q
تصاعدت حدة نقص الادوية في المستشفيات الحكومية في السنوات الأخيرة، وهو جزء من انهيار او تراجع كبير في النظام الصحي العام في البلاد، فلا يوجد في المراكز الصحية والطبية المستلزمات العلاجية، ويضطر من يرقد فيها الى شراء الادوية من الخارج، وتكتفي إدارة المستشفى في توجيه المرافقين الى نوعية العلاجات الضرورية للمريض...

"والدي راح يموت ولازم اشتري هذه قائمة الادوية شنو الحل؟، بهذه الكلمات أجاب أحد المرافقين لمريض مُسن على أسئلة مراسل احدى القنوات الفضائية المحلية الذي يعمل تقريرا اخباريا عن أوضاع المرضى في المستشفيات الحكومية، والذي تفاجئ بكم الشكاوى من النقص الحاد في الادوية.

تصاعدت حدة نقص الادوية في المستشفيات الحكومية في السنوات الأخيرة، وهو جزء من انهيار او تراجع كبير في النظام الصحي العام في البلاد، فلا يوجد في المراكز الصحية والطبية المستلزمات العلاجية، ويضطر من يرقد فيها الى شراء الادوية من الخارج، وتكتفي إدارة المستشفى في توجيه المرافقين الى نوعية العلاجات الضرورية للمريض.

حالة نقص الادوية وعد جميع وزراء الصحة العراقية بالقضاء عليها، ولم يتمكن أحد من الإيفاء بوعده، حتى اخذت هذه القضية بالتزايد، بينما الوعود مستمرة ولا جدوى منها، ولا يمكن تحقيقها بعد الفشل الذريع الذي منيت به جميع القطاعات الحكومية وليس الصحية فحسب.

تخيل أنك لا تجد المال الكافي لسد جوع بطنك وقد أصيب لك عزيز بمرض عضال، فكيف التوفيق بين الاكل والدواء؟، وفي الأساس من يرقد في المستشفى الحكومي، هو صاحب الدخل المتدني وبالتالي سيواجه عقبة أخرى وهي عدم توفر الادوية الحاد في المستشفيات، مما اجبره على اقتراض الأموال لضمان بقاء مريضه على قيد الحياة.

الموازنات الانفجارية والاشبه بالخيالية التي اقرت في السنوات الماضية، اخذت جميع الوزارات حصتها وفقا لاحتياجاتها الضرورية، فان كانت خدمية تخصص لها أموال بالقدر الذي يضمن تنفيذ المشروعات الخدمية كبناء المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية.

وقد اقتنع المواطن المسكين بحراجة المرحلة الحالية وقبل بالمبررات الحكومية المستمرة إزاء التقصير والنقص الكبير في اعداد المستشفيات التي من المفترض بناءها لتغطية الحاجة الفعلية مقابل الزيادة المطردة في عدد السكان، وبالتالي يتم استيعاب جميع الحالات في الداخل ولا يضطر الكثير منها السفر الى الخارج.

نقص الادوية المزمن في المستشفيات الحكومية، يجعل المواطنين يبتعدون او يعزفون عن الذهاب اليها، والبديل بهذه الحالة هو المستشفيات الاهلية، التي يتوفر فيها كل شيء، أجهزة، طواقم طبية، غرف إنعاش وعناية مركزة ... الخ.

هل إمكانات المستثمر تفوق إمكانية الحكومة المالية؟

اعرف ربما من البلاهة التقدم بهذا السؤال لعاقل، وحتى المجنون يعرف ان لدى الحكومة أموال طائلة لا يمكن عدها وحصرها، وفي المقابل نرى اغلب المستشفيات الحكومية تم بناءها في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم، ومع تقادمها تشكوا مذاخرها من ابسط المستلزمات الطبية.

بينما المستشفيات الاهلية تجد فيها شتى الأصناف من العلاجات ومن مناشئ عالمية، أضف الى ذلك تجهيزها بأحدث الأجهزة المتطورة، والتي تسهل على المريض موضوعة السفر الى الخارج، لكن بأسعار يراها المواطن العادي خيالية ولا يستطيع توفيرها.

الفرق بين القائمين على المستشفيات الحكومية والأهلية، ان أصحاب النوع الأخير يحرصون على سمعة مستشفياتهم ويعملون بصورة مستمرة على تحسين صورتها امام الافراد، اذ يعمدون الى استقدام طواقم طبية من الخارج، طواقم لها سمعتها الحسنة في ادق واعقد المجالات الطبية، اضف الى ذلك تجهيزها بالأدوية الفعالة، وبالتالي تكون قد حققت قصب السبق في هذا المجال.

وفي المستشفيات الحكومية لا نجد من يخشى على سمعتها من الانهيار امام المراجعين من الطبقات العامة، طالما ان المسؤولين يمكنهم تلقي الخدمات العلاجية في أفضل المستشفيات والمراكز الدولية، وبذلك يبقى هذا الإهمال نابع من عدم الشعور بالمسؤولية في الدرجة الأولى، وإمكانية التداوي في القطاع الأهلي بالدرجة الثانية.

المسؤول الذي لديه الامكانية على السفر والعلاج في الخارج، عليه ان يضع امام عينيه حيرة من لا يملك قوت يومه، وعليه أيضا ان يجعل المستشفيات الحكومية هي الملاذ الأخير للفقير الذي انغلقت جميع الأبواب في وجهه ولا يجد من يخفف وطئة الأيام عليه، فمن لا يجد الاطمئنان في الحصول على علاجه الضروري، سيعيش وسط خيبات متتالية جراء اهدار كرامته واسترخاص حياته.

اضف تعليق