سيادة الشعب مبدأ دستوري صحيح، اذاً، والانتخابات هي احدى الاليات الديمقراطية للتعبير عن هذا المبدأ الدستوري، وهي صحيحة ايضا. لكن لا يوجد ضمان بان تكون مخرجاتها صحيحة دائما. فهناك احتمال قائم دائما في ان تكون مخرجات الانتخابات غير صحيحة او غير سليمة...
الاصل في فكرة الانتخابات في الانظمة الديمقراطية ان تكون الكلمة العليا للشعب في اختيار ممثليه، وفي اختيار الحكام. واساس هذا الاصل هو القول بان السيادة للشعب او للامة. وهذا هو المبدأ الاساس للديمقراطية كما بينه جان جاك روسو في "العقد الاجتماعي"، وكما اثبته من قبل القران الكريم في سورة البقرة الاية ٣٠، واعلنه الامام السيستاني في عصرنا الراهن.
سيادة الشعب مبدأ دستوري صحيح، اذاً، والانتخابات هي احدى الاليات الديمقراطية للتعبير عن هذا المبدأ الدستوري، وهي صحيحة ايضا. لكن لا يوجد ضمان بان تكون مخرجاتها صحيحة دائما. فهناك احتمال قائم دائما في ان تكون مخرجات الانتخابات غير صحيحة او غير سليمة. لهذا يعتبر الان على نطاق واسع ان فوز الرئيس ترامب، وفوز خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، اضافة الى امثلة عديدة اخرى، من المخرجات غير السليمة للانتخابات.
ومثلها قل عن فوز الكثير من النواب في المجالس التشريعية السابقة في العراق، من الذين فازوا بسبب تطبيق نظام الانتخاب بالقطيع. والامر في الصحة والسلامة او عكسهما يعتمد على وعي الناخبين وثقافتهم السياسية وحسن اختياراتهم وضعف او غياب المؤثرات الخارجية والجانبية السلبية.
والثابت الان ان المستوى المتدني للوعي السياسي في العراق لعب دورا كبيرا في انتاج مجالس نواب ضعيفة في الدورات السابقة. وهذا ما اكدته المرجعية الدينية حين تحدثت عن "اخفاقات المجالس النيابية السابقة والحكومات المنبثقة عنها". لقد كان المواطن العراقي ينتخب في السابق بناء على اعتبارات لا تمت بصلة الى الوعي السياسي الرفيع.
ولهذا فاز الكثير من المرشحين غير المؤهلين، فيما خسر الكثير من المرشحين المؤهلين. وفي الحالتين عزا المواطن هذه النتيجة المؤسفة الى التزوير. وهذا مما لا يسعنا نكرانه، لكن ليس بوسعنا اعتباره العامل الوحيد، لان العامل الاخر هو وعي الناخب الذي يؤثر عليه وهو يدلي بصوته الانتخابي في صناديق الاقتراع.
لهذا ناشدت المرجعية الدينية "الناخبين الكرام أن يأخذوا العِبَر والدروس من التجارب الماضية"، التي ادت الى اطالة امد المعاناة لاربع فترات برلمانية، وان "يعوا قيمة أصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد"، فقدموها في الانتخابات السابقة رخيصة الى مرشحين لا يستحقونها، ودعتهم الى ان "يستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في ادارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة" وذلك بان "بأن يدقّقوا في سِيَر المرشحين في دوائرهم الانتخابية ولا ينتخبوا منهم الا الصالح النزيه، الحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره، المؤتمن على قيمه الأصيلة ومصالحه العليا، (والحذر من) أن يمكّنوا أشخاصاً غير أكفاء أو متورطين بالفساد أو أطرافاً لا تؤمن بثوابت الشعب العراقي الكريم أو تعمل خارج إطار الدستور من شغل مقاعد مجلس النواب، لما في ذلك من مخاطر كبيرة على مستقبل البلد."
وردا على اليائسين بسبق الاصرار، بشرت المرجعية الدينية الناخبين بان ما تدعوهم اليه "أمر ممكن"، ولكن "إنْ تكاتف الواعون وشاركوا في التصويت بصورة فاعلة وأحسنوا الاختيار". وهذا امر متوقف عليهم، حتى مع القول بوجود ظروف غير مناسبة.
ان هذا يعني ان "قسما" من مخرجات الانتخابات مرمي الان في ملعب الناخبين، مهما كان هذا "القسم" صغيرا. وان على الناخبين ان يحسنوا التصرف والاداء بقدر تعلق الامر بهذا القسم، ولا يتركوا اليأس والاحباط والموقف السلبي المسبق يسيطر بصورة كاملة ومطلقة على طريقتهم في التفكير والتصرف والاداء.
اضف تعليق