عند زيارته البندقية، لاحظ رسكن في مقارناته بالفن المعماري انحطاط اوربا. الانحسار المادي البطيء في البندقية جسّد الانحدار الروحي والاخلاقي في اوربا، مع خسارتها للإيمان الديني وفساد قيمها المتمثل بالانغماس الحسي والاستهلاك المادي. التصنيع وما رافقه من تقسيم العمل والانتاج الواسع، حطم روح اوربا، رسكن...
أحجار البندقية
بهجة غامرة مهيبة
فن التعالي
.......
وسط واد من أوراق الربيع
وحيث تنشر الكرمة جذورها الضالة
والسقوط الثقيل لأوراقها الخريفية،
الزيتون ينفض ثماره اللذيذة
والرياح العليلة والمياه لن يصمتا ابداً
يصنعان من الأغصان الرقيقة والحصى النقية عودا موسيقيا عالميا.
والطيور الزاهية ومن خلال الأوراق الكثيفة الداكنة
تخترق بحركة سريعة وتغمس ريشها في الندى،
الصمت والظل في كل الطرقات الساكنة
بعيدا في أعماق السماوات الصامتة
حيث النجوم الساكنة الباردة المتناثرة
تنتصب قمة كارارا الشاحبة(1)
لا صوت عاصفة ولا زوبعة حمقاء
يمكنها ان تكسر قشعريرة العزلة الرخامية
هم لا يستمعون ولا يجيبون لرقودهم الجذاب
لاعشب أخضر ولا نسمات شيء متحرك يمكن ان تغيّر أجواء الموت.
حصل جون رسكن (1819-1900) على التعليم في البيت بواسطة ابويه، ابوه التاجر أعطاه كتب الشاعر البريطاني بايرون وشكسبير للقراءة، بينما امه الانجيلية ألقت به في أعماق انجيل الملك جيمس. في سيرته الذاتية يتذكر رسكن بفرح طفولته وكيف انها اتسمت بغياب شيئين: الاصدقاء والالعاب. لكن موهبته كانت متعددة، هو صنع اسمه كمبتكر وناقد فني، راعي للفن، رسام، فنان في التلوين المائي، ناقد اجتماعي، وانسان سخي محب للخير. هو كان نصير للجمال في الفن والطبيعة ومؤمن بإمكانية ان يرفعنا الفن الى ما وراء التجربة العادية للحياة. هو ربما اكثر شهرة كشخص متحدث عن فن ما قبل الرافائيلية(2).
عند زيارته البندقية، لاحظ رسكن في مقارناته بالفن المعماري انحطاط اوربا. الانحسار المادي البطيء في البندقية جسّد الانحدار الروحي والاخلاقي في اوربا، مع خسارتها للإيمان الديني وفساد قيمها المتمثل بالانغماس الحسي والاستهلاك المادي. التصنيع وما رافقه من تقسيم العمل والانتاج الواسع، حطم روح اوربا، رسكن ذاته عانى أزمة ايمان، معلنا انه واجه "عدم تحول" عظيم من المسيحية الانجيلية بعد مقارنة المشاعر الجمالية التي امتلكها حين ينظر الى لوحة معينة بملل أحس به وهو يستمع الى موعظة كئيبة.
لا فائدة من تنقيب الجيولوجيون في اسس الايمان: "تلك المطارق الرهيبة" حسبما يذكر رسكن، "انا أسمع طقطقة في نهاية كل إيقاع لآيات الانجيل". كان قويا كمترجم للفن والمجتمع، لكنه كان أقل بطريقة اخرى. زوجته حصلت على الطلاق بادّعائها ان زواجهما لم يكتمل بعد سبع سنوات. هو رفض الطعن برجولته وأعلن عن استعداده لإثبات عكس ما يدّعون.
اضف تعليق