الحلم الذي يراود اغلب الافراد في العراق، هو امتلاك منزل يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء، ويجعلهم يشعرون بالأمان الاجتماعي، لكن ربما هذا الحلم يبقى قيد التحقق، طالما بقيت هذه الإجراءات متبعة في التعامل من قبل الحكومة والمستثمرين معا، والخاسر الوحيد في هذه المعادلة هو الفرد المراقب لحل يلوح في الأفق...
من الاستثمارات الرائجة في السنوات الأخيرة هي تشييد المجمعات السكنية في جميع مناطق البلاد، لكنها تكثر في المدن ذات الأهمية الدينية والاقتصادية، وفي كل الأحوال فأن هذا الاستثمار يكون الشبح المخيف الذي يهاجم الفقراء ويمنعهم من الاستقرار في احدى الوحدات السكنية.
تسمح الحكومات المحلية لاصحاب الأموال بالاستثمار في مجال العقارات التي تعتبر من أكثر المجالات ربحا مقارنة بغيرها من المشروعات، وإذ أردنا الحديث بلغة الأرقام فأن الوحدة السكنية وفق ما معروض ويروج لها من قبل المستثمرين، تتجاوز الثلاث مئة مليون دينار عراقي.
هذا الرقم ربما يعتبر من الأرقام البسيطة بالنسبة لرجال الاعمال وأصحاب المصالح ذات الأرباح العالية، فنجدهم يُقدمون على شراء وحدتين او ثلاثة في آن واحد، وهذه نتيجة طبيعية لمن تتكدس لديهم الأموال سواء على المستوى الشعبي او المسؤولين السياسيين.
لكنه ربما لم يتصوره المواطن، (مبلغ الوحدة السكنية)، من الطبقة الوسطى حتى في المنام، ذلك ان مبلغ ثلاث مئة مليون تحتاج مدة 25 سنة لتوفيرها، هذا افترضنا الموظف او المنتسب للقوات الأمنية يتمكن من عزل مبلغ مليون دينار من مرتبه شهريا، وهذا يعتبر من الأمور المستحيلة.
يصعب جمع هذا المبلغ كونه قريب من الراتب الكلي لأغلب الموظفين وغيرهم من الشرائح، وبالنتيجة فهو لا يكفي لتغطية مصاريف باقي الشهر، ولو افترضنا تتمكن الاسرة المتكونة من موظفين توفير نصف المبلغ أي خمسمئة ألف دينار شهريا فهي تحتاج الى 50 سنة لتتمكن من شراء وحدة سكنية في احدى المجمعات!
هذه الصعوبة والتحديات هي الموانع التي تواجه الموظف او الاسر متوسطة الدخل وتمنعهم من امتلاك منزل العمر، وهي من دفعتهم الى قضاء حياتهم رهينة الإيجار الذي يمتص أموالهم دون فائدة، مع ما يشكله هذا الامر من قلق متواصل لدى الاسرة التي تتوقع مع نهاية كل شهر تبدأ بآخر في منزل جديد.
فكرة بناء المجمعات السكنية انبثقت في الأساس كنوع من المساعدات الحكومية للمواطنين الذين لا يستطيعون التوجه الى القطع السكنية وبناءها مع موجات الارتفاع المستمرة في الأسعار، الى جانب غلاء مواد البناء.
ومن الفجوات والثغرات التي وقعت بها الحكومة العراقية وكذلك المحلية هي منح المستثمر قطعة الأرض والاجازات الاستثمارية وغيرها من التسهيلات التي تميزه عن غيره من أصحاب رؤوس الأموال، وفي النتيجة يسلط الأخير سيفه على رقاب المواطنين ويذبحهم بالأسعار غير المعقولة.
الحكومة ان ارادت الوقوف الى جانب المواطن فعليها تحديد المستثمر بسقف مادي لا يمكن تجاوزه بما يشكل ضغط إضافي على المستفيد، مع وضع شروط غير تعجيزية لتسديد الأموال، ذلك من الصعوبة توفير عشرة آلاف دولار خلال ثلاث شهور يسبقها مقدمة تنهك المشتري الذي ينتمي الى الطبقة الوسطى.
كأن يكون تحديد قيمة القسط الشهري بشكل يراعي قيمة الراتب الشهري مثلما تفعل الحكومة عندما يقدم الموظف على قرض من المصارف الحكومية، اذ تعمل على وضع ضوابط لا يمكن اختراقها، تحدد قيمة الفائدة السنوية والقسط الشهري بما يبقي قدر من الراتب للعيش.
الحلم الذي يراود اغلب الافراد في العراق، هو امتلاك منزل يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء، ويجعلهم يشعرون بالأمان الاجتماعي، لكن ربما هذا الحلم يبقى قيد التحقق، طالما بقيت هذه الإجراءات متبعة في التعامل من قبل الحكومة والمستثمرين معا، والخاسر الوحيد في هذه المعادلة هو الفرد المراقب لحل يلوح في الأفق.
اضف تعليق