إن احترام الوقت هو سلوك يتعلمه الانسان من محيطه العائلي أولا (الأسرة)، ثم من المحيط المدرسي ثم العملي، بمعنى هو سلوك جمعي يشكل طريقة حياة للفرد والمجتمع، فإذ لاحظنا فردا مهملا لا مباليا، لا يحترم الزمن ولا يعيره الاهتمام المطلوب، فإننا سنكتشف انه ينتسب الى مجتمع يحمل الطبائع نفسها...
توجد ظواهر تدعم تقدم الفرد والمجتمع، ويقابلها ظواهر تجعل الأفراد والجماعات تراوح في مكانها، أو تتراجع إلى الوراء، فيما ينطلق الآخرون سريعا إلى أما في ظل تنافس شديد يصل إلى حد الصدام، لكي يتقدم فلان على الآخر، أو تتقدم هذه الأمة على تلك.
من الظواهر التي تفتك بالمجتمعات المتأخرة، ظاهرة عدم احترام الوقت، وهي وليدة ظواهر فرعية عديدة منها وقد تكون أخطرها انتشار البطالة، وصولا الى انتاجية معدومة أو ضعيفة ومتردية في أفضل الاحوال!، فيما تحرص المجتمعات المتطورة على احترام الوقت، وتخطط بطريقة دقيقة وسليمة للاستفادة منه، وتتعامل معه كما تتعامل مع الثروة من حيث تنميتها أو هدرها وتنظر إلى الوقت على أنه رصيدها الأهم والأعظم.
إن الوقت والزمن باستمراريته الأبدية هو ثروتنا التي لا يصح أن نفرط بها، أو نهملها، أو نتعامل معها بغباء وجهل وتغاضي، فالعمر ليس زمنا مفتوحا الى الابد، بل هو انفاس محسوبة على الانسان، سيأتي يوم وتتوقف لتنتهي حياتنا، عند ذاك تظهر للجميع محصلة ما تركناه لمن يأتي بعدنا، ولا شك أن مجموع الناتج الفردي سوف يشكل الناتج الاجمالي للمجتمع.
هكذا نفهم أن فشل الفرد الواحد في التعامل السليم مع الوقت، هو ثغرة خطأ جوهري، تقود الى خلل في الانتاجية المجتمعية عموما، فقد كشفت كثير من الدراسات المتخصصة بقيمة العمل والانتاجية، خطورة اسلوب اللامبالاة في تعامل الافراد والمجتمع عموما مع الوقت، لذا من غير المسموح لمن يبتغي الارتقاء، أن يهدر الدقيقة الواحدة في غير مكانها.
الناجحون يحترمون الوقت
تؤكد الشواهد كلها على ان الافراد الناجحين، هم اولئك الذين يحترمون الوقت، وتؤكد الوقائع كلها على ان المجتمعات الراقية، هي تلك التي تحترم قيمة الزمن، وتعرف أن هدر الوقت هو بداية الانحدار والموت، لأن التفريط بالوقت يعني البطالة، وهذه تعني غياب الانتاجية والتجديد، والاخير هو عصب استمرارية الحياة.
فلا حياة مع الاستهتار في التعامل مع بالوقت، ولا تطور مع هدر ثروتنا الزمنية، وقد يتفق الجميع على المعادلة التي تقول، كلما احترمت الوقت كلما كنت الاقرب للنجاح والاقدر على التطور من غيرك، فردا كنت او جماعة او دولة، والعكس يصح بطبيعة الحال، لأن قتل الوقت وهدره مجانا، يعني الاقتراب من حافة اللا إنتاج، وهذا يعني الاقتراب من حافة الموت، وقد يتساءل بعضهم، هل تموت المجتمعات مثل الافراد؟
نعم تتعرض المجتمعات وحتى الدول الى الانهيار والموت، وتشير التجارب التاريخية الى اندثار مجتمعات ودول، نتيجة لعدم تمسكها بضوابط التطور وتجديد الحياة، فهناك اقوام معروفة استبدلتها اقوام اخرى، اكثر تمسكا واهتماما بالزمن، والتعامل معه بما يحقق النمو الطبيعي والتطور المتصاعد، علما أن البطالة والفراغ، ينتجان عن عدم التمسك بالقيمة الكبيرة للوقت، لهذا يمكننا أن نربط نجاح الفرد والمجتمع، بطريقة التعامل مع قيمة الزمن، وكيفية استثمار رأس المال الزمني بالطرائق الصحيحة.
إن احترام الوقت هو سلوك يتعلمه الانسان من محيطه العائلي أولا (الأسرة)، ثم من المحيط المدرسي ثم العملي، بمعنى هو سلوك جمعي يشكل طريقة حياة للفرد والمجتمع، فإذ لاحظنا فردا مهملا لا مباليا، لا يحترم الزمن ولا يعيره الاهتمام المطلوب، فإننا سنكتشف انه ينتسب الى مجتمع يحمل الطبائع نفسها.
خطوات تحفيزية لحماية الوقت
أي أن الفرد هو ناتج طبيعي للسلوك المجتمعي بدءًا من الأسرة، وهو ايضا يؤثر في خلق منظومة او منهج السلوك الجمعي، لذا ينبغي العمل على تحسين القيم واحترام الزمن بدءا من الفرد صعودا الى الأسرة والجماعة ثم المجتمع كله.
من الواضح أن هذا الهدف يتطلب جهدا كبيرا منظما من اجل نشر ثقافة احترام الوقت، لدرء خطر البطالة والفراغ معا، ولابد من وضع الخطوات العملية اللازمة لتحقيق النتائج المرجوة في هذا المضمار، حتى لو كان الامر مرسوما ومخططا له على المدى البعيد، فالقيم العظيمة تحتاج الى وقت كاف حتى تترسخ في المجتمع، وتنتشر بين الافراد، ونقترح هنا بعض الخطوات العملية التي قد تسهم في القضاء على البطالة وتحسين الانتاجية ومنها:
- البدء بنشر ثقافة احترام الزمن مع ولادة الطفل، وهذه مهمة المحيط العائلي.
- على المدرسة ان ترسخ هذه الثقافة، وتزرعها في شخصية التلميذ الصغير، وتعمل الشيء نفسه في جميع المراحل الدراسية اللاحقة.
- أن تقوم الجهات المعنية (الحكومية) اولا، على وضع البرامج والخطط الكفيلة بنشر هذه الطريقة من التعامل، في جميع مؤسساتها ودوائرها.
- أن تتحرك المنظمات المدنية في السياق نفسه، وتبذل جهدا موازيا للجهد الحكومي في هذا الاطار.
- أن تنشر الجهات المعنية يافطات وبوسترات ورقية وضوئية، في الشوارع والساحات والاماكن العامة، تحمل مضامين تشجع على احترام الوقت.
- أن تقام دورات تثقيفية منهجية ودورية لترسيخ ثقافة احترام الزمن.
اضف تعليق