يوماً بعد آخر تتعقد العملية التربوية الأسرية أمام الآباء والأمهات بدخول طرف ثالث يعبث بالأولويات والتوقيتات والممنوعات التي يحرص الوالدان على اتباعها وبرمجتها في ذهن ولدهما الصغير لكي يربيانه وفق المنهج القويم. هذا الطرف العابث هو شبكة النت العالمية وعبر أي من أدواتها سواءً كان (الموبايل) أو (اللابتوب)...
كيف أثرت التكنولوجيا على سلوكيات الاطفال والمراهقين؟
ما هي المعالجات التربوية الجوهرية التي تتناسب مع حجم التحديات التكنولوجية؟
يوماً بعد آخر تتعقد العملية التربوية الأسرية أمام الآباء والأمهات بدخول طرف ثالث يعبث بالأولويات والتوقيتات والممنوعات التي يحرص الوالدان على اتباعها وبرمجتها في ذهن ولدهما الصغير لكي يربيانه وفق المنهج القويم.
هذا الطرف العابث هو شبكة النت العالمية وعبر أي من أدواتها سواءً كان (الموبايل) أو (اللابتوب) أو (التاب) أو الشاشة المتصلة بها - أعني شبكة النت العالمية.
المشكلة الحقيقية والتحدي الأكبر هو في تداخل ثلاث حلقات مع بعضها وصعوبة تفكيك هذا التداخل:
الاولى: إن هذا العابث عابث ومنظِّم وضارٌّ ونافع ومخرِّبٌ وبانٍ في آن فإبعاد هذه الأجهزة عن أطفالهم يعني كمن لا يُعلّم ابنه القراءة والكتابة فالحاسوب الآلي اليوم هو لغة العصر وبوابة المعرفة والف باء التعليم تبدأ منه وتنتهي إليه.
الحلقة الثانية: إن عالم الحاسوب بكل أشكاله متلازم مع شبكة النت العالمية فلا تستغني الاسرة عن الاتصال بها ابداً فكل الأعمال باتت اليوم مقيدة بالنت، فالاتصال بالتاكسي وحجز مواعيد المعالجة والتسوق وحجز الفنادق ومعرفة الاخبار والانواء الجوية ودلالة الطرق وحجز الطيران والاتصال بالأهل، كل تلك المهام الحياتية اليومية لا تتحقق من دون الاتصال بالشبكة، حتى باتت تلك الأجهزة من دون نت كأنها أحجار خاوية لا تفي بالكثير الكثير من أغراضها.
الحلقة الثالثة: وأعظم من ذلك كله أن هذه الشبكة ليس لها قيود عالمية أو أطر أخلاقية أو بروتوكول أممي يضع الحدود والقيود، النت مساحة مفتوحة على كل ما خطر وما لم يخطر ببال بشر وفي كل اتجاه، جنس، عنف، اديان، معارف، فن، رياضة، وغير ذلك الكثير والوصول الى هذا كله كان بضغطة زر ثم تحول الى اللمس والان على بصمة العين أو بصمة الصوت فتنتقل من حيث ترغب او لا ترغب بقصد او بدون قصد في ذلك العالم المتلاطم من الاضداد من القبح والجمال والعفة والاباحية والغث والسمين، كل هذا يقع بيد طفلك وانت تريد إلهائه بشيء من افلام الكارتون أو نشيد من اناشيد الاطفال مثلاً واذا بمقطع اعلاني تلقائي أو لمس غير مقصود ينقل عيون هذا الطفل البريء الى عالم آخر لا يلائم عمره وادراكه.
من هنا تعقدت مهمة التربية فالتحدي التكنولوجي اليوم هو إنه الشريك الأكبر في التربية، لكنه شريك يحتاج الى مربٍّ نبهٍ فطِن، لا تغمض عينه ولا تأخذه الغفلة ببيت حذراً ويصبح يقظاً يمنع عبث هذا الشريك ويحوله الى معين في عملية التربية.
الحكومات اليوم مطالبة بان تخفف من هذا العبء على الاباء والامهات عبر الطرق التالية:
الأول: حجب المواقع التي تسيء الى اطفالنا بل وكبارنا بأساليب تكنولوجية متقدمة.
الثاني: السعي وبجدية الى تأسيس شبكات نت وطنية ما أمكن ذلك.
الثالث: تشجيع المواقع المحلية ذات المحتوى التربوي ودعمها مادياً ومعنوياً.
اضف تعليق