لابد من الاعتراف ان العمل في السنوات الماضية لم يكن مقنعا، والنتائج الملحوظة اقل بكثير مما متاح من إمكانات امام الحاكمين، وعليهم قبل ان ينتهي وقت الامتحان النهائي ويحرمون من العبور الى مرحلة أخرى، وتضييع هذه الفرصة مثلما ضيعها السابقون وبقوا يعضون اصابعهم ندما على...
ما تعرض له الشعب العراقي طيلة السنوات الماضية لاسيما العشرة الأخيرة يتطلب من النخب السياسية انهاء مرحلة الحيلة والتلاعب بالمال العام والبحث عن الامتيازات، والبدء بمرحلة العمل، للمحافظة على الود الضئيل تجاههم من قبل بعض الافراد.
جميع المؤشرات والمواقف الشعبية تؤكد ان الكيل طفح، وان الشعب العراقي بمختلف شرائحه، يقوم بالبحث عن شخصيات أخرى مستعدة لتقديم الخدمات وتغيير الموازيين لصالح الجماعة وليس المصلحة الخاصة والكسب الفردي على حساب فائدة الجميع.
ثمانية عشر عاما من الحكم ولم تستقر العملية السياسية في العراق، ولا تزال الحكومات تُشكل مؤقتا، والتجاذبات السياسية والصراعات على أوجها، ويبقى المواطن لا حول ولا قوة، ولا مخرج من حالة الفوضى التي يعيشها والدوامة التي يمر بها، مالم ينتمي لاحد الأحزاب المتشبثة بالسلطة والقبول بالإملاءات التي يفرضها أصحاب القرار ليكون مرضيا عنه، والا فهو خارج قواعد اللعبة المشبوهة.
ما يجبرنا على التحدث بهذه اللغة هو الاحداث المتفرقة التي مر بها العراق، ومواقف القيادات غير الواضحة، وعدم معرفة ما تريد فعله عبر سلطاتها وتحكمها بأموال وموارد الدولة غير المتناهية، اذ فضلت مصالحها من منطلق الالتزام بالقانون، لكنها في الواقع فرضت نفسها وفق قانون القوة بكل ما يحمله من تجاوزات مرفوضة.
ولم يعد مقبولا الاكتفاء بتحليل الأوضاع او القبول بالرفض لهذه السياسات المدمرة للبلد بمختلف تفاصيله، بل على الشريحة السياسية البدء بمرحلة جديدة تلاءم حجم الخراب الذي شهدته البلاد، فجميع الظروف مواتية لمرحلة العمل الجديد ضمن أساليب أكثر قدرة على مواجهة المرحلة الراهنة.
فلماذا لا تعمل الطبقة السياسية مع وجود بيئة تساعد على تقديم أشياء كثيرة وليس شيئا محددا؟
من دواعي عدم العمل في الوقت الحالي هو ان الحكومات غير مستقرة، وان من يستأزر احدى الوزرات، ينشغل بإرضاء حزبه او الجهة التي منحته هذا الحق لشغل المنصب، ومن ثم الجري وراء أقصر الطرق لزيادة ثروته وتضخمها واخراج الضريبة الحزبية.
يخطئ من يضن ان الطبقة الحاكمة تتسم بنوع من الذكاء، والدليل على ذلك انها تحكمت بجميع مفاصل الدولة، منذ ان كانت الموارد خيالية ولغاية الآن، لكنها فشلت في بناء قاعدة جماهيرية تستند اليها في المتغيرات السياسية، فقد كونت جمهورا مرحليا، مؤقتا، تبدد بالتزامن مع فقدان السيطرة على الحكم وهو ما حصل مع دولة القانون عندما حصدت أكثر من ثمانين مقعدا في انتخابات 2010، بينما لم يتجاوز الثلاثين مقعدا في الانتخابات اللاحقة والفارق كبير جدا.
عندما نقول ان مرحلة العمل يجب ان تبدأ من اليوم، يعني الفرصة امام الأحزاب السياسية لا تزال قائمة، لمعالجة الأخطاء التي وقعت بها في الفترات الماضية، فجميع الظروف ملائمة للعمل بوتيرة أسرع وأكثر خدمة للمواطنين، فالسلطة لا تزال بيد ذات الجهات المتنفذة في السابق، ومن أبعدته الإرادة الشعبية او الحزبية، لا يزال يتمتع بنفوذ كبير عبر المُدانين له بالفضل من مدراء عامين وغيرهم من القادة الأمنيين.
وعلى الرغم من ضيق المدة المتبقية على اجراء الانتخابات المحددة في تشرين المقبل، والتي تؤكد بعض المصادر على عدم اجراءها لأسباب سياسية لا غير، فان العمل على كسب الوقت لا يزال متاحا، والناخب العراقي، لم تغير كثيرا، ولم يرفع سقف طموحاته، فهو الى الآن يحلم بطرق معبدة، ومد شبكة مياه صالحة للشرب في المناطق النائية، متنازلا عن بناء المستشفيات المتطورة، والمدارس ذات المواصفات العالمية.
معالم الرفض التي تحصل هنا وهناك في مناطق متفرقة من العراق، تشير الى الرفض المستمر، ولتأكيد أن المضي على هذا المنهج من قبل السياسيين الحاليين، سيكون له تداعيات طويلة الأجل وتكلفة فعلية على الطبقة السياسية أولا وعلى البلاد ثانيا، وخصوصا ان التحركات الشعبية الأخيرة ليس ترفا وإنما تبين رغبتهم في انهاء الممارسات المرفوضة من قبل الجميع.
لا بد من الاعتراف ان العمل في السنوات الماضية لم يكن مقنعا، والنتائج الملحوظة اقل بكثير مما متاح من إمكانات امام الحاكمين، وعليهم قبل ان ينتهي وقت الامتحان النهائي ويحرمون من العبور الى مرحلة أخرى، وتضييع هذه الفرصة مثلما ضيعها السابقون وبقوا يعضون اصابعهم ندما على ما فاتهم، الصحوة وردم الفجوات.
يا سادة يا أعضاء البرلمان العراقي والمنضمين للمنظومة الحكومية، من وزراء ومستشارين وغيرهم فلم يعد مقبولا ان ينحصر دوركم ومسؤولياتكم في طرح القضايا التي تعنيكم، وتهم مصالح جمهوركم، والتخلي عن المهام التي أوكلت اليكم ضمن نظام برلماني يشترط توفير بيئة ملائمة لتمرير القوانين المُسنة داخل أروقة مجلس الوزراء، وظيفتها تحسين الواقع المُزري الذي يعيشه الفرد العراقي.
اضف تعليق