اهدر العراقيون سنوات يبحثون عن بناء عقد اجتماعي دستوري يعزز مفردات الحكم الرشيد، فيما تكرر خلال هذه الأعوام الدعوات للحوار الوطني واليوم يتكرر ذات المشهد في دعوة رئيس الجمهورية الى عقد اجتماعي دستوري جديد، فيما يدعو مصطفى الكاظمي الى تطبيق الحوار الوطني قبل الذهاب إلى الانتخابات المقبلة...

اهدر العراقيون سنوات يبحثون عن بناء عقد اجتماعي دستوري يعزز مفردات الحكم الرشيد، فيما تكرر خلال هذه الأعوام الدعوات للحوار الوطني واليوم يتكرر ذات المشهد في دعوة رئيس الجمهورية الى عقد اجتماعي دستوري جديد، فيما يدعو مصطفى الكاظمي الى تطبيق الحوار الوطني قبل الذهاب إلى الانتخابات المقبلة.

فما حدا مما بدا؟؟ هل ستحرك رياح تشرين الغاضبة شراع الحوار ام ان كلما نقوله اليوم لا يصمد في التطبيق حتى الغد؟

تساؤلات مثيرة وحائرة تبحث عن إجابات عملية لا يمكن ان تبدا الا عبر الوضوح والشفافية ما بين افكار سياسية واجندات حزبية وسياسات عامة مطلوب اعادة نظر شاملة في انماط وأساليب تطبيقها.

الأفكار السياسية برمتها متعارضة ما بين فكر اسلام سياسي يغيب الالتزام بالهوية الدستورية للعقد الاجتماعي كونها تعتبر فكرة سيادة المواطنة الدستورية تتعارض مع اصول الاممية الإسلامية، وهذا ذات منهج الاحزاب القومية ناهيك عن الفكر الشيوعي الأممي.

يقابل ذلك اجندات حزبية ما زالت قياداتها تتعامل مع سيادة الدولة الوطنية العراقية بموجب ما كانت عليه في أيام المعارضة، وهكذا يتكرر مشهد المخاوف على مستقبل وجودها بعنوانها كاحزاب للمكونات وليس احزابا لكل العراقيين، وهكذا ولدت السياسات العامة للدولة جميلة في مبنى المعاني اللفظية ومتخلفة في التطبيق بسبب شيوع مبدا مفاسد المحاصصة لادارة الدولة وليس الحكم الرشيد.

يضاف الى ذلكوجود التعارض بين محور المقاومة الرافض للتعامل مع القوات الأمريكية بغير وصف قوات احتلال، والميول الكردية وبعض محافظات غرب العراق بأهمية بقاء هذه القوات بصفات أخرى، لمواجهة الإرهاب الداعشي .

وما بين هذا وذاك وجود وكلاء عراقيين يمثلون الصراع الأمريكي الإيراني والاطراف المتحالفة مع أي منهما، مما جعل اي حديث عن حوار وطني، وفق معايير الفقه السياسي لابد وان يبدا بين واشنطن وطهران ومن ثم التعامل مع الوكلاء العراقيين لكلا الطرفين.

يقابل ذلك ايضا ان الجميع يتحدث عن الاصلاح ويتفوق على الآخر في توصيف الوطنية، فيما يزداد معدل الفقر والتضخم والبطالة بأرقام مخيفة مقارنة بمواد الريع النفطي، ولا ننسى التعامل مع مخلفات داعش الارهابية في اهمية الغاء الحواضن المجتمعية، وايجاد تلك الحلول المنشودة للنازحين واللاجئين في مختلف الدول، ناهيك عن اعمار المدن المدمرة والمنكوبة بعد عمليات التحرير، في إطار هذا الواقع وربما هناك امور اخرى ..يتطلب وضع خارطة طريق للحوار الوطني، كيف يمكن انجاز الاهداف المطلوبة لنجاح هذا الحوار؟

هناك ادلة عمل دولية مأخوذة من تجارب الشعوب والأمن، تبدا في تحديد مفهوم السيادة الوطنية.. وهذا ما يتطلب طرحه في اي حوار منشود للاتفاق على تطبيقات فضلى لمضمون السيادة الوطنية العراقية، واعتقد من دون التوصل الى اعادة صياغة تعريف السيادة الوطنية في السياسات العامة للدولة العراقية، تبقى جميع الامور خارج اعلوية هذا التعريف الأساس في الارتكاز عليه لاي حوار وطني مقبل.

هكذا نفهم موقف احزاب الاسلام السياسي بكل انواعها وبقية الاحزاب قومية كانت ام علمانية من هذا التعريف، وينعكس ذلك على أطراف متعددة في التعامل مع علاقات العراق الخارجية بما فيها العلاقة مع إيران من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة اخرى .. وتتفرع نحو العلاقات بين الحكومة الاتحادية والاقاليم والمحافظات غير المرتبطة باقليم.

وبعد التوصل الى خارطة طريق متفق عليها بين الفعاليات المجتمعية لوضع اسس جديدة لعقد اجتماعي دستوري متفق عليه لتطبيقات سيادة الدولة العراقية يمكن الانتقال بالحوار الوطني نحو وضع الاستراتيجية العليا للدولة نموذجا للالتزام باحكام التعريف الذي توصل اليه الحوار الوطني لمفهوم سيادة الدولة العراقية... لديمومة مستدامة في العملية السياسية.

عكس هذا ما يمكن ان نتوقع ان يكون؟ ربما الكثير من يرفضون الحوار الوطني العراقي اليوم نحو تطبيقات واضحة وصريحة ومفهومة للسيادة العراقية، يتخوفون من غضب شعبي عارم يعيد صدى احداث ما بعد ١٤ تموز ١٩٥٨، عندها لات ساعة مندم، ويطبق عليهم المثل العربي الماثور(على نفسها جنت براقش) بعد ثورة الجياع المقبلة بلا ادنى شك في حالة فشل الانتخابات المقبلة، لذلك مطلوب اليوم اعادة صياغة واقعية لتطبيق خارطة طريق عراقية تلغي الكثير من التعارض وتبدأ بنقاش عام من اجل مشاركة اكبر في الانتخابات المقبلة، ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق