ان العبرة باعتبار الحكم القضائي مكتسب الدرجة القطعية هو بتاريخ تصديقه من محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية، ولم يتضمن كلا قراري محكمة القضاء الاداري والمحكمة الادارية العليا الاشارة الى تاريخ مصادقة قرار محكمة البداءة تمييزاً من محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية...
اصدرت محكمة القضاء الاداري قرارا بالدعوى المرقمة ( 2157/ق/2023) في 26/11/2023 يقضي بالغاء قرار هيئة الطعن في مؤسسة السجناء السياسيين المتضمن اعادة النظر بشمول المدعي بقانون المفصولين السياسيين وعدم عده مشمول بالقانون وعدم اعتباره سجين سياسي رغم وجود حكم بات بشموله بالقانون المذكور، في قضية تتلخص وقائعها بان المدعي سبق وان تم شموله بقانون مؤسسة السجناء السياسيين من قبل اللجنه المختصة بموجب قرارها المؤرخ 13/7/2008 وتم اعتباره سجيناً سياسياً وذلك لصدور ِحكم بحقه بالسجن لمدة (15) خمسه عشر سنة، ثم قامت اللجنه ذاتها بالغاء قرارها السابق بشموله بقانون مؤسسة السجناء السياسيين بموجب قرارها اللاحق المؤرخ 13/12/2012.
وعلى اثر ذلك راجع المدعي محكمة بداءة الكرادة واستحصل حكماً بتاريخ 17/6/2013 يتضمن اعتبار المدعي سجين سياسي وتم شموله بقانون مؤسسة السجناء وقد صادقت محكمة استئناف الرصافة بصفتها التمييزية على حكم محكمة بداءة الرصافة واكتسب الدرجة القطعية.
قانون المؤسسة
الا ان المدعى عليه رئيس مؤسسة السجناء السياسيين اضافة لوظيفته اعاد النظر بقرار شمول المدعي بقانون المؤسسة واصدرت اللجنه الخاصة قراراً بتاريخ 24/9/ 2017 بعدم الشمول، وتظلم المدعي من قرار الغاء شموله بقانون مؤسسة السجناء ورد تظلمه من قبل هيئة الطعن بموجب قرارها المؤرخ في 10/1/2019، ولعدم قناعة المدعي برد تظلمه اقام دعواه امام محكمة القضاء الاداري طالباً الغاء قرار هيئة الطعن انفة الذكر وطالباً شموله بقانون مؤسسة السجناء السياسيين، وقد اصدرت محكمة القضاء الاداري قرار بالغاء قرار هيئة الطعن المؤرخ في 10/1/2019 مع الزام المدعى عليه بشموله باحكام قانون مؤسسة الجناء السياسيين، ولنا على هذه الوقائع الملاحظات الاتية :
ان تسبيب محكمة القضاء الاداري كان يستند الى وجود حكم قضائي بات مكتسب الدرجة القطعية صادر من محكمة بداءة الكرادة يقضي بشمول المدعي بقانون مؤسسة السجناء وان الاحكام الصادرة من من المحاكم العراقية الحائزة على درجة البتات تعد حجة بما فصلت به من الحقوق، ولا يجوز قبول دليلاً يناقض حجية الاحكام الباته حيث جاء في حيثيات قرارها (…. ان قرار هيئة الطعن المؤرخ في 10/1/2019 قد خالف حكم قضائي مكتسب درجة البتات.
وحيث ان محكمة البداءة هي المختصة بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون مؤسسة السجناء السياسيين المرقم (4) لسنة 2006 المعدل بالقانون رقم (35) لسنة 2013 المعدل قانون التعديل الاول لقانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006 المعدل، وحيث ان الاحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت به من الحقوق اذا اتحد اطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلاً وسبباً ولايجوز قبول دليل ينقض حجية الاحكام الباته وفقاًلما نصت عليه المواد (105و106) من قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979 المعدل.
وكان الاجدر بالمدعى عليه اضافة لوظيفته ان يلجأ الى طرق الطعن المتاحة قانوناً للطعن بقرار محكمة بداءة الرصافة وليس اصدار قرار يخالف حجية حكم قضائي مكتسب درجه البتات وحيث ان المدعي اضافة لوظيفته لم يراع ذلك، لذلك تكون دعوى المدعي لها سند من القانون ، لذا قررت المحكمة بالاتفاق الغاء قرار هيئة الطعن المؤرخ في 10/1/2019 والزام المدعى عليه اضافة لوظيفته باعاده شموله بقانون مؤسسة السجناء ...الخ .
لدى الطعن بقرار محكمة القضاء الاداري امام المحكمة الادارية العليا من قبل المدعى عليه رئيس مؤسسة السجناء اضافة لوظيفته قررت المحكمة الادارية العليا رد دعوى المدعي حيث جاء في قرارها (….وحيث ان ما استقر عليه قضاء المحكمة الادارية العليا بأن حكم المادة (11) من قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006 يسري على جميع قرارات الشمول باحكام قانون المؤسسة انف الذكر والتي صدرت قبل نفاذ قانون التعديل الاول لقانون المؤسسة عند نشره في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4294) في 21/10/2013 سواء الشمول بموجب حكم قضائي او قرار صادر من اللجنة الخاصة او هيئة الطعن، وحيث ان شمول المدعي باحكام قانون مؤسسة السجناء السياسيين كان بحكم صادر من محكمة بداءة الكرادة المرقم (845/ب/2013) في 17/6/2013 اي قبل نفاذ القانون رقم (35) لسنة 2013 قانون التعديل الاول لقانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006.
وحيث ان المادة (11) اعطت الحق لكل ذي مصلحة بما فيهم مؤسسة السجناء السياسيين طلب اعادة النظر في قرارات الشمول غير الصحيحة والمخالفه للقانون، وحيث ان شمول المدعي بقانون مؤسسة السجناء السياسيين تم وفق ادلة غير صحيحة مما يجعل القرار المطعون فيه سليما وموافقاً للقانون، وحيث ان محكمة القضاء الاداري اصدرت حكمها المميز دون مراعاة ما تقدم تقرر نقضه وحيث ان موضوع الدعوى صالح للفصل فيه لذا قررت المحكمة رد دعوى المدعي ….).
وخلاصة قرار المحكمة الادارية العليا ان المادة (11) من قانون التعديل الاول لقانون مؤسسة السجناء بعد صدوره ونفاذه بتاريخ 21/10/2013 اجازت مراجعه قرارات الشمول باحكام قانون مؤسسة الشهداء سواء كان الشمول قضائياً اي بقرار قضائي ام ادارياً بقرار صادر من اللجنة المختصة او هيئة الطعن التي نص عليه قانون مؤسسة الشهداء ، وبالرجوع للمادة (11) من قانون مؤسسة السجناء رقم (4) لسنة 2006 قبل صدور التعديل الاول انف الذكر نجد انها نصت على اختصاص محاكم البداءة بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون وان قرار محكمة البداءة قابلاً للتمييز امام محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية ويكون قرار محكمة البداءة نافذاً في حال اكتسابه الدرجه القطعية.
درجة قطعية
ووفقاً لهذا النص الاحكام المكتسبة الدرجة القطعية بالشمول او من عدمه غير قابلة للمراجعة القضائية او الادارية لاحقاً، بصدور قانون التعديل الاول رقم رقم (35) لسنة 2013 نصت المادة (11) من قانون التعديل على ان ( لكل ذي مصلحة طلب اعادة النظر في القرارات التي صدرت في ظل تطبيق احكام القانون رقم (4) لسنة 2006 وكانت مخالفة لاحكام هذا القانون) ومن خلال تحليل النص القانوني نجد انه اجاز لكل ذي مصلحة طلب اعادة النظر في القرارات ولم يحدد الجهة التي يقدم اليها طلب اعادة النظر وماهي الاجراءات الشكلية والموضوعية لاعادة النظر.
كما ان قرار الادارية العليا قد اعتبر رئيس مؤسسة السجناء ذي مصلحة من اعادة النظر بقرار المدعي، وهنا نتسأل لمن قدم طلب اعادة النظر ومن يقرر وجود الخطأ في تطبيق القانون، كذلك ان المادة المذكورة اشترطت لغرض مراجعة القرارات السابقة وجود مخالفة في تطبيق القانون المذكور ولم تبحث الادارية العليا في حيثيات ووقائع الشمول للتوصل الى وجود مخالفه للقانون تستدعي اعادة النظر، كما ان قضاء الادارية العليا الذي استقر على امكانية مراجعة كافة القرارات المخالفة للقانون حتى لو كانت قضائية مكتسبة للدرجة القطعية هو قضاء مخالف لمبدأ حجية الاحكام التي نصت عليها المواد (105) و(106) من قانون الاثبات النافذ وتؤدي الى عدم استقرار المراكز القانونية .
ان العبرة باعتبار الحكم القضائي مكتسب الدرجة القطعية هو بتاريخ تصديقه من محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية، ولم يتضمن كلا قراري محكمة القضاء الاداري والمحكمة الادارية العليا الاشارة الى تاريخ مصادقة قرار محكمة البداءة تمييزاً من محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية.
لما تقدم نجد ان قرار محكمة القضاء الاداري بالغاء قرار هيئة الطعن المتضمن عدم شمول المدعي بقانون مؤسسة السجناء صحيح موافق للقانون، اذا ان اتجاه المحكمة الادارية العليا بالتوسع في تفسير المادة (11) من قانون التعديل الاول لقانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (35) لسنة 2013 لتشمل اعادة النظر بالقرارات القضائية المكتسبة الدرجة القطعية فيه مساس بمبدأ حجية الاحكام ومساس بمبدأ استقرار المراكز القانونية، كما انه مخالف لنصوص قانون التنفيذ، لذا ندعو المحكمة الادارية العليا الى العدول عن هذا الاتجاه لاسباب المتقدمة… والله الموفق .
اضف تعليق