ان سياسات ترامب - التي يمكن ان تسمى ترامب ضد امريكا والعالم كله ويسميها ترامب واتباعه امريكا اولا - فشلت حتى الان داخليا وخارجيا باستثناء ملف الهجرة - لايمكن ان يكون حليفك الوحيد هو نتانياهو! -وستجبر العالم على انهاء قيادة امريكا له...

بعد شهرين من تولي ترامب للسلطة وبعد سلسلة لا اول لها ولا اخر من القرارات والاوامر التنفيذية التي قلبت امريكا والعالم, يبدو ان ادارة ترامب فشلت حتى الان - رغم ان الوقت لا زال مبكرا - في تحقيق اغلب وعودها للامريكيين.

فمن جهة ومع استئناف نتانياهو لحربه على غزة وبدء حملة جوية امريكية ضد الحوثيين في اليمن وعدم تحقق نهاية للحرب الاوكرانية - رغم الاتفاق على تجنب ضرب منشأت الطاقة لمدة شهر - تبخرت صورة ترامب كصانع للسلام.

ومن جهة اخرى, لا تزال اسعار مختلف البضائع والخدمات مرتفعة ولم يتحقق وعد ترامب بتخفيضها خصوصا مع بدء اثار التعريفات الكمركية التي فرضها على كندا والمكسيك والصين والاتحاد الاوروبي بالتزامن مع تراجع اسواق البورصة المستمر -خسر مليارديرات امريكا 415 مليار دولار خلال شهرين فقط! - واحتمالات الركود المتزايدة وصعود تيار عالمي لمقاطعة السلع الامريكية وتجنب زيارة الولايات المتحدة بما في ذلك من اثار وخيمة على السياحة.

ومن جهة ثالثة, يواجه ترامب 129 دعوى قضائية تتحدى قراراته واوامره التنفيذية ونجحت ما لايقل عن 46 منها في ايقاف هذه القرارات او نقضها. 

وعلى هذا الصعيد يسير ترامب ومسؤولو ادارته في مسار يتحدى سلطة القضاء وينذر بازمة دستورية غير مسبوقة (يوم امس اصدر رئيس المحكمة العليا بيانا نادرا قال فيه ان من حق ترامب الاعتراض على اوامر القضاء ولكن عبر اليات محاكم الاستئناف لا عبر محاولة عزل القضاة).

يضاف الى كل ذلك التخبط في عزل حوالي 25 الف من موظفي الحكومة الاتحادية - امر القضاء باعادة بعضهم على اية حال - ووقف المنح الحكومية وانهاء 83% من المساعدات الامريكية الخارجية ومنع بعض المواطنين الاجانب من الدخول للولايات المتحدة بحجة انهم نشروا اعتراضات على سياسات ترامب وانهاء برامج اللجوء القانونية والانسحاب الامريكي من التزامات الناتو - بما في ذلك الانقلاب الامريكي فيما يخص الحرب الاوكرانية واحراج الرئيس الاوكراني الزائر وطرده من البيت الابيض - والهراء المتواصل بخصوص ضم غرينلاند وقناة بنما وكندا وما يوحيه كل ذلك من نقض لسياسة حسن الجوار - كندا هي اكبر مستورد للسلع الامريكية ولا يدخل منها الا اقل من 1% من المهاجرين غير الشرعيين او مخدر الفينتانيل وميزانها التجاري مع امريكا متقارب وفرض التعريفات عليها ليس الا غباء محض! - واخيرا خطة ترامب المعتوهة لتهجير سكان غزة واحراج ملك الاردن في البيت الابيض - يبدو ان جمهورية ارض الصومال الانفصالية وافقت على استقبال الغزاويين مقابل الاعتراف بها كدولة مستفلة!

هذا كله يشكل وبحق بداية نهاية القيادة الامريكية للعالم. 

لسنوات كنت ممن استسخفت افكار (نهاية امريكا) او (سقوط الامبراطورية الامريكية) ولا زلت على رأيي هذا.

لكن ما شهدناه الان في ولاية ترامب الثانية يشكل نهاية قيادة امريكا للعالم لا بفعل سقوط امبراطوريتها بل بقرار من رئيسها المنتخب. 

القيادة لا تعني فقط القوة. القيادة تعني في اغلب الاحيان القدرة والرغبة بالانفاق والقتال من اجل الاخرين والاكتراث لقضاياهم وان تكون قدوة اخلاقية للعالم.

من امثلة ذلك: قيادة امريكا لتحرير اوروبا من النازية وحماية امريكا لحلفائها حول العالم سواء كوريا الجنوبية او الكويت او توفير المظلة النووية لاوروبا ومساعدة هؤلاء الحلفاء اقتصاديا مثلما حدث في مشروع مارشال وبرامج المساعدات الخارجية لدول مثل مصر والاردن والعراق وافغانستان وغيرها. 

القيادة ليست مجرد قوة غاشمة تفرض ارادتها على العالم.

مثال اخر لنهاية قيادة قوة عظمى او قوة اقليمية ما حدث للاتحاد السوفياتي في نهاية الثمانينيات عندما ابلغ حلفائه في العالم الثالث ان الدعم السوفياتي بالسلاح والمال والمشاريع واستقبال اللاجئين الشيوعيين واليساريين لم يعد متاحا كالسابق ليلي ذلك وخلال سنوات قليلة انهيار الاتحاد السوفياتي نفسه.

ومثال اخر مصر الناصرية التي اوت ودعمت حركات التحرر من الاستعمار في العالم العربي وافريقيا ثم انهت كل ذلك في عهد السادات وبذلك انتهت القيادة المصرية للعالم العربي.

وربما نشهد حالة ممائلة الان مع ايران... الخلاصة هي ان سياسات ترامب - التي يمكن ان تسمى ترامب ضد امريكا والعالم كله ويسميها ترامب واتباعه امريكا اولا - فشلت حتى الان داخليا وخارجيا باستثناء ملف الهجرة - لايمكن ان يكون حليفك الوحيد هو نتانياهو! -وستجبر العالم على انهاء قيادة امريكا له...

اضف تعليق