العراق هو السوق الحر للصراعات الدولية مباشرة او بالوكالة، الوكلاء ينفذون توجيهات خارجية بضرب وكلاء اخرين، او يضربون القائد الاصيل، ودول التوكيل قد تتدخل مباشرة اذا اقتضت الضرورة لانقاذ الوكلاء، مواجهات مستمرة بين الدول، وصراع دائم، وتزاحم على النفوذ، كل طرف ينظر للاخر على انه اجنبي، او عميل للاجنبي...
العراق هو السوق الحر للصراعات الدولية مباشرة او بالوكالة، الوكلاء ينفذون توجيهات خارجية بضرب وكلاء اخرين، او يضربون القائد الاصيل، ودول التوكيل قد تتدخل مباشرة اذا اقتضت الضرورة لانقاذ الوكلاء.
مواجهات مستمرة بين الدول، وصراع دائم، وتزاحم على النفوذ، كل طرف ينظر للاخر على انه اجنبي، او عميل للاجنبي، وحتى لو لم تكن كذلك فبمجرد خلافك مع أي وكيل يتم وصمك بالعمالة للخارج، فما يجري الان هو حالة حرب، ولا نقاش قبل عودة الاسلحة الى مخازنها.
أي خصم للموكل هو اجنبي، وأي صديق للموكل هو وطني حتى وإن باع جزءا من الوطن، معيار الاجنبي هنا ليس الخارجي الذي يقفز على اسوار الوطن، فالوطن بدون اسوار اصلا، والجميع يفعل ما يشاء في اطار حفظ مصالح حلفائه مع مراعات توازن القوى بين الاعداء، وكلاء واصلاء.
لذا فمعيار الوطني والاجنبي فيه معنى باطني، كل خصم هو اجنبي اذا كان قادما من دولة اخرى، او هو عميل لذلك الاجنبي اذا كان متحدرا من تراب الوطن، والحال ينطبق على الجميع.
الكل اجانب او عملاء "الا انا" ونقصد انا حديث المتصارعين عن انفسهم، هذا هو منطق والصراع وعلى اساسه تسير عجلة الاحتراب والتدمير المستمر.
جغرافيا الصراع يبدأ من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال، هناك حيث تقيم تركيا قواعد عسكرية بطريقة غير شرعية، والحجة محاربة حزب العمال الكردستاني، اما الهدف الحقيقي فهو تثبيت موطئ قدم في الشمال لتتحكم بمصير المواطنين هناك ومن ثم تستخدمهم تروسا للتفاوض وبناء قاعدة لمصالحها الاستراتيجية في العراق.
اعتمد الاتراك على ضعف الوضع السياسي والامني وانشغال قادة البلاد بصراعاتهم الداخلية ووكالاتهم لصراع الكبار فتسللت على طول السنوات الماضية لتعزز قواعدها التي يصعب الان طردها منها بالطرق السلمية، ويصعب حتى اعلان معارضة وجودها لان هناك من العراقيين من جندته تركيا لصالحها، او هو يتبرع مجانا وبدون تنسيق معهم للدفاع عن وجودهم لاسباب تتعلق بمصالحه او الايدلوجيا التي يتبعها.
في الجنوب توجد ايران، هي لا تملك قواعد مثل الاتراك، لكنها تملك اتباعا اكثر باضعاف اتباع الاتراك، يعلنون ولاءهم لولاية الفقيهة في ايران، وينتظرون المواقف الرسمية الايرانية ليتخذوا مواقفهم، يأتي قائد فيلق القدس الى بغداد في اكثر من مناسبة لضبط ايقاع حلفائه الذين سحقوا صورة رئيس الوزراء باقدامهم، واستعرضوا قوتهم العسكرية في المنطقة الخضراء بسبب اعتقال احد قادتهم، وهم يستهدفون البعثات الدبلوماسية والعسكرية الاميركية بشكل شبه يومي.
يتلقى حلفاء ايران التدريب والاستشارات العسكرية والدعم بالسلاح من الحرس، يضربون كل اعداء ايران، باعتبارهم اجانب، ولا يخفون نواياهم عن الرأي العام فالانتماء لايران ينطلق من ثوابت عقائدية كما يقولون.
اما الاجنبي الاكبر فهو الولايات المتحدة الاميركية، فقد اخذت من زوايا المعسكرات العراقية مقرات لها، فضلا عن تحويل سفارتها في بغداد الى مقر عسكري يحتوي على انواع الاسلحة والجنود ولم تتردد في توفير دفاعات جوية للسفارة وهو ما لم يحدث في اي دولة ذات سيادة.
لو راجعنا المفهوم المجرد للاجنبي، فكل هؤلاء اجانب، وكل من يتعاون معهم ضد دولته فهو عميل، وكل من يقف بوجه تطلعاتهم بتجرد ودون انحياز لاجنبي على اجنبي اخر فهو وطني حقيقي، لكن هذه الاحكام لا تسري في العراق، لان معيار الوطنية والعمالة لا توجد له جذور عراقية، فهذه مصطلحات تحددها دول الخارج ويطبقها ابناء الوطن.
المشكلة ان ابناء الوطن اليوم يتحاربون بينهم، ويخونون بعضهم البعض لصالح هذا الاجنبي او ذاك، وهذا ما ضيع المعيارية في قياس المساحات الوطنية وبات كل عراقي حقيقي غريب في وطنه بل هو المتهم وغيره يتسيدون الوطن.
اضف تعليق