أصبح العراق بفعل التصرفات الخاطئة من البلدان المستهلكة بصورة شاملة لجميع السلع بعد تدمير اغلب قطاعاته الزراعية والصحية والإنتاجية، فهذا التوقف حمل المواطن أكثر من قابلياته ودخله الشهري، وهنا تكون البطاقة التموينية أدت وظيفة كبيرة في حياة الاسرة العراقية، وخففت جزا كبيرا من هم المعيشة...
خبر مفرح لملايين العراقيين عندما صرح وزير التجارة العراقي علاء الجبوري عن زيادة مفردات البطاقة التموينية في الأشهر القادمة، حيث قال إن "مجلس الوزراء أقر مشروع السلة الواحدة لمفردات البطاقة التموينية، وإضافة معجون الطماطم والبقوليات إلى مفردات البطاقة التموينية فضلاً عن المواد الأساسية الأربع السكر وزيت الطعام والطحين والرز".
عودة الى الوراء، بدأ تطبيق نظام البطاقة التموينية في العراق منذ عام 1991 التي أصبحت بمرور الزمن السلّة الغذائية للمواطنين، من أجل معالجة جانب من تأثيرات الحصار الاقتصادي الذي فُرض عليه، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي (661) لعام 1990.
وبموجب نظام البطاقة التموينية تتكفل الدولة بتوزيع المواد الغذائية الأساسية على المواطنين شهرياً، بما يسد جزءاً من حاجتهم، إلا أن مفردات البطاقة تناقصت من عشر مواد على الأقل شهرياً قبل عام 2003، إلى مادتين أو ثلاث في السنوات الأخيرة، على الرغم من ازدياد حدة المشكلات المعيشية التي تزامنت مع الأزمة الاقتصادية.
عزم الحكومة الحالية على إعادة هيبة البطاقة التموينية من الممكن تواجهه بعض المعرقلات، ومنها قلة الأموال المخصصة لوزارة التجارة من اجل التعاقد مع شركات رصينة ومن مناشئ عالمية لتجهيز العراق بما يكفيه من المواد المعيشية اللازمة، خصوصا مع فقدان الكثير لفرص العمل بسبب الأوضاع المضطربة التي عاشها البلد في السنوات الأخيرة تحديدا.
البطاقة التموينية واحدة من المعالجات المؤقتة التي وضعها النظام السابق، لمواجهة شبح الجوع الذي لاحق المواطنين بسبب الحرب الاقتصادية الدولية، ففي حينها أراد ترويض الشعب وعدم الخروج عليه تمردا لما يعانيه من جوع وحرمان كبيرين، فقد جاءت مفردات البطاقة لتلجم افواه الافراد وتجعلهم يتعايشون مع الوضع الجديد الذي فرضته عليهم الإرادة الدولية.
واستمر الحال هذا تسعة وعشرين سنة، والمواطن العراقي اعتاد على الذهاب شهريا لوكيل المواد الغذائية لاستلام الحصة التموينية، وبعض الأشخاص أصبح لديهم اعتماد كلي في معيشتهم على هذه المفردات، فلم يجدوا معينا لهم سواها في الظروف الحالكة، والمناخ السوداوي الذي خيم على العراق منذ ذلك الحين ولغاية يومنا هذا.
وهذا بصيص الامل الذي تعتبره بعض الاسر، ارادت بعض الارادات السياسية ابعاده عن الافراد، عندما بثت دعايات مفادها قرب انقطاع البطاقة التموينية، وتخلي الحكومة عن التزامها تجاه المواطنين، بحجة عدم وجود هذه المساعدة او الاجراء في اغلب الدول لاسيما الاوربية منها، فالمواطن يتحمل كامل المسؤولية بتوفير لقمة عيشه والركض ورائها مهما كلف الامر.
يمكن ان يكون هذا الكلام منطقيا لو كان المواطن العراقي حاصل على حقوقه كما حاصل عليها المواطن الأوربي، من خلال توفير الخدمات مشتملة على التأمين الصحي، والمرافق الخدمية الأخرى، وتوفر فرص العمل عبر تشغيل المصانع الإنتاجية التي تعتمد على الاستقرار السياسي، والمناخ السائد في البلاد.
وهنا يحق للحكومات الاوربية التعامل مع مواطنيها على هذا الأساس، ولا يمكن لاحد ان يتخلف عن تسديد فواتيره، مقابل الخدمات المقدمة، وقد تأخذ هذه الفواتير قدرا كبيرا من مرتبه الشهري، بدون فقدان حالة التوازن بين المدخلات والمخرجات، في حين المواطن العراقي، يعيش حالة من البؤس المتعمد من قبل أصحاب الحل والعقد في الحكومة العراقية.
وأصبح العراق بفعل التصرفات الخاطئة من البلدان المستهلكة بصورة شاملة لجميع السلع بعد تدمير اغلب قطاعاته الزراعية والصحية والإنتاجية، فهذا التوقف حمل المواطن أكثر من قابلياته ودخله الشهري، وهنا تكون البطاقة التموينية أدت وظيفة كبيرة في حياة الاسرة العراقية، وخففت جزا كبيرا من هم المعيشة.
وقد ساهمت زيادة سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، بارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تحتاجها الاسرة بشكل يومي، فالزيادة طالت الحاجات الأساسية وليس الكمالية، وهنا اتسع جرح المواطن واضيف هما آخرا الى همومه، فلم تعد الشريحة البسيطة تذهب بتفكيرها ابعد من توفير القوت اليومي في ظل الزيادة اليومية بالأسعار.
وقد اوجد النظام السابق في فترة التسعينيات حلا تمثل باتباعه آلية حققت نجاحا كبيرا حينها، وهي تجربة الأسواق المركزية، التي مدت يد العون للموظفين الذين لا تكفيهم مرتباتهم الشهرية، الى جانب ما يحصلون عليه من مواد غذائية اسوة بغيرهم من الافراد من البطاقة التموينية الثابتة، وهذه التجربة بحاجة الى إعادة تفعيل بالوقت الحالي، مع توسيع دائرة الاستفادة منها لتشمل جميع المواطنين من ذوي الدخل المحدود.
ان جميع ما يحصل عليه المواطنين من دعم حكومي وان كانت مشكورة عليه لكنها تبقى مقصرة بحق رعاياها الذين يفتقدون الى الكثير من الأساسيات الحياتية ومن أهمها الكهرباء والماء الصالح للشرب والطرق المعبدة والمستشفيات ذات الخدمات الصحية الممتازة، فضلا عن تشييد المدارس التي تفك الدوام المزدوج.
ولا تقل أهمية عن ذلك توفير فرص العمل للشباب الخريج الذي فقد هذه الميزة وأصبح يتسكع في المقاهي نهارا وحتى ساعات متأخرة من الليل، فعندما تتوفر جميع هذه المرفقات للفرد العراقي تكتمل الفرحة التي ابتدأت عندما سمع تصريح وزير التجارة بزيادة مفردات الحصة التموينية.
اضف تعليق