بغض النظر عن عودة التيار من عدمها، فإنه يتجه للسير في طريق تشكيل الرأي عبر الإعلام المؤثر، ليعيد إلى الواجهة فكرة المراقبة والمعارضة للأداء الحكومي بشكل عام، وبشكل أدق رصد أخطاء الإطار التنسيقي الشيعي وتوصيلها إلى الجمهور، إما بواسطة الصفحات الإعلامية التابعة للتيار الصدري، أو عبر قناة الشرقية...
كان التيار الصدري حاضراً وبقوة للتنديد بجريمة حرق القرآن الكريم من قبل لاجئ عراقي في مملكة السويد بتصريح رسمي من السلطات هناك، فقد استنكر زعيم التيار السيد مقتدى الصدر هذا الفعل غير المبرر، ودعا إلى تظاهرة احتجاجية استجاب لها اتباعه بسرعة كما هو متوقع.
اقتحموا سفارة السويد وتسببوا بهروب العاملين فيها.
بعد التظاهرة عاد المقرب من زعيم التيار المعروف بصالح محمد العراقي بتغريدة ينتقد بشدة القنوات الإعلامية التابعة لقوى الإطار التنسيقي الشيعي ووصفها بالمليشياوية لتخاذلها عن نقل التظاهرات المناصرة للقرآن الكريم، ملمحاً إلى أن هذه القنوات تأخذ أوامرها من دول أخرى.
وختم تغريدته بهاشتاك #شكراً_قناة_الشرقية
هذا الهاشتاك أثار حفيظة إعلام قوى الإطار التنسيقي الشيعي، فشنوا هجوماً مضاداً ضد قناة الشرقية يراد منها الربط بين أفعال مالكها ومؤسسها سعد البزاز والتيار الصدري، فالبزاز لديه فيديو يتحدث فيه عن تبنيه لفكرة التطبيع مع إسرائيل، وهذا الفيديو انتشر كالنار في الهشيم.
حرب مستعرة هي الأقوى منذ انسحاب نواب الصدر من البرلمان، تدور رحاها بين إعلام التيار الصدري من جهة، وإعلام الإطار التنسيقي من جهة أخرى.
هذا يقول له إنك لا تناصر القرآن، وذاك يتهمه بالتحالف مع المطبعين.
صحيح أن كل طرف أراد احتكار الولاء القرآني لنفسه، لكن المتابعين للشأن العراقي والصحافة العربية قرأته من زاوية مختلفة، فقد كتبت صحيفة العرب اللندنية عن الموضوع وعنونت المناشيت الرئيسي لغلافها "الصدر يصعد إلى الانتخابات المحلية على ظهر السويد"، في إشارة واضحة إلى أن التيار الصدري قد عاد بقوة إلى المشهد السياسي من بوابة الدفاع عن القرآن الكريم، حيث فشلت القنوات الإعلامية لقوى الإطار التنسيقي في تبني خطاب واضح ضد الجريمة التي تكررت للمرة الثانية من نفس الشخص خلال مدة قصيرة.
الصحيفة رأت أن التظاهرات الغاضبة واقتحام مبنى السفارة السويدية في بغداد شكل فرصة نادرة لاستعراض القوة ولحشد الأنصار تحت راية الدفاع عن القرآن الكريم، ولكن في الوقت نفسه، لأجل إعادة تنظيم قوى التيار استعدادا لخوض الانتخابات المحلية التي تتطلب مرشحين لاحتلال مقاعد في مجالس المحافظات، لاسيما وأنها بمثابة برلمانات محلية، وتمتلك سلطات مهمة في مراقبة أعمال الإدارات المحلية وإنفاق الأموال المخصصة للمحافظات والإشراف على تنفيذ المشاريع التي تتم فيها، فضلا عن إدارة السلطات الأمنية المحلية.
من الواضح أن قناة الشرقية اكتسبت زخماً كبيراً بعد اشادة التيار الصدري بها، وهو ما اتضح عبر التعليقات الإيجابية المرحبة من قبل العاملين فيها، كما أن أتباع التيار الصدري بدأوا يشاركون الفيديوهات والأخبار التي تنشرها القناة ما يعني أن الطرفين أصبحوا أكثر قرباً من بعضهما.
بالنتيجة هذا التقارب بين أكبر تيار شعبي سياسي وديني في العراق، وبين أكبر قناة تلفزيونية وأكثرها تأثيراً سوف تكون له آثار إيجابية على التيار الصدري بغض النظر عما إذا كان التيار يريد العودة لممارسة العمل السياسي أم لا.
فالمعروف أن التيار لا يملك عدد القنوات الإعلامية التي بحوزة الإطار التنسيقي، ومن ثم فإن الاقتراب من قناة إعلامية كبيرة ومؤثرة يمثل توازناً إعلامياً قد تتضح ملامحه بشكل أكبر خلال الأسابيع والشهور المقبلة.
بغض النظر عن عودة التيار من عدمها، فإنه يتجه للسير في طريق تشكيل الرأي عبر الإعلام المؤثر، ليعيد إلى الواجهة فكرة المراقبة والمعارضة للأداء الحكومي بشكل عام، وبشكل أدق رصد أخطاء الإطار التنسيقي الشيعي وتوصيلها إلى الجمهور، إما بواسطة الصفحات الإعلامية التابعة للتيار الصدري، أو عبر قناة الشرقية التي لا تمانع أن تكون إلى جانب التيار المعارض.
بعدها ستكون فكرة عودة التيار الصدري أكثر فاعلية كونها تقف على أرضية صلبة تجمع بين الإقناع الإعلامي، والتوجيه العقائدي.
اضف تعليق