ليس لدينا أي مؤشر على ارتفاع مستوى الجريمة في مدننا، مع علمنا أن معدلاتها تتصاعد طردياً مع إنخفاض مستوى المعيشة وتضرب الأزمات الاقتصادية اطنابها فوق بقعة ما في العالم، ومع تفاقم الوضع الاقتصادي والامني الخطير للعراق بانخفاض أسعار النفط وارتفاع نسبة الفقر واستشراء البطالة ؛ ليس لنا إلا الروايات التي نسمعها من هنا وهناك عن حالات السرقة بقوة السلاح والتسليب وسرقة السيارات وجرائم اخرى، أثارت إحداها الرغبة عندي في الكتابة عن الموضوع، جريمة بسيطة حدثت لعائلة في أحدى مناطق بغداد في وضح النهار عبارة عن سرقة تحت تهديد السلاح لعائلة تم سرقة كل ما قل وزنه من ذهب وهواتف وحواسيب محمولة وهي بسيطة لأنها لم تصل الى قبض ارواح ساكني المنزل، بسرعة خاطفة تمت كل شيء وانتهى وبهدوء تام ذهباً بكل ما تملكه الاسرة من مال.

العالم الهولندي وليم ادريان أستاذ علم النفس في جامعة امستردام يرى أن الظاهرة الإجرامية هي ظاهرة من الظواهر الإجتماعية التي ترتبط بعوامل اقتصادية معينة وبسبب الظلم الاجتماعي وغياب العدالة، فيما يرى عالم النفس الايطالي، سيزاري لومبروزو، ان الخصائص البايولوجية والعوامل الوراثية يمكنها أن تلعب دورا كبيرا في تغذية الروح الاجرامية اذا ما تضافرت معها عوامل بيئية واجتماعية اخرى يكتسبها المجرم بعد ولادته من محيطه.

وما أكثر المحبطات لدينا وما أشد المشاعر السلبية التي تتكور في داخلنا أحدنا لتعلن عنه ثائراً في مجتمعه فأما ثائراً بخواص سلبية ليرتكب الجرائم لغاية الحصول على حقه المسلوب في المجتمع من مسلوب آخر لايقل إحباطاً منه، أو ثائراً ايجابياً يتحدر الى سوح التظاهرات يعبر عن غضبه محولاً مشاعره السلبية الى ثورة مسالمة يطالب فيها بحقوقه عند عتبات جسور الحكومة، التي يجب أن توجه الاول بقوة تفوق قوته وتجاسره على حقوق الاخرين، وتواجه الثاني بما يتناسب وقابليتها على تنفيذ مطالبه.

في حزيران الماضي أقر البرلمان العراقي باتساع الجريمة في بغداد، جاء ذلك على لسان عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية موفق الربيعي لموقع "شفق نيوز" والذي اوضح فيه إن "عمليات الخطف والسطو المسلح والابتزاز تندرج ضمن الجريمة المنظمة وهي جرائم ليست ارهابية وتصاعدت بعد ان انتشر السلاح بين المدنيين وتأشير ضعف في اداء الاجهزة الامنية التابعة لوزارة الداخلية"، داعياً وزارة الداخلية الى "تشكيل خلية خاصة لمكافحة الجريمة المنظمة وملاحقة المتورطين واحالتهم الى القضاء".

أمن العوائل العراقية المسالمة يعتمد بشكل كامل على ما تقدمه وزارة الداخلية بمديرياتها كافة من عمل يساعدها على حفظ أمن تلك الاسر ولابد من ان تهيء كل مابوسعها بخطط استباقية لمواجهة الخطر المحدق لتنامي الجريمة عدداً ونوعاً، وان تحاول بخططها أن تعيد بناء جدار الأمن لتلك الاسر العراقية قبل أن تعصف به رياح الجريمة بأنواعها، وتنتظر منهم بذل المزيد من الجهد وإعادة بناء ستراتيجيتها وخطط مداولتها للمراقبة والتدريب المستمر وعمل مايسمى بالجرائم الافتراضية وتوفر أكثر السبل وقاية منها لتطوير قابلية ضباطها الابطال في الوقوف بوجه تلك الجرائم.

فالأزمة الاقتصادية التي تلقي بتأثيراتها على الواقع المالي للأسر وارتفاع مستويات الفقر والبطالة والتضخم كلها عوامل تؤسس لبيئة تتزايد فيها معدلات الجريمة وقد تصل الى مستويات عالية يصعب معها السيطرة عليها بسهولة ونحن نخوض حرباً تستنزف كل موارد البلد المحدودة.

الجهد اليومي المستمر والمنظم بالشكل الذي يقينا شر المجرمين ويحد من خطورتهم في العبث بالأمن الداخلي للبلد وتأثير هذا التهديد على الوضع العام وحتى على جبهات القتال. حفظ الله العراق.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق