تهديد النظام السياسي ليس تخميناً أو تخويفاً، وإنما واقع لابد من علاجه بجدية، وتغيير سلب تشكيل الحكومات، والتقدم خطوة ديمقراطية الى الأمام، وبقاء المحاصصة والكل يشارك في الحكومة القادمة، تراجع بل إضافة معوق جديد أمام تقدم الدولة، ولابد من إنقسام القوى الى تحالفين، أحدهما يشكل الحكومة بالأغلبية، والآخر...

يكاد مفهوم تشكيل الحكومات العراقية يُعرف بالثابت الذي لا متغير فيه، سوى ملامح لا تغير من معنى الصورة، بزيادة رقم من هذا ونقصان من ذاك، وعاملان أساسيان يحكمان التشكيل، هما الصفقة والصفعة.

مهد تشكيل الحكومات بهذا الشكل، الى خلل في إدارة الدولة، وجملة أخطاء تكاد تطيح بالنظام السياسي، والصفقة فيها تقاسم على حساب شعب، والصفعة ممن يمتلك القوة، ليصفع من يقف بطريقه ويأخذ حق غيره.

ما يُعبر عنه من نظام سياسي أو سلطات، لها جملة واجبات ومنها تتحقق خدمة المواطن، والنهوض به ليشعر أن يومه أفضل من أمسه؛ إلاّ أن تكلس العمل على تراكيب بالية، بدأ بالصفقة بين القوى وتقاسمها بالمحاصصة، ومن ثم كلهم يرفضون علناً هذا السياق ويمارسونه سراً، وتبدأ الاعتراضات من قوى تشترك في الحكومة وتعارضها بل تعرقل عمل القوى الفاعلة معها، إلا ما تعتقد أنه من مسؤولياتها، فتجعلها خدمةً لها وإقصاءً غيّر جمهوراً وساسة، وهكذا يقولون الصفقة بين القوى السياسية، هي سبب كل تعطيل خدمي ورقابي وتشريعي وقضائي، ومن ثم ينغمسون بممارستها!

الصفعة هي تعبير آخر عن محاولة قوى سياسية فرضت نفسها بالقوة، وأخذت ما يفوق إستحقاقها، ملوحة بما لها من جمهور ونفوذ وأموال استحوذت عليها، وسلاح تستخدمه لتحقيق غاياتها السياسية، ومرة تدعي الدفاع عن الطائفة أو هي الوحيدة التي لا تستطيع القوى السياسية العمل بدونها؛ وإلا ستستخدم الجمهور والسلاح لإسقاط حكومة لا تأخذ فيها أكثر من حصتها.

إن مشاركة القوى السياسية في سياقها السابق بشكل جماعي، أشبه بالعقل الجمعي الذي يحرك جماهيراً، ولا يشعرها بالمسؤولية، وتتصرف كمتمرد على النظام السياسي وحكمة هي قوامها، ويأكل من قامتها حتى قوامها ويبيد قومها، وتشعر تلك القوى باللجوء للتطرف السياسي للحصول على المكاسب سواء كانت سياسية أو جماهيرية، وتتراكم أخطاؤها لتصبح عامل قوة عكسي يقف بوجه نمو الدولة، وتنبني قوتها من مال نهب من الدولة، وتستخدم جمهوراً للتلويح وإجبار الآخرين على الرضوخ، وكل شيء متاح من تظاهرات وإسقاط حكومة وأبعد من ذلك أن تطلبت مصلحتها.

تهديد النظام السياسي ليس تخميناً أو تخويفاً، وإنما واقع لابد من علاجه بجدية، وتغيير سلب تشكيل الحكومات، والتقدم خطوة ديمقراطية الى الأمام، وبقاء المحاصصة والكل يشارك في الحكومة القادمة، تراجع بل إضافة معوق جديد أمام تقدم الدولة، ولابد من إنقسام القوى الى تحالفين، أحدهما يشكل الحكومة بالأغلبية، والآخر يساعد في بنائها من خلال المعارضة وتقويم الحكومة بتشديد الرقابة والجرأة في المحاسبة والشجاعة في إتخاذ القرار من الطرفين، وإلا سيبقى العراق يتراجع خطوات الى الوراء، لا يستبعد منها انهيار النظام السياسي، في حال بقاء نظرية تشكيل الحكومة بالصفقة أو الصفعة.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق