يعاني القطاع الصحي في عامة المدن العراقية من نقص في البنية التحتية، بالإضافة الى عدم توفر العلاج المناسب، وهذا الحال بالنسبة لمركز المدينة، فكيف يمكن ان تتوقع الحال في الاقضية والنواحي والمناطق النائية، فهي تعاني من إهمال كبير وتدهور واضح على جميع الأصعدة...
نسبة كبيرة من المرضى وذويهم يتخذون قرار الذهاب الى المستشفيات الحكومية لسبب رئيس وهو الهروب من غلاء الخدمات الطبية في المستشفيات الاهلية، لكنه يتفاجأ بعدم وجود الادوية اللازمة لحالاته المرضية، ما يجبره على توفيرها من الخارج، وهذا يعني العودة الى المربع الأول (الخوف من التكاليف المادية التي دعت الى الهروب) ولهذا السبب ولغيره ينصح بعدم مراجعة المستشفى الحكومي.
من يبتليه الله بمرض معين، يسعى لإيجاد من يخفف عليه الضغط النفسي الذي لحق به جراء الحالة الصحية غير المستقرة، ولذلك يحاول التخفيف عن حاله بشتى الأساليب، لكن وبحسب المعطيات الموجودة على ارض الواقع فان وضع المستشفيات الحكومية لا يبشر بخير.
عدم الاطمئنان يأتي من ندرة الادوية او رداءتها لذلك يضطر المريض الى توفير العلاجات المهمة من الخارج وبأسعار باهظة الثمن، وبهذه الحالة بقي المريض تحت رحمة أصحاب المذاخر الخاصة الذين يتخلون عن الإنسانية في كثير من الأحيان، ولا يراعون حالة الفقر التي تعيشها معظم الاسر.
يعاني القطاع الصحي في عامة المدن العراقية من نقص في البنية التحتية، بالإضافة الى عدم توفر العلاج المناسب، وهذا الحال بالنسبة لمركز المدينة، فكيف يمكن ان تتوقع الحال في الاقضية والنواحي والمناطق النائية، فهي تعاني من إهمال كبير وتدهور واضح على جميع الأصعدة.
وساعد على ذلك التدهور هو وجود المستشفيات الاهلية والمراكز العلاجية ذات المواصفات العالمية، اذ تضم أرقى أنواع الأجهزة الطبية، ما يجعلها وسيلة من وسائل الجذب بالنسبة للأهالي الباحثين عن تشخيص دقيق لحالاتهم المرضية، مما يسهل عليهم السفر الى الخارج وما يرافق ذلك من صعوبات جمة.
المسألة التي لم يتم استيعابها لغاية اللحظة هي خلوا المستشفيات الحكومية بما فيها الحديثة من العلاج والأجهزة المتخصصة، نعلم جميعنا ان اغلب المستشفيات التي تم انشاءها حديثا بواسطة منح من جهات دولية، كجزء من حسين صورتها امام الشعب العراقي، ولم يبق امام الحكومة العراقية سوى التجهيز والتشغيل.
ومما يؤسف له ان وزارة الصحة أخفقت حتى في إدارة هذه المرافق (الجاهزة)، وفي الوقت الذي لم تبادر فيه الى بناء أي مستشفى او مركز صحي في المحافظات العراقية، ولذلك بقي القطاع الصحي يعاني من ازمة مستمرة.
تتبع المستشفيات الاهلية استراتيجية تعامل اراها ناجحة، وهي عدم استقبال الحالات التي لا تتمكن من تقديم الخدمة العلاجية لها، فعلى سبيل المثال لا تجازف في استقبال مريض بحاجة الى عناية مركزة، لعدم وجود سرير فارغ، ولا تجازف أيضا في رقود حالة لا يوجد طبيب معالج لها.
بهذه الاستراتيجية ضمن عدم وقوعها في الخطأ وعريض المريض الى المخاطرة وربما الممات، على العكس تماما من المستشفيات الحكومية التي تستقبل الجميع وفي النتيجة لا يوجد أي مبرر لذلك الاستقبال سوى انها حكومية وعليها فتح أبوابها امام جميع المراجعين.
في أحيان كثيرة يصعب نقل المريض من المستشفيات الحكومية الى الاهلية بسبب تدهور حالته الصحية، نتيجة نقص الادوية التي يجب ان تصرف بصورة عاجلة، لكن التأخير الحاصل بسبب البحث عن نوعية العلاج المناسب يتردى الوضع الصحي للمريض، ويدخل بحالة حرجة.
ما لا يمكن تحقيقه في ظل الفساد المستشري في العراق هو النهوض بالواقع الصحي وتطوير البنية التحتية لهذا القطاع، فالفساد هو الآفة المدمرة لكل والناسفة لكل الجهود الرامية تزويد المنشآت الصحية بالمعدات والتجهيزات الطبية الحديثة لضمان تقديم رعاية صحية فعالة ومتكاملة.
ويأتي من ضمن الرعاية المتكاملة القيام بدراسة للاحتياجات الصحية من الادوية الضرورية ذات الاستهلاك اليومي بالنسبة للحالات الاعتيادية، وعلى هذا الأساس يتم تجهيز المذاخر الحكومية بهذه اللوازم التي بدورها تحفظ للمراجع كرامته وللقطاع الصحي الحكومي هيبته.
اضف تعليق