ومن الأخطاء التي قد تقع؛ أن الإنسان يتصور أنه قد وصل إلى درجة من الفهم والإدراك تغنيه عن قبول الاستشارات، وهذا بحد ذاته يعتبر من مراحل السقوط والفشل في الحياة، فعلى فرض وصول الإنسان فعلا إلى مرتبة حقيقة من الوعي والحنكة والحكمة، ولا يحتاج بالفعل إلى من يشير عليه...
لماذا يحجم معظم الناس عن قبول الاستشارة في حل مشكلاتهم؟ وما هي الاثار الايجابية لنهج التشاورية الاجتماعية، وكيف يمكن استكشاف الاساليب السليمة للعمل بها؟
عندما يعرف الإنسان حجمه وقدراته الحقيقية سيبتعد عن أي توهم لا يناسبه وبالتالي سينتهي به المطاف إلى أن يقرر قرارات مناسبة لواقعه، ومن هنا جاءت الحكمة العلوية على قائلها السلام: "الخير كلّه فيمن عرف قدر نفسه، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدر نفسه".
ومن الأخطاء التي قد تقع؛ أن الإنسان يتصور أنه قد وصل إلى درجة من الفهم والإدراك تغنيه عن قبول الاستشارات، وهذا بحد ذاته يعتبر من مراحل السقوط والفشل في الحياة، فعلى فرض وصول الإنسان فعلا إلى مرتبة حقيقة من الوعي والحنكة والحكمة، ولا يحتاج بالفعل إلى من يشير عليه، إلا أن ذاك لا يتعارض مع الاستماع أقلا للمشورة.
ولقد قالها أميرالمؤمنين الامام علي عليه السلام في حواره مع ابن عباس: "لك أن تشير وأرى، فإن عصيتك فأطعني"؛ فالإمام سلام الله عليه في مقام التعليم وهو الغني عن كل مشورة ونصيحة لم يلغ هذا الأصل، وإنما دعا الآخرين إلى ذلك رغم عدم احتياجه، مما يدل على أنها ضرورية في جميع الأحوال للمستشير والمستشار لبناء الهيكل المجتمعي على أسس الحوار والمشاركة واحترام الرأي الاخر وسعة الصدر والحلم والإنصات وغيرها..
من هنا فإن الذي يتصور أنه قد وصل إلى مرحلة الاستغناء عن الاستشارة إنما هو بعيد عن الكمال والعقل ولو من وجه مجتمعي أقلا، وهذا الاعتقاد أدى بالناس أن يحجموا عن قبول الاستشارة في حل مشكلاتهم، مما يؤدي بالنهاية إلى الإضرار بأنفسهم قبل غيرهم.
أما الآثار الاجتماعية لنهج التشاور فإنه بالإضافة إلى الآثار المعروفة من اجتماع عقول الجمع إلى عقل الفرد وما يترتب على ذلك من حلول، فإنه يزرع روح التواضع عند من يتنازل عن رأيه حينما يرى أن رأي الآخرين أكثر صوابا، فلا يصر على الخطأ تكبرا وتعسفا، بل ويتقبل الرأي الجديد برحابة صدر وحب، وهذه تعتبر سجية أخلاقية قبل أن تكون وسيلة لحل الأزمات الاجتماعية والفردية.
ومثال ذلك ما ورد في القرآن الكريم في قصة فرعون والسحرة؛ ان فرعون رغم أنه تظاهر بالمشورة عندما جمع السحرة والناس، لكنه لم يرضخ للرأي الصائب في نهاية المطاف حين إيمان السحرة، والذي جاء نتيجة تكبره وعدم امتلاك روح رياضية متواضعة.
كما أن من آثاره أيضا؛ جلب الراحة النفسية عند الفرد المستشير، فحتى إذا كانت نتيجة الشورى غير مرضية إلا أن ذلك يخفف حالة اللوم فيما لو كانت النتيجة خاطئة لدى الفرد الذي لا يستشير، وحسب تعبير المحقق الكرباسي: "وأضعف نتائج الشورى مع فرض الفشل عدم الندم وعدم التلاوم فيما بين الشريحة الواحدة حيث إن الجميع شاركوا في الرأي ولا تصيبهم التفرقة والتشتت لأن جميعهم قرروا المضي أو التوقف، وهذا بحد ذاته مهم في جميع مرافق الحياة".
اضف تعليق