لماذا لم يتم تأهيل هذه المناطق ومسحها بشكل كامل قبل البدء بعملية التوزيع؟ الجواب يأتي ضمن الاستعجال الحكومي في عملية التوزيع، فتخصيص قطع الأراضي جاء بالتزامن مع حملة المشروعات السريعة التي هبت عليها آليات التنفيذ المباشر قبل أيام من انتخابات مجالس المحافظات الماضية...
تفردت محافظة كربلاء بتوزيع قطع الأراضي على شرائح مختلفة، فقد شملت التوزيعات السابقة شريحة الشهداء والارامل والمعاقين والصحفيين وخط الصد الأول والأساتذة الجامعيين وغيرهم، حتى بات سكان كربلاء مغبوطين على هذه المبادرات التي تضطلع بها الحكومة المحلية.
جميع مبادرات توزيع الأراضي السكنية على الموظفين وغيرهم هدفها الأساس هو لتوفير سكن لمواطنين ارهقتهم الإيجارات او السكن مع اهاليهم بنفس المنزل، لكن هذه الفرحة لم تدم طويلا، بسبب ان اغلب المناطق التي وزعت لا توجد فيها أي خدمات بنى تحتية ولا تصلح للسكن على مدى عقد او أكثر.
تصريحات كثيرة ودراسات عميقة يشير اليها المسؤولين المعنيين بالتوزيع، ويؤكدون من خلالها على ضرورة امتلاك أي مواطن قطعة ارض وهذا وبحسب وصفهم حق طبيعي لأي فرد، ولغاية الآن الأمور جميلة من حيث المظهر والهدف الأساس، بينما اغلب الموظفين او الشرائح الأخرى لا يستطيعون البناء في قطعهم لأنها وزعت في ارض غير مأهولة ولا تصلح للسكن في الوقت الحاضر.
وعلى مسألة تأخير الخدمات للأحياء الجديدة لدينا الكثير من الشواهد، فلنأخذ على سبيل المثال المناطق التي وزعت في تسعينيات القرن المنصرم، بقيت على وضعها لحين تغيير النظام وشروع الحكومات المحلية الحالية بحملة من الاعمار والاكساء، هذا يعني ان المناطق التي يتم توزيعها في الوقت الحالي ربما تبقى لعقدين او أكثر دون توفير الخدمات الأساسية.
لا سيما وان المناطق التي وقع عليها الاختيار في الوقت الحاضر، واخذت حكومة كربلاء المحلية بمسحها ووزعت جزا منها وبانتظار توزيع الجزء الآخر، تقع محاذية للمناطق الصحراوية الواقعة في أطراف المدينة، ما يجعلها صعبة العيش من الناحية الخدمية وت2وفير مستلزمات السكن الملائم للمواطنين.
والسؤال الأبرز هنا، لماذا لم يتم تأهيل هذه المناطق ومسحها بشكل كامل قبل البدء بعملية التوزيع؟
الجواب يأتي ضمن الاستعجال الحكومي في عملية التوزيع، فتخصيص قطع الأراضي جاء بالتزامن مع حملة المشروعات السريعة التي هبت عليها آليات التنفيذ المباشر قبل أيام من انتخابات مجالس المحافظات الماضية.
يجدر بالحكومة المحلية ان تتأنى بالتوزيع لحين الانتهاء من مرحلة المسح، اجزم ان اغلب الاحياء السكنية الواقعة خلف الحزام الأخضر تقع ضمن الرقعة الجغرافية لما يسمى بـــ(المقالع)، وهي الأماكن التي يستخرج منها مواد البناء كالرمل والحصو والجلمود وغيره.
تأخر إيصال الخدمات الأساسية مع وجود القطع السكنية لا يعني ان الحكومة استطاعت معالجة ازمة السكن، اذ لا تزال قائمة، لعدم مقدرة هؤلاء من البناء وسط الفوضى الكبرى بعملية التوزيع، وعليه تبقى الفرحة منقوصة لعلمهم بمعضلة المشكلة الإسكانية وفشل المحاولات في إيجاد حلول مستدامة.
المواطنون يعرفون ان جميع الحكومات السابقة عجزت عن حل هذه الإشكالية، وربما الحالية تسير على نفس خط العجز، وان قامت بتوزيع آلاف القطع في السنوات الخمس او الست الماضية، واعتبرته تميزا او إنجازا حكوميا وسابقة غير معهودة، وفي المقابل فهي وزعت ارقام لقطع يمكن تحوليها الى مبلغ مالي وليس دارا للسكن على الأقل في المدى القريب.
بعض الموظفين والشرائح المستلمة، تجاوزت أعمارهم سن التقاعد، وهم لا يزالون ينتظرون بفارغ الصبر والامل بأن تشمل مناطقهم الجديدة في الخدمات الأساسية، لكي تكون هذه المناطق خيارا مناسبا للسكن بعد سنوات من الحرمان والتعطش لمثل هذا اليوم.
فمثل هؤلاء هل يفرحون بالتوزيعات المرتقبة؟
اضف تعليق