سلمان يصل امريكا في أول زيارة رسمية له إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ اعتلائه عرش السعودية، ويرى بعض المراقبين ان لقاء ملك السعودية بأوباما جاء للحصول على مزيد من الدعم في مواجهة إيران في حين تسعى الإدارة الأمريكية للاستفادة من الزيارة في تحسين العلاقات بعد فترة من التوتر، خصوصا وان هذه الزيارة أتت بعد الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة مع إيران في يوليو تموز مما أثار قلق دول الخليج العربية التي تخشى أن يؤدي رفع العقوبات عن طهران إلى تمكينها من مواصلة سياسات زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
ويرى الكثير من المحللين ان البلدين يتشاركان الكثير من الأهداف الاستراتيجية ويعتمد كل منهما على الآخر في عدد من القضايا الجوهرية على الصعيد الأمني والسياسي والاقتصادي، ابرزها الخلاف النووي، وازمتي سوريا واليمين، فضلا عن المصالح الاقتصادية خصوصا وان السعودية مازالت أكبر مصدر للنفط في العالم وساعد التزامها بضخ النفط رغم تراجع أسعاره مؤخرا على استمرار تعافي الاقتصاد الأمريكي. وقال أوباما للصحفيين خلال اللقاء إنه والملك سلمان سيناقشان الاقتصاد العالمي وقضايا الطاقة.
فيما يرى الكثير من المحللين ان اجتماع سلمان مع أوباما في واشنطن جاء لجس نبض امريكا بعد الاتفاق النووي، فعلى الرغم من خيبة أمل السعودية من مساعي أوباما لإبرام الاتفاق النووي مع إيران وعدم تحركه بشكل مباشر ضد الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا فإن الدور الأمريكي في حرب الرياض باليمن يظهر أن واشنطن لا تزال الحليف الاستراتيجي الأساسي للمملكة، وشاب التوتر العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية بسبب ما تصفه الرياض بانسحاب أوباما من المنطقة وعدم قيام الولايات المتحدة بتحرك مباشر ضد الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا فضلا عما تراه السعودية ميلا أمريكيا نحو إيران منذ انتفاضات الربيع العربي عام 2011.
وعانت العلاقة وهي دعامة أساسية للتوازن الأمني في الشرق الأوسط من اضطرابات منذ ان انتقدت الرياض ما اعتبرته انسحاب أوباما من المنطقة وما رأت أنه ميل لإيران منذ انتفاضات الربيع العربي في 2011.
ومنذ تولى الملك سلمان السلطة في يناير كانون الثاني تخلى عن اعتماد الرياض التقليدي على واشنطن لتحمل العبء الأكبر في الحفاظ على أمن الشرق الأوسط. وخاض بدلا من ذلك حربا في اليمن وعزز الدعم لمعارضين للأسد في سوريا.
وأظهر ذلك تزايد احساس الرياض بالاستقلال واستعدادها للعمل مع حلفاء في المنطقة بدلا من واشنطن لكنه نهج أكثر عملية في العلاقات مع الولايات المتحدة. وعلى النقيض من مراحل سابقة في العلاقة يبدو أن التعاون الآن محدود ويقتصر على الحالات التي تتداخل فيها المصالح بشكل مباشر أو على الدعم في مجال مقابل آخر، ويحرص أوباما على أن يلعب حلفاء واشنطن دورا أكبر في قضايا أمن المنطقة في إطار مساعيه لتقليص التدخل الأمريكي في الكثير من صراعات الشرق الأوسط التي يصعب تسويتها.
فيما يقول محللون آخرون لعل أوضح دليل على هذا التحول في العلاقة هو اليمن حيث شكلت الرياض تحالفا من عشر دول عربية يشن ضربات جوية ضد جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في مارس آذار ضمن حملة تعتمد بشكل كبير على المساعدات العسكرية الأمريكية.
وبينما تحدث مسؤولون أمريكيون عن ضرورة أن تبذل الرياض مزيدا من الجهود لتفادي سقوط قتلى أو مصابين مدنيين فإن دور واشنطن في تسريع وتيرة تسليم الأسلحة وكذلك جمع المعلومات وتقديم المساعدات اللوجستية كان لا غنى عنه للمجهود الحربي السعودي.
ويعتبر كثير من السعوديين هذا الدعم المادي الأمريكي لحرب اليمن جزءا من مساعي أوباما لطمأنة المملكة وحلفائها الخليجيين بأن الاتفاق النووي مع إيران لا يعني أن واشنطن ستسمح لطهران بالهيمنة على الشرق الأوسط.
والرياض على قناعة بأن إيران عازمة على تحقيق الهيمنة في المنطقة من خلال فصائل مسلحة تعمل بالوكالة عنها في لبنان وسوريا والعراق واليمن ومن ثم زعزعة استقرار المنطقة برمتها وتقويض استقرار المملكة نفسها.
لكن واشنطن رغم انتقادها لدور إيران في المنطقة لا ترى الأمر بمثل هذه الخطورة، ويخشى السعوديون أنه بتخفيف العقوبات على إيران سوف يتيح الاتفاق النووي لطهران الحصول على مزيد من الأموال والحرية السياسية لدعم وكلائها مثل حزب الله في لبنان والفصائل الشيعية في العراق إلى جانب الحوثيين في اليمن.
فيما يرى الكثير من المحللين انه سيكون الاختبار الكبير المقبل للعلاقات بين البلدين على الأرجح في سوريا حيث كثيرا ما وصفت السعودية استخدام الأسد للضربات الجوية والقصف المدفعي على مناطق مدنية بأنه إبادة جماعية كما وصفت دعم إيران لفصائل هناك بأنه يصل إلى حد الاحتلال، وبينما قال أوباما إنه لا يمكن أن يكون للأسد دور في مستقبل سوريا فإن اهتمامه الأكبر منصب على الخطر الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.
وفي حين ساعدت الرياض في انضمام دول في المنطقة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يشن ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا العام الماضي فإنها شعرت بخيبة أمل من الدور المحدود الذي لعبته واشنطن في تدريب وتسليح الجماعات المعارضة غير الجهادية.
ويبدو أن السعودية إلى جانب قطر وتركيا عززت الدعم للجماعات المعارضة هذا العام وساعدتهم على تحقيق مكاسب ضد الأسد. وإذا نجحت حملتها في اليمن بمساعدة الأمريكيين فإن السعودية قد تواتيها جرأة أكبر لزيادة هذا الدعم.
وعليه تطرح المعطيات آنفة الذكر سؤالا هاماً مفاده، هل سيحدد مستقبل العلاقة بين السعودية وامريكا وفق التغيرات الجديدة مصير الشرق الأوسط؟.
اضف تعليق