القضاء على المشاريع الوهمية خطوة مهمة نحو القضاء على الفساد المالي والإداري المستشري في جميع مؤسسات الدولة، ويمكن ان ينتهي الى نتيجة مرضية عبر تحويل الأموال المُعادة وتخصيصها الى مشاريع أكثر إنتاجية تسهم في تشغيل الأيدي العاملة، وتخليص البلاد من هذه المشكلة التي اقتربت من تحولها الى ظاهرة...
بحسب تصريحات العضو السابق بلجنة الخدمات النيابية، جاسم البخاتي، فان عدد المشاريع الوهمية في العراق منذ سنة 2003 وحتى 2019، زاد عن ستة آلاف مشروع، وأن المبالغ التي تكبّدها العراق بسبب ذلك تبلغ قرابة 200 تريليون دينار عراقي، أي نحو 178 مليار دولار.
فيما قدر الخبير في شؤون الفساد، محمد رحيم، نسبة الأموال المهدورة على المشاريع الوهمية بين 25 في المئة و45 في المئة من الموازنة العامة للدولة.
المشروعات الوهمية تندرج ضمن لائحة كبيرة من الخروقات التي تسببت بمعاناة العراق كثيرا بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، اذ أدت تلك المشروعات الى فقدان مبالغ طائلة لا يمكن حصرها برقم معين وكل ما يذكر بهذا الخصوص يبقى غير دقيق؛ نتيجة استيلاء اللجان الاقتصادية التابعة للأحزاب السياسية الحاكمة على بعض المشاريع دون إكمال تلك المشاريع.
وحدد ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، في تقاريرهما، وجود مشاريع متلكئة، أضرت بإمكانيات الدولة العراقية وساهمت في خسائر مالية للبلاد، اذ تأتي المشاريع الوهمية في مقدمة أبواب الصرف التي نُفق لأجلها الكثير ولكن لا يوجد لها أثر على الأرض.
ارتفعت نسبة المشروعات الوهمية خصوصا في السنوات التي اعقبت التغيير، لجملة من العوامل، أبرزها ان العراق كان بمثابة الارض الجرداء من ناحية البنى التحتية بما فيها المشروعات الصحية والتعليمية وغيرها، وكل ما يقدم من دراسة لإنشاء مشروع معين يحصل على الموافقات دون معرفة الجدوى الاقتصادية والمنفعة الاجتماعية التي يقدمها.
فكثرت المخططات والمشروعات ذات البعد المؤقت والرؤية العاجلة التي لا تنم عن وعي مدعوم بأدلة منطقية يمتلكه صاحب القرار، وقد احيلت هذه المشروعات الى الشركات المنفذة على امل الشروع بالتنفيذ، ومع وجود الفجوة الكبيرة بين المخطط غير المتناسق مع الواقع من حيث الموقع والمواصفات المطلوبة فيه وكذلك فقدان المراقب لمراحل التنفيذ.
لم تنفذ اغلب المشروعات المحالة بهذه الطريقة، على الرغم من وجود التخصيصات المالية، بقيت حبر على ورق لم تخرج من نفق المخططات الورقية لتر النور على الفضاء الواقعي، حيث استمر الحال يسير بهذه الشاكلة دون أي خطوات او إجراءات حكومية لمكافحة هذه الحالات التي اقتربت من تحولها ظاهرة من الظواهر الجديدة في عراق ما بعد التغيير.
وكانت رئيسة هيئة الاستثمار سهى النجار قد تحدثت في وقت سابق عن استعادة أكثر من 400 ألف دونم من أراضي الدولة كانت محجوزة تحت مظلة المشاريع الاستثمارية الوهمية وغير المنجزة، التي تقدر بقيمة 90 تريليون دينار (أي ما يعادل 62 مليار دولار).
حجز الأراضي لهذه الأغراض هو جزء كبير من الإخفاقات الحكومية في هذا المجال، وعليه انتشرت هذه الفكرة وانتهى المطاف بأخذ المواقع الحساسة والمهمة في المدن والعاصمة بغداد وبالنتيجة استثمارها من قبل المتنفذين وتحوليها الى مشروعات خاصة تعود بالمنفعة الشخصية لاصحاب رؤوس الأموال واللاعبين في الوسط السياسي.
وللخبير الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان، رأي آخر اذ يقول إن المشاريع الوهمية حصلت لأسباب متعددة، منها الفساد المستشري في البلاد، والجهل بقضايا الاستثمار وقلة الخبرة، مضيفا أن هيئة الاستثمار حذفت أكثر من ألف مشروع وهمي قبل عدة أشهر.
وأكد عطوان أن وزارة التخطيط أقرت بوجود ستة آلاف مشروع أخذت أموالا من الدولة ولم تُنفذ، مشيرا إلى أن تأسيس منصة خطابات الضمان هو العامل المهم في الحد من المشاريع الوهمية، لأن الشركات التي تقدم تحتاج إلى خطاب ضمان من قبل المصارف مما أصبح صعب الحصول عليه إلا بعد موافقة البنك المركزي.
القضاء على المشاريع الوهمية خطوة مهمة نحو القضاء على الفساد المالي والإداري المستشري في جميع مؤسسات الدولة، ويمكن ان ينتهي الى نتيجة مرضية عبر تحويل الأموال المُعادة وتخصيصها الى مشاريع أكثر إنتاجية تسهم في تشغيل الأيدي العاملة، وتخليص البلاد من هذه المشكلة التي اقتربت من تحولها الى ظاهرة.
اضف تعليق