مهما تغيَّرت وتبدَّلت التَّحالفات السياسيَّة قبل الإِنتخابات فلن تنفعَ في شيءٍ ولن تُغيِّر من الواقعِ في شيءٍ لأَنَّ كُلَّ الذين سيخوضُونَ الإِنتخابات سيعودونَ ويتكتَّلونَ بعدَ الإِنتخابات ليشكِّلُوا الكُتل النيابيَّة الكلاسيكيَّة المُتعارف عليها وهي الشيعيَّة والسنيَّة والكرديَّة. فلماذا إِذن يتنافسُونَ فيما بينَهم قبل الإِنتخابات ويعودُونَ للتكتُّل معَ بعضهِم بعدَ الإِنتخابات...

 ١/ دستوريّاً وقانونيّاً فإِنَّ الدَّولة مُلزمة بإِجراء الإِنتخابات النيابيَّة هذا العام وإِنَّ أَيَّ تلاعبٍ بالموعدِ يعدُّ بمثابةِ الإِنقلابِ على الدُّستور ما قد يُدخل البلاد في فوضى لها أَوَّل وليسَ لها آخر، خاصَّةً مع الإِنقسام العمودي والأُفقي الواضح بين القُوى السياسيَّة والمُجتمعيَّة على حدٍّ سواءٍ.

 ٢/ في نفسِ الوقت فإِنَّ الظُّروف الحسَّاسة المُحيطة بالمنطقةِ تُنذر بالكثيرِ من المخاطرِ منها إِدخال العراق بنفقٍ جديدٍ يؤَثِّر على كلِّ العمليَّة السياسيَّة بشكلٍ أَو بآخر.

 ومن هذهِ الظُّروف الحسَّاسة إِحتمالات الصِّدام المُسلَّح بين واشنطن وطهران واحتمالاتِ تعرُّض العراق نفسهُ لضرباتٍ من نوعٍ ما، خاصَّةً إِذا ما شرَّع الكونغرس الأَميركي بالفعل مُسودَّة قانون [تحرير العراق] الذي يعودُ بذاكرتِنا إِلى العام ١٩٩٨ ولكن بطريقةٍ أُخرى وبتفاصيل مُختلفة وأَهداف مُغايِرة.

 ٣/ الأَمرُ المُهم الذي يجب الإِنتباه لهُ هو حالة اليأس التي تلُفُّ الشَّارع العراقي من تحقيقِ الإِصلاحِ والتَّغييرِ عن طريقِ صندُوق الإِقتراع، فبعدَ تجربةٍ بهذا الصَّدد دامت قُرابة عقدَينِ من الزَّمن ثبُت للرَّأي العام العراقي بأَنَّ الإِنتخابات ليسَت طريقاً للتَّغييرِ نحوَ الأَفضل ولعلَّ في تجربةِ الإِنتخابات الأَخيرة في إِقليم كُردستان وإِنتخابات مجالس المُحافظات مُؤَشِّرٌ واضحٌ للدَّلالةِ على هذهِ الحقيقةِ.

 ٤/ مهما تغيَّرت وتبدَّلت التَّحالفات السياسيَّة قبل الإِنتخابات فلن تنفعَ في شيءٍ ولن تُغيِّر من الواقعِ في شيءٍ لأَنَّ كُلَّ الذين سيخوضُونَ الإِنتخابات سيعودونَ ويتكتَّلونَ بعدَ الإِنتخابات ليشكِّلُوا الكُتل النيابيَّة الكلاسيكيَّة المُتعارف عليها وهي [الشيعيَّة والسنيَّة والكرديَّة].

 فلماذا إِذن يتنافسُونَ فيما بينَهم قبل الإِنتخابات ويعودُونَ للتكتُّل معَ بعضهِم بعدَ الإِنتخابات؟!.

 أ/ هذهِ الظَّاهرة دليلٌ واضحٌ على أَنَّهم لم يختلفُوا في برامجهِم الإِنتخابيَّة ورُؤَاهم في بناءِ [الدَّولة] مثلاً فلَو كانُوا كذلكَ لما عادُوا وتجمَّعُوا مرَّةً أُخرى!.

 كما أَنَّهُ دليلٌ على تخندُقاتهِم [الطَّائفيَّةِ] من دُونِ استثناءٍ مهما رفعُوا من شِعارات الوطنيَّة المُزيَّفة في برامجهِم الإِنتخابيَّة!.

 ب/ بهذهِ الطَّريقة يحاولونَ خِداع النَّاخب بوجودِ تعدديَّةٍ سياسيَّةٍ هي التي تميِّز بين المُتنافسينَ، والخداعُ هذا لإِقناعهِ بالمُشاركةِ.

 التَّجربة تتحدَّث عن فشلهِم في ذلكَ والدَّليلُ أَنَّ مُنحنى نسبة المُشاركة في النَّازل منذُ أَوَّل إِنتخابات نيابيَّة وإِلى آخر إِنتخابات.

 ج/ إِعادة تكتُّلهم بعد الإِنتخابات هو لحمايةِ مصالحهِم ونفوذهِم الذي تحقَّق طُوال العقدَين الماضيَينِ في إِطارِ المُحاصصةِ والتَّوافُقِ وتقاسُم [الكعكةِ] الذي ضربَ الدُّستور عَرض الحائطِ، فالتَّشرذُمُ سببٌ في خسارتهِم لذلكَ وأَكثر.

اضف تعليق