عاشت مدينة كربلاء في السنوات الأربعة الأخيرة عصر السرعة الاعمارية، ويلحظ ذلك بسهولة سكانها او قاصديها من المحافظات، لكن ثمة إشكالية تدور حول هذا النوع من الاعصار من الاعمار، وهي انخفاض جودته وبانت عيوبه بعد أشهر قليلة من افتتاح اغلب مشروعاته...
عاشت مدينة كربلاء في السنوات الأربعة الأخيرة عصر السرعة الاعمارية، ويلحظ ذلك بسهولة سكانها او قاصديها من المحافظات، لكن ثمة إشكالية تدور حول هذا النوع من الاعصار من الاعمار، وهي انخفاض جودته وبانت عيوبه بعد أشهر قليلة من افتتاح اغلب مشروعاته.
من لا يرغب بالتدقيق عن ماهية هذه المشروعات وجودتها يشعر بشعور مختلف عمن يدقق ويسعى لمعرفة مدى جودة ومقاومة هذه الإنجازات، فالنوع الأول (من لا يدقق)، يتفاخر امام اصدقاءه من المحافظات بحجم الاعمار الذي تشهده مدينته، وتخرج فرحته عن إطار الاعجاب الذاتي الى الفضاء الالكتروني عبر النشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد النشر يحصد مزيدا من الإعجابات والتعليقات التي تنقسم بين امنيات بأن تصل مدن المعلقين الى هذا المستوى من الاعمار والجمالية، وتعليقات أخرى مثقلة بعبارات المديح والثناء على صاحب الإنجاز العظيم الذي لم يسبقه أحد في تحقيقه، وانه الوحيد الذي لامس رغبات مئات الآلاف من المواطنين وحقق احلامهم المؤجلة.
النوع المتقدم ذكره من الجمهور هو من يسعى المتصدي للسلطة التنفيذية سواء في كربلاء او غيرها من المحافظات الى إقناعه او السيطرة عليه ليكون دعاية مجانية او مقابل ثمن بخس مقارنة بالأموال المصروفة على هذه المشاريع ذات الجودة المنخفضة.
اما النوع الآخر من الجمهور وهو الذي لديه فضول واسع لمعرفة العمر الافتراضي لهذه المشروعات (من يدقق)، اذ يشكل هذا النوع عائق من العوائق الفعلية التي تواجه المسؤولين الراغبين بالقفز والوصول الى اعلى المراتب وديمومة هذه المناصب عبر الإنجازات الوهمية.
وبإمكان أي مواطن معرفة الخلل الذي يرافق عمليات التنفيذ من خلال السير في الطرقات وملاحظة التشققات التي أصيبت فيها شبكة الطرق المنجزة مؤخرا، وهكذا الحال بالنسبة للبنايات الحكومية المحالة الى مقاولين معينين، وحرمان البعض الآخر لأسباب لا مجال لذكرها في المقال الحالي.
يقول مختصون في المجال العمراني ان اغلب المشروعات المنفذة على عُجالة لا يتجاوز عمرها الافتراضي سنة او سنتين، مع العلم ان حجم الانفاق عليها يفترض ان يجعل مواصفاتها الانشائية مرتفعة وعمرها الافتراضي يمتد لعقود من الزمن كما هو الحال بالنسبة لكثير من الأبنية تعود بأزمانها الى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
انخفاض الجودة لكثير من المشروعات يُعجل بعملية إعادة التأهيل التي تعد في الوقت الحالي بابا من أبواب الصرف غير المشروع، اذ تتخذه الجهات المعنية بهذه المرحلة منفذ لهدر المال العام وضياع المليارات بتأهيل هو بالأساس يندرج ضمن الصفقات المشبوهة.
الشواهد على هذه الحالة كثيرة ومعظمها يمكن حصره في المنجزات الأخيرة التي اريد لها ان تحسب لحكومة او جهة معينة، وآخر الأمثلة التي يمكن التطرق اليها افتتاح مجسر قضاء الهندية الذي لم يتجاوز العمل فيه شعور معدودة، مع إمكانية تسجيل ملاحظات حول الجوانب الفنية والجمالية.
من الغريب ان يفتتح مجسر في عام 2023 في ظل ما توصل اليه العالم من تطور في المجال العمراني، لكنه يخلو من ارصفة للمشاة او أماكن استراحة كما تفعل الكثير من الدول التي حباها الله بوجود انهار تشق مدنها، فعامل السرعة في الإنجاز وقصور الرؤية العمرانية هي من أدت الى هذه النتيجة المخيبة.
اضف تعليق