q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

أسئلة محرجة!

ثمة العديد من الاسئلة المحرجة يجب ان نوجهها لأنفسنا، كإعلاميين قبل غيرنا، ولعل من أهمها موقع الاعلام ودوره في العملية السياسية، وفي تنمية المجتمع وبناء الإنسان، فالإعلام عادة رقيب يعكس حقيقة الواقع السياسي، وهو شاهد على السلطات الثلاث، يعبّر عن الحقيقة ويدافع عن الحق...

ثمة العديد من الاسئلة المحرجة يجب ان نوجهها لأنفسنا، كإعلاميين قبل غيرنا، ولعل من أهمها موقع الاعلام ودوره في العملية السياسية، وفي تنمية المجتمع وبناء الإنسان، فالإعلام عادة رقيب يعكس حقيقة الواقع السياسي، وهو شاهد على السلطات الثلاث، يعبّر عن الحقيقة ويدافع عن الحق، لكن في العراق الديمقراطي المزدحم بالأزمات لا توجد مسافة كافية بين السياسي والاعلامي، تسمح للأخير ان يزعم الاستقلالية والحياد، ومن ثم أصبح الاعلامي يمثل الظل في حركته خلف السياسي، فهناك اعلام شخصي واعلام حزبي واعلام طائفي واعلام قومي واعلام مناطقي... لكن أين الاعلام الوطني؟!.. لا أحد يجرؤ على طرح هذا السؤال في ظل واقع الأزمات والفساد، مع الاسف!

فضيحة القرن الأخيرة وسابقاتها كشفت عن تورط بعض الاعلاميين بالفساد ومشاركتهم الفاسدين في غنائمهم، وقد أصبحت بعض القنوات جزءاً من منظومة الفساد وليس خارجها، وهناك ميل واضح للتحريض والاستفزاز والتشويه والاساءة للمجتمع، مقابل ثمن او بسبب الامتناع من قبل بعض الاطراف عن دفع الثمن الابتزازي!

غياب المسؤولية الاعلامية وضعف الرقابة والتساهل في تطبيق القانون سمح بانحدار الكثير من القنوات والشخصيات الاعلامية نحو السقوط في امتحان الثقة والمصداقية والدقة والنزاهة، وفي ظل السكوت عن مصادر تمويل تلك القنوات، مثل اغلب الأحزاب، من حق المواطن أن يشك ويفقد الثقة في تلك القنوات التي تغنّي وترقص في حفلة ذبح الوطن، بسكين الفساد والإرهاب!

مساحة الحرية الواسعة التي شهدها العراق، بعد مرحلة الدكتاتورية، وتنوع وسائل الاعلام، وغياب الرقابة الأمنية والادارية، كان يفترض أن يجعل التغطية الاعلامية أقرب الى الموضوعية، واعتماد التهدئة والحكمة في التعامل مع الأزمات الخطرة، لكن الواقع ان التنوع أصبح انقساماً وتشظياً.. والموضوعية اصبحت انحيازاً مكشوفاً.. والتنافس بات صراعاً شرساً.

في ظل مشهد اعلامي ملتهب، على سخونة الواقع السياسي، لم يعد هناك مجال يسمح بطرح سؤال بريء: لماذا لا نمتلك قناة فضائية عراقية منافسة للجزيرة والعربية مثلاً؟.. وفضلاً عن ذلك، لا يوجد أحد يخاطر بطرح سؤال: ما الجهات الخارجية والداخلية المتهمة بتمويل وسائل الاعلام في العراق، وفرض اجنداتها ومصالحها الخاصة على الساحة العراقية؟!

القنوات العراقية كثيرة، لكنها عديمة الفاعلية والتأثير، لأنها تعتمد خطاباً متناقضاً ومشتتاً، لذلك تظل عاجزة عن مواجهة الهجوم الاعلامي المعادي، او كشف ملفات الفساد ،فالعبرة ليست في العدد، ولكن في شكل الخطاب ومضمونه وتقنياته، والعراق بلد لا تنقصه الأموال ولا الكفاءات ولا الخبرات البشرية ولا التقنيات، ولكنه يحتاج فقط لإرادة سياسية موجهة نحو هدف محدد، ومن ثم صناعة خطاب اعلامي وطني، غير ملوث بالفساد والابتزاز والانحياز، يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، يصالح ولا يخاصم!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق