يرى الكثير من الخبراء والمراقبين ان ايران ومن خلال تدخلاتها المباشرة وغير المباشرة، في بعض القضايا والملفات المهمة استطاعت ان تثبت وجودها ودورها الاقليمي البارز والكبير الذي اجبر العديد من الدول الى اعادة النظر بسياساتها وعلاقاتها السابقة مع ايران التي تعد اليوم وبسبب قوتها العسكرية الضخمة، لاعبا اساسيا في العديد من الملفات المهمة والحساسة في منطقة الشرق الاوسط، وخصوصا تلك التي تتعلق بالقضايا الامنية ومنها الملف الحرب في سوريا الذي شهد في الفترة الاخيرة تحولاً جذريًّا في الموقف الإيراني الداعم لحكومة الاسد، باعتباره أحد أهم الحلفاء في المنطقة وهو ما اسهم بتغير موازين الحرب في سوريا، خصوصا بعد التدخل العسكري الروسي الاخير الذي اعطى ايران مساحة اوسع لتحرك، استطاعت من خلاله رسم خارطة جديدة لمجريات الاحداث، التي كانت سببا في تغير مواقف بعض الدول الغربية بخصوص التحركات الايرانية.
وفيما يخص اخر التطورات والاحداث التي تتعلق بدور ايران في سوريا فقد اعلن نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان، بحسب ما نقل عنه موقع التلفزيون الرسمي الايراني، ان ايران ستعزز وجود مستشاريها العسكريين في سوريا لمساعدة دمشق في حربها ضد "الارهاب". وقال المسؤول الايراني "لدينا مستشارون عسكريون في العراق وسوريا بناء على طلب حكومتي هذين البلدين (...) سنعزز مساعدتنا لسوريا في مجال الاستشارة لمواجهة الارهاب".
من جانب اخر أعربت إيران عن استعدادها لدراسة أي طلب من سوريا لإرسال مقاتلين. وقال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى إن بلاده قدمت أسلحة ومستشارين عسكريين لكل من سوريا والعراق. وكانت مصادر عسكرية سورية تحدثت عن وصول آلاف المقاتلين الإيرانيين خلال الأيام الأخيرة إلى سوريا.
وقال بروجردي خلال مؤتمر صحافي ردا على سؤال حول دعم إيراني جديد يتضمن إرسال مقاتلين، "عندما يكون ذلك عبارة عن طلب من سوريا فإننا سندرسه ونتخذ القرار، ونحن جادون في التصدي للإرهاب". وأضاف "قدمنا مساعدات من أسلحة ومستشارين لكلا البلدين، سوريا والعراق، وطبعا أي طلب آخر (منهما) ستتم دراسته في إيران". وأكد بروجردي أن "العمليات العسكرية" الدائرة حاليا في سوريا تعتبر "داعمة للحل السياسي والسلام"، في إشارة إلى الحملة الجوية الروسية منذ 30 أيلول/ سبتمبر. بحسب فرانس برس.
واعتبر بروجردي أن التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في سوريا "فشل بالرغم من التكاليف الباهظة من مليارات الدولارات". والتقى بروجردي الرئيس السوري بشار الأسد، وأكد أن زيارته تأتي "لإعلان الدعم مرة أخرى من حكومة إيران إلى الحكومة السورية التي تقف في الصف الأول للمقاومة". وخلال زيارته أيضا التقى بروجردي كل من وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومدير مكتب الأمن الوطني علي مملوك. وكانت مصادر عسكرية سورية تحدثت عن وصول آلاف المقاتلين الإيرانيين خلال الأيام الأخيرة إلى مطار حميميم العسكري في جنوب مدينة اللاذقية (غرب).
كما نقلت وكالة ايسنا للانباء عن عبداللهيان قوله انه ليس هناك "مقاتلون لايران" على الارض. وكان مسؤول اميركي اعلن ان نحو 2000 ايراني او مقاتلين مدعومين من ايران يشاركون في المعارك قرب حلب في شمال سوريا مع قوات النظام بالتنسيق مع القوات الروسية. وكانت ايران اعلنت تأييدها للعملية العسكرية الروسية في سوريا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الاسد ضد المجموعات المعارضة. كما تقدم ايران مساعدات مالية وعسكرية الى القوات السورية.
الحرس الثوري ضد داعش
من جانب اخر اعلنت وسائل اعلام ايرانية مقتل اثنين من قادة الحرس الثوري الايراني احدهما جنرال خلال معارك مع تنظيم داعش في سوريا. وكتب مراسل للتلفزيون الرسمي الايراني في سوريا على صفحته على انستغرام، ان القائدين هما الجنرال فرشاد حسوني زاده وحميد مختار بند. واضاف المراسل ان القائدين ينتميان الى الحرس الثوري الايراني.
ومختار بند، الذي لم تذكر رتبته العسكرية، كان قائد لواء في مدينة الاهواز في جنوب ايران. وفي حال تأكد الخبر، فسيكونان قتلا في الاسبوع نفسه الذي قتل فيه الجنرال الايراني حسين همداني في مدينة حلب السورية. واعلن مسؤول ايراني خلال تشييعه ان همداني شارك في "80 عملية" في سوريا. وبحسب بيان اصدره الحرس الثوري الايراني فإن الجنرال همداني قتل بايدي ارهابيين من داعش" وانه "لعب دورا مهما (...) لتعزيز جبهة المقاومة الاسلامية في الحرب ضد الارهابيين".
بدوره، اكد المتحدث باسم الحرس الثوري الايراني الجنرال رمضان شريف ان همداني كان "خلال السنوات الاربع الماضية واحدا من المستشارين العسكريين الاكثر تأثيرا وكان دوره حاسما" في النزاع، وفقا للتلفزيون الرسمي. ويشارك عناصر من الحرس الثوري في سوريا الى جانب مقاتلي حزب الله اللبناني المدعومين من طهران. ويزور قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني سوريا والعراق بانتظام. من جهة اخرى، وجه رضائي انتقادا قاسيا للسعودية قائلا "اذا حققت السعودية والتكفيريون نصرا في سوريا والعراق واليمن، فإن العالم الاسلامي سيعود خمسة قرون الى الوراء". بحسب فرانس برس.
الى جانب ذلك ذكرت وكالات أنباء إيرانية أن إيران تسعى لاستعادة جثمان ضابط كبير في الحرس الثوري الإيراني قتل في ابريل نيسان بجنوب سوريا. وقالت وكالة تسنيم للأنباء التي تربطها صلات بالحرس الثوري الإيراني إن هادي كجباف وهو ضابط برتبة ميجر جنرال في الحرس قتل قرب بلدة بصر الحرير التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة والواقعة على بعد نحو مئة كيلومتر إلى الجنوب من دمشق.
وقالت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء إن ثلاثة إيرانيين آخرين قتلوا مع كجباف بينهم رجل دين شيعي. وكان كجباف أعلى الضباط رتبة في القوات المسلحة الإيرانية أي أنه أعلى رتبة من ضابط برتبة بريجادير جنرال في الحرس الثوري قتل في يناير كانون الثاني بصاروخ إسرائيلي سقط في أراض سورية قرب هضبة الجولان المحتلة كما قتل الصاروخ عددا من مقاتلي حزب الله. وقال سجاد كجباف ابن القائد القتيل لتسنيم إن الجثمان كان من المقرر أن ينقل جوا إلى إيران بعد أن تأخر يوما. ولم يتضح كيف استطاعت إيران استرداد الجثمان الذي استولى عليه مقاتلو المعارضة بعد مقتل كجباف.
تغير المواقف
في السياق ذاته ناقشت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني مع مسؤولين ايرانيين سبل انهاء الحرب في سوريا ومحاربة تنظيم داعش، وفق بيان. وفي محادثات على اعلى مستوى منذ زيارة موغيريني لطهران في تموز/يوليو بعد التوقيع على الاتفاق النووي بين ايران والقوى الكبرى التقت وزيرة الخارجية الاوروبية في بروكسل مع نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان اعقبتها مباحثات بين كبار المسؤولين.
وافاد البيان الصادر عن الاتحاد الاوروبي ان الجانبين اتفقا على ان "مسارا سياسيا بمشاركة كافة الاطراف وحده كفيل بضمان استقرار الوضع في النزاع في سوريا ولهذا الغرض من المطلوب ان يبذل كل الفاعلين الاقليميين والدوليين جهدا مشتركا". واضاف انه تم كذلك القاء الضوء على "الوضع الانساني الصعب". واكدت موغيريني ووزراء خارجية الاتحاد الاوروبي انه لا ينبغي ان يكون للاسد دورا في مستقبل سوريا ولكنهم دعوا الى عملية انتقالية شاملة وصولا الى تشكيل حكومة يمكن ان تضم ممثلين عن النظام.
على صعيد متصل اعرب وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير عن الامل في ان تستخدم ايران نفوذها للضغط على الرئيس السوري بشار الاسد للسماح بانشاء ممر انساني وحظر استخدام البراميل المتفجرة في النزاع المستمر منذ عام 2011. وقال شتاينماير الذي وصل الى طهران في زيارة رسمية هي الاولى لوزير خارجية الماني الى هذا البلد منذ 12 عاما، "آمل ان تستخدم ايران نفوذها في المنطقة وبالطبع على الاسد ونظامه بحيث يتسنى لنا القيام بالخطوات الاولى لتهدئة الاوضاع".
واوضح ان من بين هذه الخطوات "سماح النظام السوري بإنشاء ممر انساني الى سوريا وبوصول الامدادات الى السكان" بالاضافة الى التزامه بحظر استخدام البراميل المتفجرة. واضاف "هاتان هما الخطوتان الضروريتان وامل الحصول على مساعدة ايران ودعمها". وتقدر الامم المتحدة وجود اكثر من 12 مليون شخص في سوريا بحاجة ماسة الى المساعدات الانسانية، وفق ما اعلن مسؤول المساعدات الانسانية في المنظمة ستيفن اوبريان ، مضيفا ان الامم المتحدة تبذل كل جهدها لتحديد طرق امنة لايصال المساعدات الى المحتاجين. بحسب فرانس برس.
وتنفي الحكومة السورية استخدام قواته للبراميل المتفجرة، وهي عبارة عن براميل واسطوانات محشوة بالمتفجرات والمواد المعدنية ولا يمكن التحكم بدقة باهدافها. واكد شتاينماير على ان "وقف الحرب في سوريا من مصلحة الجميع"، معتبرا انه بامكان ايران القيام بـدور "بناء" في هذا الصدد. واعلن شتاينماير الذي يزور ايران في اطار جولة في المنطقة تشمل السعودية والاردن في كلمة امام البرلمان الالماني انه سيزور ايران والسعودية على امل "المساعدة في اقامة جسور لجمع الشركاء الاقليميين حول طاولة واحدة" لحل النزاع السوري. وكانت المانيا واحدة من الدول الكبرى التي وقعت الاتفاق النووي مع ايران. وفي نهاية تموز/يوليو زار نائب المستشارة الالمانية وزير الاقتصاد سيغمار غابرييل ايران في اول زيارة من نوعها لمسؤول غربي.
إشراك إيران في البحث عن حل سياسي للصراع السوري
من جانب اخر كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية وكما نقلت بعض المصادر في وقت سابق "إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يسعى إلى إشراك إيران في البحث عن حل سياسي للصراع الدائر حالياً في سوريا. وكان كيري أنه يرى فرصة كبيرة لعدد من الدول أن تقوم بدور هام مؤكداً ضرورة تحقيق السلام وإيجاد حل للوضع في سوريا واليمن والمنطقة نفسها.
ولفتت الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما منعت إيران عام 2014 من المشاركة في مؤتمر السلام الخاص بسوريا في مونترو بسويسرا بسبب الدور الذي يضطلع به فيلق القدس الإيراني في الصراع الدائر في سوريا وأن المسؤولين الإيرانيين لم يقبلوا بضرورة أن يكون هدف المؤتمر هو تشكيل إدارة انتقالية في سوريا بموافقة مشتركة من المعارضة والحكومة السورية.
وذكرت الصحيفة بإصرار كيري على سحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعوته لإيران لحضور المؤتمر حول سوريا في سويسرا، واعتبر كيري آنذاك أن إيران تعتبر طرفاً رئيسياً في التداعيات غير المواتية التي تشهدها سوريا. ولفتت الصحيفة إلى أن كيري غير وجهة نظره بعد التطورات التي طرأت على ميادين القتال في العراق، فبعدما حقق تنظيم داعش مكاسب في سوريا وموجة المهاجرين المتدفقة نحو أوروبا والتعزيزات العسكرية الروسية. وكان قد بحث المسؤولون الأميركيون الأزمة السورية مع الإيرانيين على هامش المباحثات الخاصة بالاتفاق النووي الإيراني في وقت سابق.
اضف تعليق