تحتاج مجتمعات التنوع الديني والطائفي والقومي الى ايجاد سقف وطني حقوقي يضم الجميع تحت ظله، يوفر للجماعات تساوي في الحقوق والواجبات، لا يمكن ان يتكامل السقف الوطني الا من خلال ايجاد منظومة حقوقية قانونية ودستورية تنظم العلاقة بين المجموعات الاجتماعية وايجاد قواعد شراكة عادلة للجميع...
تحتاج مجتمعات التنوع الديني والطائفي والقومي الى ايجاد سقف وطني حقوقي يضم الجميع تحت ظله، يوفر للجماعات تساوي في الحقوق والواجبات، لا يمكن ان يتكامل السقف الوطني الا من خلال ايجاد منظومة حقوقية قانونية ودستورية تنظم العلاقة بين المجموعات الاجتماعية وايجاد قواعد شراكة عادلة للجميع في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية.
ويمكن ان يتمظهر السقف الثقافي بايجاد منظمات ثقافية جامعة تؤسس لثقافة التسامح، تحترم التعدد والتنوع والايمان به وتعترف بوجوده من اجل ايجاد بيئة من الثقة المتبادلة، ويمكن ان تقوم المؤسسات الاعلامية والتربوية والثقافية بادوار كبيرة ومباشرة في هذا الاتجاه، والانفتاح على الواقع المجتمعي وعدم تجاهل وقائعه وحقائقه او تزييفها وفقا لنظرة بعض من يمارس التهميش والتجاهل.
وفي مجتمعات التعارف والتآلف لا نجد معنى او وجودا لمفهوم (الاقلية) اذ تتم مغادرته مع كل توابعه الاجتماعية والنفسية والسياسية ، وبالتالي يختفي الانفصال النفسي للفرد والمجموعة الاجتماعية.
وحين يختفي الاعتراف بالتنوع والتعدد وتسود ثقافة التعصب والتطرف، يظهر الاقصاء والتهميش والالغاء والتجاهل مفهوما وسلوكا وممارسة، وتبدأ بعض الجماعات القومية والدينية والطائفية بالشعور بالحاجة لستراتيجيات دفاعية ومطالبات حقوقية لشعورها بالخطر الداهم.
والعراق بوصفه احدى دول التنوع الديني والقومي، عاش ابناؤه لالاف السنين متجاورين متحابين، لم تستطع النزعات الشوفينية او التطرفية ان تفرقهم او تزرع العداء بين مكوناتهم.
الا ان بروز بعض التيارات والجماعات الداعية للكراهية والتطرف والعنف التي ظهرت بعد 2003 بشكل واسع، اوجد واقعا جديدا يحتاج الى مواجهة من شأنها توفير الضمانات للمستهدفين من بعض الجماعات الدينية والقومية.
وارتفعت الاصوات رافعة شعار (الاقلية في خطر)، بل ذهب البعض الى ابعد من هذا الى الاعلان عن ان (الاغلبية في خطر) والخطر الذي يهدد الاغلبية هو فقدانها لتلونها وتنوعها وهو ما يهدد الواقع العراقي في تعرض بعض الاثنيات الدينية للتهديد او التهجير والقتل.
حين يتعرض مسيحي او ايزيدي للخطر كان يكون تهميشا او اقصاء او حرمان من الحقوق، كل هذه الاخطار تهدد الاغلبية وليست تهديدا للاقلية فقط.. لان ما يجري وجرى تهديدا للسلم الاهلي، وهو جرح في ضمير الاغلبية التي ترتضي ظلم جزء منها وتتمسك بالصمت، وقد توالت الهجمات والتهديدات التي سعت للنيل من بعض المكونات الدينية العراقية كالشبك والايزيديين والمندائيين فضلا عن المسيحيين.
لهذا علينا ان نرفع شعار (اغلبية في خطر) لاهمية التنوع العراقي الذي يتعرض للالغاء والمسح من الوجود، والا كيف نتخيل عراقا دون مسيحيين او مندائيين وشبك وايزيديين وكاكائيين وبهائيين؟ فعراق الاعراق يزهو بفسيفسائه الجميل ولا يمكن ان يعيش بلون واحد.
استلاب والغاء التنوع من المجتمع العراقي هي عملية تسريع لتفكيكه وتشرذمه وفناء كيانه الموحد، لهذا رفع شعار أغلبية في خطر.
اضف تعليق