q
يعتبر دور الدولة في زيادة انتاجية المجتمع أمرًا حيويًا لتحسين الاقتصاد والتنمية في البلاد. ولا ينفك هذا الحديث عن تقييم الوضع الاقتصادي العام في البلاد. وعراقيا يمكن رصد النقاط التالية: اقتصاد ريعي (النفط)، مجتمع استهلاكي، اندفاع طاغٍ نحو الوظيفة الحكومية غير الانتاجية، ضعف في القطاع الخاص...

يعتبر دور الدولة في زيادة انتاجية المجتمع أمرًا حيويًا لتحسين الاقتصاد والتنمية في البلاد. ولا ينفك هذا الحديث عن تقييم الوضع الاقتصادي العام في البلاد. وعراقيا يمكن رصد النقاط التالية: اقتصاد ريعي (النفط)، مجتمع استهلاكي، اندفاع طاغٍ نحو الوظيفة الحكومية غير الانتاجية، ضعف في القطاع الخاص، نسبة عالية في البطالة، غلبة النفقات التشغيلية (من ضمنها الرواتب) على النفقات الاستثمارية في موازنة الدولة، اعتماد البلاد على المواد المستوردة اكثر من اعتمادها على الانتاج الوطني (خاصة فيما يتعلق بسلع يمكن انتاجها محليا)، وبصورة عامة: ضعف انتاجية المجتمع في المجالات الزراعية والصناعية.

وهذا كله يندرج في عنوان عام هو: التخلف الاقتصادي، وهو احد مخرجات الخلل الحاد في المركب الحضاري للمجتمع العراقي ومنظومة القيم العليا الحافة بعناصره الخمسة: الانسان، الارض، الزمن، العلم، العمل.

وهذا ما يعاني منه العراق بصورة عامة، خاصة منذ الانزلاق الحاد نحو الاقتصاد الريعي بعد اعلان النظام الجمهوري وتحويل العائدات النفطية نحو النفقات التشغيلية للدولة.

في الحالات الطبيعية، حيث لا يوجد الخلل الحاد في المركب الحضاري تكون علاقة الانسان بالارض والدولة علاقة انتاجية قوامها حسن استثمار الموارد الطبيعية (العمل) في سياق زمني معطى، وبتوظيف العلم بدرجة عالية في النشاط الاقتصادي الانتاجي، مع ادارة علمية رشيدة للنشاط الاقتصادي تضمن تعظيم الانتاج واستثمار الثروات وعدالة التوزيع. وهذا كله ما نجده في نموذج الدولة الحضارية الحديثة.

لم تعمل الحكومات المتعاقبة في العراق، وبخاصة الحكومات التي تولت السلطة بعد نيسان عام ٢٠٠٣ على معالجة الخلل الحاد في المركب الحضاري سواء في جانبه الاقتصادي او السياسي او غيرهما لاسباب كثيرة لا تبرر هذا ومن اهم هذه الاسباب عدم دراية هذه الحكومات بطرق معالجة الخلل الحاد في المركب الحضاري، وعدم كفاءتها المعرفية لمعالجة هذا الخلل. وكان بامكان هذه الحكومات الاستفادة الحقيقية من الخبراء الاقتصاديين العراقيين او الاجانب لمساعدتها في رسم خارطة طريق تكفل تحقيق الاصلاح الاقتصادي ومعالجة الاختلالات الحادة التي يعاني منها الوضع الاقتصادي في البلاد.

واليوم، حيث يتطلع الجميع الى تحقيق الاصلاح الاقتصادي المنشود فان بامكان الحكومة القيام بما يلي:

اولا، وضع السياسات والاستراتيجيات الرئيسية لتطوير الاقتصاد المحلي والمجتمع باعتبارها الأساس لزيادة الإنتاجية. يساعد تحديد الأهداف الاقتصادية والاجتماعية على توجيه الاستثمارات والدعم المالي والتقني في المناطق ذات الأولوية.

ثانيا، التشريعات والتنظيمات: يمكن للدولة فرض المعايير والقواعد واللوائح والضوابط التي تنظم الإنتاجية وتضمن جودة المنتجات وسلامة العملاء. وتعتبر هذه القوانين واللوائح ضرورية في تحسين الإنتاجية وتحسين الجودة وزيادة كفاءة التصنيع.

ثالثا، تحسين البنية التحتية: يتم تعزيز الإنتاجية في البلاد بواسطة تحسين البنية التحتية الأساسية، وخاصة في ما يتعلق بالطاقة والمواصلات والاتصالات والمياه. وباستثمار كبير في هذه المجالات، يمكن للحكومة تحسين المناخ العام للأعمال وتشجيع المزيد من الاستثمارات.

رابعا، توفير الدعم المالي والتقني: يمكن للحكومة توفير دعم مالي وتقني للمشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة. ويمكن أن تسهم هذه الدعم في تحسين الإنتاجية وجودة المنتجات وتعزيز التصدير وتعظيم العوائد.

خامسا، تعزيز التعليم والتدريب: يمكن للحكومة دعم نظم التعليم والتدريب وتأمينها وتعزيزها لتصبح أفضل. ويمكن للحكومة دعم برامج التدريب المدرجة تحت عناوين الشباب والمهارات وبناء الأعمال الجديدة لتنمية المؤسسات الصغيرة، وتطوير و تدريب الموارد البشرية لزيادة كفاءة الإنتاج ورفع مستوى الخبرة الفنية.

سادسا، وضع سياسة لحماية المنتوج الوطني من المنافسة غير العادلة وبدون الاضرار بالتنوع السلعي في السوق المحلية، وبشكل متكامل، يمكن للدولة تنظيم الإنتاجية وتطوير الاقتصاد بطريقة مستدامة، بما يضمن ازدهار البلاد وتحسين المعيشة وتوفير فرص عمل وتنمية الاقتصاد.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق