يترقب العراقيون نتائج الانتخابات الأميركية التي تجري الثلاثاء، في ظل تذبذب أصوات الاميركيين بين الرئيس الحالي دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري، وجو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي، فما يحدث في اميركا له انعكاس مباشر او غير مباشر على سياسة واشنطن بالعراق، وما يترتب عليها من نتائج سلبية في كلا الحالتين...
يترقب العراقيون نتائج الانتخابات الأميركية التي تجري الثلاثاء، في ظل تذبذب أصوات الاميركيين بين الرئيس الحالي دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري، وجو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي، فما يحدث في اميركا له انعكاس مباشر او غير مباشر على سياسة واشنطن بالعراق، وما يترتب عليها من نتائج سلبية في كلا الحالتين.
خيارات العراقيين صعبة وامنياتهم باتت اختيار السيء والاسوأ، ترامب بالنسبة لهم يعني فتح جبهة عسكرية واقتصادية وتضييق الخناق على الجارة إيران، أي ان فوز ترامب بمثابة اعلان حرب، والعراق هو الترس الذي يستخدم فيها، والساحة التي تجري عليها الصدامات بين الطرفين الأميركي والإيراني.
والحرب في ميزان الخسارة والربح فائدتها صفر بالنسبة للعراق في حال فوز اميركا، وهي صفر أيضا في حال خسارتها، لا يحصل العراق على عائد على شكل حزم من الاستقرار والتقدم الاقتصادي، انما خسارة أحد طرفي الحرب يعطي هيمنة وقبضة حديدية للطرف الثاني، اما إيران واما اميركا.
وفي حال فوز بايدن يخشى العراقيون من عودة مشروع التقسيم الذي طرحه منذ عدة سنوات، ورغم ان هناك حديث عن صعوبة تطبيقه بل واختلاف سياسته كرئيس عن سياسته كمرشح، فان ما يقلق العراقيين أكثر هو سياسة الديمقراطيين الضعيفة تجاه ملفات الشرق الأوسط المعقدة، ويتذكرون سياسة أوباما التي لم تسفر عن أي حلول، بل فاقمت المشكلات وزادت منها، وحتى الاتفاق النووي الذي يعتبره الديمقراطيون انجازهم الأكبر، ينظر اليه العراقيون وسكان الشرق الأوسط على انه البداية لتوسيع نفوذ إيران على حساب الدول الأخرى.
صحيح ان علم السياسة يؤمن بتأثير القوى الخارجية على الدول، لكن ليس بالطريقة التي تؤثر بها القوى الدولية والإقليمية على السياسة العراقية، مخاوف العراقيين اليوم نتائج الانتخابات الأميركية تعكس حجم التبعية وضياع السيادة الوطنية، وتحول العراق الى دولة مرتهنة للخارج بشكل واضح، فأي تغير في قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، سواء بين الدول الكبرى نفسها، او بين الدول الكبرى والإقليمية سينعكس على العراق بشكل سلبي دون أي فوئد إيجابية لان العراق سيكون جزءاً من الصفقة وليس فاعلا فيها.
اليس العراق هو من وقع اتفاقية استراتيجية مع شركة سيمنز الألمانية، بقيمة 15 مليار دولار، وبما يضمن تأهيل منظومة الكهرباء الوطنية خلال مدة قياسية، لكن الولايات المتحدة رفضت، رغم انه قرار سيادي عراقي محض، أجبرت واشنطن بغداد على تعليق عقدها مع سيمنز، وتوقيع عقود جديدة مع شركات أميركية أبرزها جنرال الكتريك، وبمليارات الدولارات وبدون أي تحسن بواقع الكهرباء الوطنية العراقية، وبقيت الازمة على حالها تلاحق قادة العراق باعتبارها شاهداً على الفشل خلا سنوات من الحكم بعد سقوط النظام الديكتاتوري.
هذا مثال واحد من امثلة أخرى للتدخل بالسيادة الوطنية العراقية، وارتهان القرار الوطني بيد الخارج، ما جعل العراق ساحة للعب وليس لاعباً، بلد ينتظر انتخابات غيره ولا يؤسس قاعدة رصينة لانتخاباته، المواطن العراقي والمسؤول على حد سواء يهتمون اليوم بالانتخابات الأميركية بشكل كبير.
على قادة العراق التفكير بكيفية التخلص من التدخلات الخارجية، وحل مشكلة الارتهان بالخارج وتعليق النجاح او الفشل لدول أخرى، بين رئيس قديم او جديد متطرف او معتدل، والحل يأتي عبر خطة طويلة الأمد تستمر لعدة سنوات، وهذا يفرض وجود اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية على برنامج موحد تسير عليه الحكومات المقبلة، أي تفعيل استراتيجية وطنية شاملة، اما البقاء على السياسيات الانية والمرتجلة، فلا نفع فيها وتزيد من التدخلات أكثر مما تنهيها لان الأطراف الدولية عندما تشعر بالخطر تعمق تدخلها من اجل حماية مصالحها.
اضف تعليق