المسؤول الحكومي، بحكم منصبه، هو ممثل عن الشعب، وعليه التزام أخلاقي بأن يكون قريبًا من هموم المواطنين، وأن يظهر تعاطفًا مع معاناتهم. وحينما يخرج مسؤول ليستعرض مظاهر الرفاهية في بيئة تعاني من الفقر والحرمان، فإنه يرسل رسالة سلبية للمجتمع، توحي بانفصاله عن واقع الشعب...

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العراق، حيث يعاني كثير من المواطنين من الفقر والبطالة، وتعيش شريحة واسعة من الأطفال الأيتام في ظروف قاسية، تبرز بين الحين والآخر مشاهد لمسؤولين حكوميين وهم يستعرضون حياة الترف التي يعيشونها. ومن بين هذه المشاهد، قد يظهر مسؤول أو مسؤولة في الدولة يستعرض حيوانه المفضل، ما يثير موجة من الاستياء والسخط الشعبي. فهل يجوز مثل هذا التصرف في مجتمع يعاني من الفقر والحرمان؟

المسؤول الحكومي، بحكم منصبه، هو ممثل عن الشعب، وعليه التزام أخلاقي بأن يكون قريبًا من هموم المواطنين، وأن يظهر تعاطفًا مع معاناتهم. وحينما يخرج مسؤول ليستعرض مظاهر الرفاهية في بيئة تعاني من الفقر والحرمان، فإنه يرسل رسالة سلبية للمجتمع، توحي بانفصاله عن واقع الشعب. 

إن الأخلاق العامة تفرض على المسؤول أن يكون قدوة في التواضع والتقشف، خصوصًا في المجتمعات التي تعاني من الأزمات الاقتصادية. لا أحد يعترض على امتلاك الشخص لحيوانه الأليف، لكن حينما يصبح هذا الأمر عرضًا مستفزًا للفقراء، فإنه يدخل في إطار الاستفزاز غير المبرر لمشاعر الناس الذين يواجهون صعوبات في تأمين لقمة العيش.

العراق بلد يمتلك ثروات طبيعية هائلة، لكنه في الوقت ذاته يعاني من سوء توزيع للثروات، ما أدى إلى تزايد معدلات الفقر بين فئات واسعة من المجتمع. في مثل هذه الظروف، يصبح التضامن الاجتماعي ضرورة وليس خيارًا. وعندما يرى المواطن البسيط مسؤولًا يتباهى برفاهيته بدلًا من أن يكون منشغلًا بخدمته، يشعر بالظلم والخذلان.

العدالة الاجتماعية لا تعني فقط توفير الفرص الاقتصادية للجميع، بل تشمل أيضًا السلوكيات والمواقف التي يتبناها القادة والمسؤولون. فحينما يكون المسؤول مهتمًا بإظهار مظاهر البذخ بدلًا من الاهتمام بمشكلات الناس، فإنه يعزز الفجوة بين السلطة والشعب، ما ينعكس سلبًا على الثقة بالحكومة.

في عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد من الممكن إخفاء مثل هذه التصرفات، فمجرد صورة أو مقطع فيديو لمسؤول يستعرض حياته المترفة يمكن أن يتحول إلى أزمة رأي عام. ومن المعروف أن المواطن العراقي اليوم لديه وعي عالٍ، ويمتلك وسائل للتعبير عن غضبه واستيائه، مما يجعل مثل هذه التصرفات محط انتقادات لاذعة.

لقد رأينا في العديد من البلدان كيف أن تصرفًا غير مسؤول لمسؤول حكومي قد يؤدي إلى فقدانه لمنصبه، بسبب ردود الفعل الشعبية الغاضبة. ولذلك، يجب على المسؤولين أن يكونوا حذرين في أفعالهم وتصرفاتهم، لأنهم تحت مراقبة دائمة من قبل الشعب والإعلام.

في النهاية، ليس الهدف من هذه المقالة مهاجمة أحد، بل الدعوة إلى التحلي بالحكمة والوعي عند التعامل مع المسؤولية العامة. المسؤول الحكومي يجب أن يكون قريبًا من الناس، متفهمًا لمعاناتهم، ومساهمًا في حل مشاكلهم بدلًا من استفزاز مشاعرهم بمظاهر البذخ غير الضرورية. احترام مشاعر المواطنين والتصرف بحس إنساني مسؤول هو ما يصنع الفارق بين مسؤول ناجح يحظى باحترام الناس، ومسؤول آخر يفقد ثقتهم بسبب تصرفاته غير المدروسة.

اضف تعليق