وجود احتمال كبير بأن نشهد المزيد من الضربات الإسرائيلية على إيران في المستقبل القريب، وتحت غطاء أمريكي واضح ما يعطي رسالة واضحة أن العراق بات لايمتلك اوراقاً للتفاوض مع واشنطن الآن، وان المستقبل مرهون بقدرة العراقيين بقواهم السياسية على تحييد الدور الامريكي وبناء منظومة علاقات معه قادرة على تجاوز المشاكل بين الطرفين بعيداً عن لغة التخوين او التشكيك.

اضف تعليق