لفظ ثقافة وماتولد منه من تركيبات مثل ثقافة حقوق الانسان والمواطن وثقافة الحوار، وحوار الثقافات او الحضارات، وصدام الحضارات والثقافات، والثقافة السياسية، الخ.. قد اخذ ينحو نحو الهيمنة والسيادة في الخطابات الأكثر تداولا عبر مجتمعات العالم المعاصر.. الثقافة مفردة معقدة على نحو استثنائي، فقد شاع ادعاء بانها المفردة...
لقد بدا لافتا هذا التركيز، غير المسبوق، على الثقافة في زمننا المعاصر؛ وهو ما حدا بأكاديميين -مُنتِجين- إلى توصيف العملية بـ"عودة الثقافة إلى مقدمة المشهد" خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وهي عودة في تزايد مستمرّ بالنظر إلى أدوار الثقافة ومجالات تدخّلها مقارنة مع السياسة والاقتصاد والاجتماع...
ان لفظ ((ثقافة)) وماتولد منه من تركيبات مثل (ثقافة حقوق الانسان والمواطن) وثقافة الحوار، وحوار الثقافات او الحضارات، وصدام الحضارات والثقافات، والثقافة السياسية، الخ.. قد اخذ ينحو نحو الهيمنة والسيادة في الخطابات الأكثر تداولا عبر مجتمعات العالم المعاصر..
الثقافة مفردة معقدة على نحو استثنائي، فقد شاع ادعاء بانها المفردة الثانية او الثالثة في ترتيب الكلمات الأكثر تعقيدا في اللغة الإنكليزية.. لكن يظل ثمة أربعة معان رئيسية يمكن اقرانها بمفردة الثقافة: قد تعني الثقافة
1- تراكما من العمل الذهني والفني
2- الصيرورة التي يحصل بها الارتقاء الروحاني والذهني
3- القيم، العادات، المعتقدات، والممارسات الرمزية التي يوظفها الرجال والنساء في الحياة
4- الطريقة الكلية المعتمدة في الحياة
تدل الثقافة في اللغة العربية من الناحية الاشتقاقية على الفطنة والذكاء، أي على ملكات الادراك والتمييز والحكم التي ينفصل بها الانسان، وهو كائن طبيعي بالأصالة، عن عناصر الكون الطبيعي، من حيوانات ونباتات وجمادات، أي من عجماوات بتعبير العرب القدامى، مكونا بذلك كونا اخر، هو كون الصناعة والابداع والخلق والابتكار والاكتساب والتهذيب والتطوير والتحسين..الخ، ومن ذلك قول العرب القدامى: ثقف الرمح اذا هذبها مقوما مابها من الاعوجاج (الفطري الطبيعي).. والمثقف هو من يقوم ذلك الاعوجاج الطبيعي بالة، سميت ثقافا..
عندما نحاول التفكير في مفهوم مجرد كمفهوم الثقافة، فنحن لا نستطيع التفكير فيه إلا من خلال مقابلته بمفاهيم أخرى تدخل معه في علاقات يكتسب منها معناه ودلالته، لا في حقلي اللغة والفكر فقط، بل في سياق الحياة الاجتماعية أيضا.
من تلك العلاقات الدالة علاقة الثقافة بالطبيعة والغريزة، وبالفطري والمكتسب، وعلاقتها بالحضارة والمدنية، وعلاقتها بالأيديولوجيا، وبالتنشئة الاجتماعية، بالهوية والأصل والتضامن والاختلاف والتباين والصراع...إلخ
إن صعوبة تحديد مفهوم الثقافة واستعصائه على التعريف يدل عليه بشكل دقيق إحصاء التعريفات التي قام بها كل من كلكهوهن وكروبر، حيث قام هذان الباحثان بإحصاء حوالي 160 تعريفا لكلمة ثقافة. غير أن أقرب الحدود التي وضعت للثقافة إلى الدقة والشمول هو التعريف الذي وضعه عالم الاجتماع الكندي غي روشيه، عندما ذهب إلى القول بأن الثقافة: منظومة رمزية للتواصل بين أفراد الجماعة الاجتماعية كيفما كان حجمها، مثلها في ذلك، مثل أحد مكوناتها وهو اللغة. إنها أيضا منظومة للانتساب والانتماء إلى هويات، تعمل الثقافة على إنتاجها والمحافظة عليها وتكريسها. إنها القالب الذي ينصهر فيه أفراد الجماعة انصهارا يكسبهم سمات وخصائص مشتركة من التفكير والإحساس والفعل؛ ذلك أن الثقافة مجموعة مترابطة من كيفيات التفكير والإحساس والفعل، المتشكلة إلى هذا الحد أو ذاك، والتي تصلح لأن تكون من الأشخاص الذين يتعلمونها ويشتركون فيها جماعة خاصة ومميزة. من هنا يتضح أن الثقافة تتسم بالسمات الأربع التالية: النسقية، والتشكل، والتشارك، والاكتساب.
إن الثقافة هي تطبع ونظام ونسق للإدراك والحكم على الأشياء.
والثقافة هي بنية ونسق ومعايير ونظام... تعمل دوما بآلياتها المعروفة في التنشئة الاجتماعية داخل مؤسسات اجتماعية لتوجيه رغبات الأفراد وحاجاتهم وفق قواعد وضوابط تتحكم فيها وتعيد تصريفها وتلبيتها بشكل غير مباشر، دون أن تجعل من الحاجات البيولوجية هي الركيزة والهدف المعلن الأساسي... فالمؤسسات تغلق هذا الجانب الطبيعي المعوج في الإنسان بنسق من الرموز أو الميثاق حسب الأنثروبولوجي مالينوفسكي براون ويتخذ غايات وأهداف خارج نطاق البعد الطبيعي للحاجة، فَتُسوق المؤسسة بتمثلاتها الثقافية لأهداف وأغراض بعيدة كل البعد عن ما هو طبيعي، فيصبح هذا الأخير داخل المؤسسة الاجتماعية مؤجل دوما، فعلى سبيل المثال، مؤسسة الزواج لا تقوم على أصلها الجنسي الطبيعي بطريقة مباشرة... وإنما ما هو حاضر بقوة في نسق تمثلات هذه المؤسسة هو مثلا: إعادة إنتاج نسق البنية الأسرية المتمثل في استمرارية الدم، والعرق، والنسب، والسلالة البشرية المتجسد في الأبناء كركيزة للتعاون على أعباء الحياة، وتنظيم المعيشة الحياتية وتنمية الرأسمال الاقتصادي والرمزي دون إهدارهما... وهذا كله من أجل استقامة وجودية أخلاقية معقولة في نظر الجماعة الثقافية...
الأيديولوجيا
إذا كان ظهور كلمة ثقافة قد ارتبط بالحداثة فإن كلمة أيديولوجيا ظهرت هي الأخرى في السياق ذاته، وإذا كانت الثقافة تدل على مختلف الوسائل الجماعية التي يكتسبها الانسان من جماعته والتي يتمكن بها من السيطرة على ذاته وعلى الطبيعة، سيطرة تقوده نحو تقدم مضطرد، فإن كلمة أيديولوجيا ظهرت مع جماعة أنطوان ديستوت دو تراسي في أجواء الثورة الفرنسية الكبرى، لتدل على علم وضعي جديد يكون موضوعه هو الفكر البشري ذاته، أي الدراسة النقدية المنظمة للآليات التي بها تولد الأفكار، وتترابط ترابطا يفضي إلى تكون المعارف والمذاهب ورؤى العالم في الفكر البشري.
إن العقل ــ في نظر جماعة الأيديولوجيين ــ هو الذي يحكم العالم، والأفكار الصحيحة المنبثقة في العقل من التجربة الحسية هي التي تصنع الوقائع والأحداث وتحركها من حسن إلى أحسن.
إن الإشكال الذي اهتمت به الأيديولوجيا منذ نشأتها باعتبارها فرعا من فروع المعرفة هو تفسير مختلف الشروط والآليات التي تتحكم في إنتاج المعرفة، وتبيان العوامل الكامنة خلف هذا التناقض بين ما تحتوي الأذهان من أفكار، وما يوجد في الأعيان من وقائع.
الفكرولوجيا أو علم الأفكار أو الدراسة التحليلية النقدية للأفكار، هذه هي المقابلات العربية للكلمة الفرنسية أيديولوجيا، أما أدلوجة (من أدلج الليل إذا أظلم وادلهم) فقد نحتها عبد الله العروي للدلالة على هذا المعنى الأساسي للأيديولوجيا، وهو معنى الإخفاء والتغييب والتزييف والانخداع بالظاهر، وعدم مطابقة ما في الأذهان لما في الأعيان.
الأيديولوجيا إذن هي قناع يخفي ويزيف ويغيب، قناع يخفي قانون التقدم التاريخي في نظر ماركس بسبب تعارض ذلك القانون مع مصالح البرجوازية... وقناع لقانون الحياة في نظر نيتشه، وقناع لقانون الرغبة في نظر فرويد... من هنا كان من اللازم إنشاء علم للأفكار يمكننا من تفسير لماذا تنقسم المعرفة البشرية إلى تلقائية سطحية (الأيديولوجيا)، ونقدية عميقة (العلم).
وهكذا نكون في الحالة الأولى أمام الأيديولوجيا بوصفها قناعا، وفي الحالة الثانية أمام الأيديولوجيا وهي تشتغل كنظرية في المعرفة والإيبستيمولوجيا، أما الحالة الثالثة والأخيرة فإن الأيديولوجيا تبدو ــ بحسب العروي ــ على شكل رؤية كونية، رؤية للعالم تسود في عصر من العصور، وتشكل أفقا فكريا لا يستطيع تفكير الناس خلال ذلك العصر تخطي حدوده.
وفي هذا الإطار ينبه محمد سبيلا من خلال كتابه الأيديولوجيا: نحو نظرة تكاملية؛ إلى كون الأيديولوجيا بمعناها الواسع تشير إلى نفس ما تشير إليه الأنثربولوجيا الثقافية بلفظ ثقافة، إلا أنها تشير إلى الثقافة التلقائية للمجتمع أو إلى ما يدعوه دوركايم بالوعي الجمعي.
الأيديولوجيا في نظر د. سبيلا هي عبارة عن حكاية تسعى إلى أن تقدم للمجتمع صورة عن نفسه عبر سيرورة التاريخ انطلاقا من حدث/أصل تحرص على أن تبرهن على أنه الأساس المكين الذي يدعم وجود الأمة المشترك، ويشكل هويتها الأصيلة. وبهذا المعنى تقوم الأيديولوجيا في المجتمعات الحديثة بما قامت به الأسطورة في الجماعات القديمة، ومن هنا العلاقة الوطيدة بين الأسطورة والأيديولوجيا لا من حيث الوظيفة والدور فحسب، بل من حيث البنية أيضا.
الأيديولوجيا وإن كانت لفظا ومبحثا لم تصبح موجودة إلا في نهاية القرن 18، فإنها بوصفها ظاهرة اجتماعية واقعية، إنما هي ظاهرة قديمة موغلة في التاريخ، ملازمة للكائن البشري شأنها في ذلك شأن الثقافة.
يلتقي مفهوم الأيديولوجيا بالثقافة في كونهما شموليان يجمعان الفردي والجماعي، ويطال تأثيرهما كل مستويات الوجود الاجتماعي للإنسان، وكلاهما مكتسبان لا فطريان، وكلاهما يشكلان منظومة فكرية معيارية تشتغل بوصفها منظومة رمزية للتواصل من جهة وللانتماء من جهة أخرى، لكن الالتقاء لا يعني التطابق، حيث أن الثقافة تضم الأيديولوجيا باعتبارها عنصرا من عناصرها لكنه عنصر أساسي إنه النواة أو البؤرة الصلبة الفاعلة للثقافة، كما أن فعل الثقافة يوحد أكثر مما يقسم، على عكس الأيديولوجيا التي تقسم أكثر مما تجمع. وفي هذا وذاك يلعب المثقف دورا أساسيا.
المثقف
ربما لا يستحق "المثقف" تسميته ما لم يبحث في الماهية التي يتشكل منها وفي الهوية التي ينتمي إليها. لذا كان على "المثقف" دائما أن يترحل باحثا عن أبعاد هويته الذاتية، ولا غرو في ذلك فمبحث "المثقف" يفيض بالتشويق ويتدفق بالإثارة، وقلما نجد مفكرا بارعا لم يخض في هذه القضية ويبلي فيها بحثا في دلالاتها وغوصا في معانيها. وقد تقاطرت الأبحاث وتواترت النظريات في هذا الميدان لتشكل مجالا حيويا بالغ الاستقطاب في العلوم الإنسانية ولاسيما في علم الاجتماع السياسي وعلم الاجتماع التربوي على حدّ سواء.
وقد دأب المثقفون أنفسهم على البحث المستمر في ماهية "المثقف" ودوره، فوظفوا أدواتهم النقدية استقصاءً للعلاقة الحيوية بين "المثقف" والثقافة، كما بين "المثقف" والحياة والإنسان، واستطاع هذا الموضوع أن يستقطب جلّ الباحثين والدارسين فتكاثفت أعمالهم وتكاثرت أبحاثهم في هذا الميدان المثير.
أن التقائنا بلفظي ثقافة ومثقف هو حديث النشأة لارتباطه بصدمة الحداثة، وسيرورة التحديث الاضطراري والارادي معا، وباتساع المجال الزمني في حياتنا الاجتماعية العملية اتساعا كبيرا. هذا الالتقاء هو ما يجعل اللفظين معا لا يأخذان معناهما الكامل إلا بالعودة بهما إلى سياق الخطاب الأوروبي الغربي المعاصر.
يقودنا كل حديث عن الثقافة والأيديولوجيا داخل المجتمعات البشرية بالضرورة إلى الحديث عن المثقف بوصفه نموذجا نظريا، سوسيولوجيا وفلسفيا، وعن المثقفين والنخبة الثقافية باعتبارهم مقولة سوسيولوجية.
من الذي يحافظ على الإرث الثقافي، ينتجه ويعيد إنتاجه، ويوظفه في كافة مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية...؟
بطبيعة الحال إنه الانسان بوصفه فاعلا اجتماعيا وناتجا من الفعل الاجتماعي في الآن نفسه، وبهذا المعنى يكون جميع الناس مثقفين... لكن لماذا نخص فئة ونخبة معينة وننعتها بالمثقفين، ونختص فردا بنعت مثقف؟ ومن هو هذا المثقف؟ وكيف نستطيع التعرف عليه؟
إذا كان كل إنسان بالتعريف مثقفا ولا يمكن أن يكون إلا كذلك، فإن كلمة مثقف ومثقفين لا تستعمل عادة بهذا المعنى الواسع بل تستعمل بمعنى ضيق، إما للدلالة على فرد نمطي مجرد، يتحدد بوعيه ومواقفه وخطابه، فضلا عن شروطه السوسيوتاريخية أو للدلالة على جماعة اجتماعية، تتميز عن غيرها بسمات وخصائص في الفضاء الاجتماعي.
من المعلوم أن لكل مجتمع ومنذ القدم خبرائه وأدباءه وفنانوه، ومؤرخوه... ولكن لا أحد نعث هؤلاء بالمثقفين وهذا يدل على أن المثقف يتميز عن غيره من هؤلاء بمميزات أخرى... أن المثقف مفردا وجمعا، لم يظهر كلفظ لا في الحضارة الاغريقية ولا في الحضارة العربية الكلاسيكية، ولا في أوروبا القرون الوسطى، بمعنى أن كلمة مثقف لم تظهر إلا بعد استقلال الحقول عن بعضها نسبيا ومن بينها الحقل الثقافي.
ومن الضرورة بمكان في هذا المقام أن نستعرض بعض التصورات التي قدمها بعض الباحثين حول مفهوم "المثقف" بدلالاته ومعانيه. ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى الوصف الذي يقدمه صلاح بوسريف لمفهوم "المثقف" إذ يقول: "«المثقف» ليس مفهوماً مُحْكماً، قطعياً، مُمْتَلِئاً بتعبيراته، وما يحمله في طياته من مداليل، بل إنَّه مفهوم متموِّجٌ، منشَرِحٌ، ما فيه من فراغ، ومن مساحات شاغرة، أكثر مما فيه من امتلاء، وهذا ما يسمح بضرورة الإضافة والمَلْءِ، وبالمُراجعة الدائمة، أو البدء من جديد على الدَّوام، ليس بنفي المفهوم وإلغائه، بل لتجديده، وتحيينه، ووضعه في سياق المُتَغيِّرات الحادِثَة والطَّارئة، بما تُحْدِثُ في هذا المفهوم ذاتِه من خُدوش وجروح وتصدُّعات (وُجُـــوه "المُثقَّــف" أو ضرورة التفكير في المفهوم).
ولا بد من الإقرار هنا بأن مفهوم "المثقف" ولد حديثا للتعبير عن الموقف الشجاع للروائي الفرنسي إميل زولا ونخبة من المثقفين الفرنسيين الذين دافعوا في باريس عن الضابط الفرنسي اليهودي الأصل دريفوس، الذي اتهم بجريمة الخيانة العظمى، وحكم عليه في 22 ديسمبر عام 1894 بالنفي إلى غوايانا، بتهمة التجسس لصالح ألمانيا. وفي هذه الأثناء كتب إميل زولا مقالته الشهيرة (إني أتهم) التي دافع فيها عن دريفوس، ثم انبرى مع عدد من المثقفين الفرنسيين أمثال: أناتول فرانس، ومرسيل بروست، وسينيوبوس، وليون بلوم، ولوسيان هير، للتوقيع على بيانهم المشهور بتسمية "بيان المثقفين" الذي عبروا فيه عن رفضهم حكم المحكمة. وانقسم الرأي العام بعد هذا البيان بين مؤيد لإعادة المحاكمة ومطالب بتثبيت العقوبة، وبين صراع بين المعسكرين المعسكر التقليدي المعادي للسامية والمعكسر الاشتراكي النقدي. وتحت تأثير الضغط الثقافي للمفكرين الفرنسيين أعيدت المحاكمة وخفض الحكم إلى مدة 10 سنوات من السجن، ورفعت إلى محكمة النقض التي ألغت الحكم وأطلقت سراحه وتمت تبرئته (محمد الشيخ، "المثقف" والسلطة، دراسة في الفكر الفلسفي الفرنسي المعاصر).
وعلى أثر هذه المواجهة الفكرية بأبعادها السياسية، انتشر مفهوم "المثقف" وارتبط جوهريا بقيمته النضالية وأرومته النقدية، وأصبح عنوانا لكل الممارسات الثقافية التي تنافح عن المظلومين، وإشارة إلى كل المواقف الشجاعة ضد الظلم والظالمين وإلى كل أشكال الاستبداد السياسي. وقد رسخ في الممارسة الفكرية أن "المثقف" رجل نقدي يسعى للكشف عن الحقيقة ويدافع عن المظلومين. وضمن هذه الممارسة النقدية انكشف الاستخدام على مواقف المفكرين في مناصرتهم المضطهدين والسير بمقتضى الدفاع عن قيم الحق والعدل في المجتمع السياسي. وعلى هذا الأساس بدأ يتمحور مفهوم "المثقف" على ركائز الكشف عن الحقيقة نقديا ورد المظالم توخيا لقيم الحق والخير والعدل والجمال. فالمفكرون الحقيقيون، كما وصفهم جوليان بندا، "أقرب ما يكونون إلى الصدق مع أنفسهم حين تدفعهم المشاعر الميتافيزيقية الجياشة والمبادئ السامية، أي مبادئ العدل والحق، إلى فضح الفساد والدفاع عن الضعفاء وتحدي السلطة المعيبة الغاشمة".
اضف تعليق